بشارة: سأستقيل وسأعود للبلاد- وفق إيقاعي ووفق قواعد اللعبة الجديدة

* قدرة الديمقراطية الإسرائيلية على تحمل خطنا وصلت حدّها * لا مانع من التعددية، ولكن يجب أن تكون هذه التعددية تحت السقف الوطني الفلسطيني، وليس الإسرائيلي *

بشارة: سأستقيل وسأعود للبلاد- وفق إيقاعي ووفق قواعد اللعبة الجديدة
أجرت قناة "الجزيرة" ضمن برنامج "لقاء خاص"، مساء الأحد، لقاءً مُطوّلاً مع النائب د. عزمي بشارة، رئيس "التجمع الوطني الديمقراطي"، حول الحملة السياسية والأمنية التي تُشن ضده وضد "التجمع"، وحول التساؤلات التي ترافق هذه الحملة.

وقال بشارة في اللقاء، ردًا على خطواته القادمة والقرارات الحاسمة: "سأستقيل نعم. لا أعرف متى. والعودة إلى الداخل، طبعًا، وأنا أفكر متى. هذه قضية أيقاع"، وهي متعلقة بقواعد اللعبة الجديدة.

وفي ردّه على سؤال حول قرار محكمة الصلح في بيتح تكفاه، اليوم، باستمرار التعتيم المفروض على حيثيات القضية، قال بشارة: "يوجد أمر منع نشر صدر عن الشرطة ووافقت المحكمة عليه. حاولنا منعه من أجل الردّ. فهم من ناحية يمنعون الحديث عن التحقيق الجاري، ومن جهة أخرى يسرّبون معلومات عنه. وأنتَ تعرف كم هو هائل التحريض. نحن نرى موجة هستيرية غير مسبوقة. كأنه آن أوان الحساب مع عزمي بشارة". وأضاف بشارة: "هذا الطريق الذي اخترته في العداء للصهيونية أو لطبيعة الدولة، سيؤدي حسب مفاهيمهم وبالضرورة إلى مخالفات أمنية خطيرة- وهم يريدون أن يستنتج العرب هذا."

وحول التهم والتلفيقات الأمنية التي تُوجه إليه، قال بشارة: "كنت أعرف بالتهم الأمنية قبل أن أخرج في جولتي الحالية. كان في نيتي العودة للبلد، ثم انفجرت حملة تحريض كأنّ عزمي اختفى، وهي مُنسّقة ومُوجّهة بشكل يُستفاد منها بأكبر قدر ممكن. وقد تفجّرت كل الأحقاد والعنصرية ضد العرب. لقد حاكمونا على طرح دولة المواطنين، وعلى زيارات "دول عدو"، وحاكمونا على قضايا دستورية، وعلى قضية دعم حق الشعوب في المقاومة، أي دعم العنف بوجهة نظرهم، وفي كل مرة كانوا يفشلون، كانوا يشرعون قوانين ضدنا بشكل تراجعيّ".

وحول سؤال عن كون التهم "أمنية من العيار الثقيل"، وعمّا تغيّر الآن حتى تصبح هذه القضية ثقيلة جدًا، قال بشارة: "الحقيقة أنه في العام 96 كان نوع من التسامح، مع أنّ اليمين وقسمًا من اليسار الصيهوني خرجوا ضد نزع الفكرة الديمقراطية منهم، وأصبحنا نوجّهها بشكل مُعادٍ للصهيونية. وجرى التحريض والملاحقة. وفي عام 2000 حصل كسر وبعد الانتفاضة والتضامن والتفاعل مع شعبنا الفلسطيني، سجنوا الشيخ رائد صلاح، واستخدموا السلاح وقتلوا أناسًا. وروّجوا لنظرية أننا انتقلنا من منظومة مارتن لوثر كينغ إلى منظومة مالكولم إكس (اللجوء للعنف).

"نحن موقفنا في منتهى الوضوح: لسنا مُهاجرين نطلب المساواة، نحن سكان البلد الأصليون، ولن نكون وطنيين إسرائيليين".

وحول نوعية التهم، تطرق بشارة إلى ذلك، مع الأخذ بعين الاعتبار التقييدات المفروضة بسبب أمر منع النشر: "تخيل أنّ لك أصدقاء في كل العالم العربي، أن تشبّ عن الطوق، فيتنصّتون على مكالماتك ويقولون إنك منحت معلومات للعدو في زمن الحرب. هم يريدون من القيادة (العربية في الداخل) أن تتصرف كأولاد صغار.

وقال بشارة إنّ التصور الذي يطرحه هو تصور وطني فلسطيني عروبي، مستند على الإيمان بالديمقراطية، وبالتدريج استنتجوا أنه يجب ربط هذا الخط المساند للمقاومة وضد الاعتداء على لبنان، مع حتمية أن يؤدي في النهاية إلى تهم أمنية.

وحول طبيعة التحقيق وما يجري، قال بشارة إنّ التحقيق لم ينتهِ؛ "خرجتُ في جولتي وكنتُ في طريق العودة (بعد انتهاء البرنامج)، ولكنني تفاجأت من حدّة الهجمة الحالية، وهذا جعلني أتريث. أنا سمحوا لي بالخروج رغم التحقيق لأنني نائب ولي حصانة. أنا كنت أنوي الاستقالة من الكنيست بعد 11 سنة عضوية فيها، ولو قدمتها فعلا بعد تمرير قانون البوليو لاعتقلوني على ذمة التحقيق فورًا. لم تُنزع حصانتي لأنه لم تُقدم لائحة اتهام".

وأضاف بشارة حول التحقيق نفسه: "جلست جلستين (في التحقيق) وسمعت الأسئلة وفوجئت بالحجم الذي يخططون له. أنكرتُ التهم، ولستُ في صدد البحث عن شعبية رخيصة، بل أنكر التهم من منطلق المسؤولية".


وحول سؤال عما إذا كانت الحملة وهو في الخارج هي لمنعه من العودة، وهل هي فخ، قال بشارة: "مواعيدي معروفة سلفا. شاركت في تحليل القمة العربية في "الجزيرة" وفي "المنتدى"، ونحن الآن في عطلة في البرلمان. ولكن حصلت حملة منسقة وهجومية. والآن نسأل: تعو تنشوف، شو عم بعدّو؟... بيتي صُوّر ونُشر في الإعلام وكان اُعتدي على بيتي سابقًا، وأحد المعتدين على فكرة كان شرطيًا. حجم الحملة يثير ألف سؤال وسؤال، وحول قواعد اللعبة. رئيس الشاباك السابق صرّح (أمس؛ القناة العاشرة) بأنه يجب وضع حد لظاهرة عزمي بشارة. قدرة الديمقراطية الإسرائيلية على تحمل هذا الخط وصلت حدّها، واتجاه التهم أمني، يأتي بعد حرب فاشلة، والبحث الآن عن شخص يُلام على هذا الفشل". وحول التسريبات والتلفيقات والمعلومات الكاذبة التي تُبث وتُنشر حول خطوات بشارة القادمة، قال سُئل بشارة: أصلا أنت قدمت استقالتك في سبتمبر الماضي. وهناك حديث عن أنّ بشارة سيستقيل أو يعتزم الاستقالة وسيبقى في الخارج، في قطر، وستُوظف في "الجزيرة"، فأجاب بشارة: "هذه مجموعة تسريبات وتساؤلات هائلة. تٌسرّب بأنني سأستقيل، وتحتل عناوين رئيسة. يعني، يجب أن أشعر بالإطراء أنّ استقالة نائب في البرلمان تجتذب كل هذا.

"لا شكّ أنّ التجربة البرلمانية التي أنجزناها غيّرت الكثير. وعلى المستوى الدولي أيضًا. فنحن نقول إنّ دولة إسرائيل ليست دولة مدنية بل يهودية، وهذا هو خطاب السكان الأصلييين. أنا مُقتنع بأنّ الأدوات البرلمانية لي كمُعارض اُستنفدت. الآخرون سيستمرون، وأتمنى لهم النجاح. أنا أكتب في الأدب والسياسة والثقافة، وأسّستُ حزبا، وتصل إلى مرحلة وتقول أنا قسطي في هذا وفيته. وتوجد مرحلة، اُستنفدت واستنزفت. لقد خُضنا تحديًا، ونحن نقول وقلنا دائمًا: قدما الحركة الوطنية على الأرض ( في الداخل)، والرأس في السماء".

وحول التسريبات والتساؤلات حول مسألة عودته أم عدم عودته إلى البلاد، قال بشارة: "أنا خرجتُ في رحلة مُعدّة سلفا. هذه المرة، بسبب البرامج والعطلة البرلمانية، طالت. ثم بدأت الحملة. والتأجيل أتي لنرى ولنتريث. أنا لستُ مضطرًا لتقديم أجوبة وفق طلبهم. لا يوجد قرار بعدم العودة. توجد اقتراحات عمل، ولكنني لا أبحث عن عمل في الخارج".

وسُئل بشارة أيضًا: يقولون إنه على رجل يعمل في السياسة أن يواجه مصيره؛ أن يعود ويُحاكم ويتحمّل تبعات خياراته، والآخرون يقولون: ربما من الغباء أن يعرف أنه يواجه حكمًا مؤكدًا ويذهب إليهم... لسجن مؤبد ربما، فأجاب بشارة: أنا دائمًا قال لي الأصدقاء والمقربون وغيرهم إنّ نهايتي ستكون "يا شهيد، يا منفيّ، يا سجين. ليس هذا ما يشغلني. في النهاية أنا صاحب قراري، ولكن ما يقلقني هو قواعد اللعبة. فما معنى أن أثبت براءتي للإسرائيليين؟... شيء ما فيك يتمرّد على هذا... في هذه المرحلة بعد ما خضناه، وفي هذا الجيل، يوجد استصغار في هذا، ما هذا التقزيم؟... بأنني أضطر لأبرّر طيلة الوقت...

"هل من المعقول أننا في وضعنا التاريخي كأصحاب البلد سنظلّ نبرر أنفسنا مع صحافيين ومحققين؟.. فما المطلوب؟.. أن أثبت ولائي لإسرائيل.

وسُئل بشارة: البعض في الصحافة الاسرائيلية اعتبر أن قضية بشارة هي مفترق طرق فيما وصلت إليه علاقة اليهود والعرب في الخط الأخضر. هل معنى ذلك أن يكون ما يحصل درسًا لأسلوب معين في التعامل مع المؤسسة الحاكمة؟

وعلى هذا أجاب بشارة: "العرب في الداخل مثل باقي العرب: أناس، لهم مصالح، أحزاب، تيارات. في كل دولة يوجد أناس مرتبطون مصلحيًا مع الدولة، مثل موظفين، عمال... ولكنهم حاولوا خلق شخصية "عربي إسرائيلي" مشوهة. مفهوم العربي الاسرائيلي مُشوّه ثقافيًا وأخلاقيًا. وهم يُركزون (في الهجمة) على الشخص لأنه أنتج فكرًا وثقافة عربييْن. ولكن الحركة، التوجه، ممنوع أن نعيد النظر فيهما. بمعنى: ممنوع اعتبار الحالة منعطفا، وبالتالي العودة إلى نموذج العربي الإسرائيلي، أي أن تكون كالغراب الذي رغب في تعلم مشي الحجلة، فلا نجح في تعلم مشيها ولا تذكر مشيته نفسه، أي أنه ليس إسرائيليًا بالكامل وليس عربيًا بالكامل."

وقال بشارة إنّ جميع وسائل الإعلام تتابع القضية في عناوينها الرئيسية، وهم يبحثون عن كيفية مكافحتك وتشويه أقوالك. هل يدركون ما هي كتبنا بالعربية، عن التاريخ والقضية الفلسطينية وطرحنا الحقيقي للمساواة.. كل هذا يصل مُشوهًا. والإعلام الإسرائيلي في المفارق القومية، مثل الحرب الأخيرة على لبنان، والانتفاضة، وما يجري الآن، يتوقف عن كونه تعدديًا. الآن، في الهجوم الاسرائيلي على "التجمع"، الإعلام الإسرائيلي أقلّ تعددية من الإعلام العربي.

وسُئل بشارة: أعداؤك ليسوا من الإسرائيليين، فقط. ذُكر استياء من أوساط عربية معينة، أيضًا. البعض يزعجه سطوع نجم بشارة... ويقولون إنّ هناك أجندة شخصية للبروز...

فأجاب بشارة: "لا بأس من التعددية والنقاش إذا كانا يجريان تحت سقف وطني، وليس تحت سقف إسرائيلي، عن طريق تعاون مع الإعلام الإسرائيلي والأمن الإسرائيلي، أيضًا. التوجه إلى إنه يوجد قيادي سياسي يجمع الفكر والقيادة والسياسة ورفض فكرة النجومية، هذا لا نخجل به، بل هو مصدر فخر عند الشعوب، خاصة أنّ السياسي في العصر الاستهلاكي أصبح انتهازيًا. كما أنك لا تستطيع أن ترضي جميع الناس. من هو القائد العربي العظيم الذي يُرضي غالبية الناس في بلده؟..."

وسُئل أيضًا: ألا تعتقد بأنّ عزمي بشارة يريد أن يخرج من الساحة الفلسطينية المحلية ليلعب دور الزعيم الفلسطيني الأوسع؟..

فأجاب: يوجد أناس يتمنون أشياء معينة، وليته كذا وكذا وكذا... إذا سألتني ماذا أريد فأنا أريد التفرّغ للكتابة الأدبية والإبداع الفكري. نحن نواجه اليوم مسائل وأسئلة كبيرة على المستوى العربي، مثل المنعطف العراقي في التاريخ العربي، ومحاولة تقسيمنا لطوائف. أسئلة: ماذا يفعلون بنا؟ الى أين نحن متجهون اليوم؟... متعتي الاساسية هي الانتاج الفكري والأدبي... كما أنه يوجد ازدحام على مستوى القيادة العامة. ليس لدي طموح ولا أتجه في هذا الاتجاه. الآن أمامنا معركة حادة، وكما أعرف الناس فإنهم يدركونها جيدًا."

hasan

التعليقات