تخطيط ميزانية رمضان دون الدخول في أزمة مالية

تخطيط ميزانية رمضان دون الدخول في أزمة مالية

لم تعتد معظم العائلات العربية الشراء والإنفاق من خلال عملية تخطيط وجرد لحسابات الاستهلاك والمدخول في البيت.

وفي رمضان ترتبط بعض الأمور الأساسية بالأسرة المعنية بتنظيم سيرورة الشهر الفضيل دون الدخول في أزمة مالية كبيرة، بسبب عدم التخطيط المالي السنوي لأرباب الأسر.

وتنبُع الأزمات المالية من سلوكيات شراء وإنفاق خاطئة، بدءا بالطعام والشراب والتسوُق لاستقبال رمضان.

وإذا لم تتبع الأسرة المكونة بالأساس من الوالدين والأبناء حسابات دقيقة متعلقة بالمدخولات والمصروفات، فإن احتمال دخول الأسرة في أزمة مالية جدية أمر متوقع بكل تأكيد.

تخطيط سليم

وقدمت مديرة ومؤسِّسة 'ماني تايم'، والمستشارة في التخطيط الاقتصادي الشامل الذي يتضمن الموازنة، الاستثمار، التأمينات والتقاعد، ريم خلف، عددا من النصائح والتوجيهات لإدارة سليمة داخل الأسرة في رمضان.

ريم خلف

وقالت الخبيرة الاقتصادية خلف، لـ'عرب 48': 'أولا أتمنى للجميع شهرا مباركا، والسؤال الذي يجب أن تسأله العائلات بشكل عام في شهر رمضان المبارك هو كم لدي من ميزانية لهذا الشهر؟ وكيف يجب تقسيمها وتوظيفها لجميع المصاريف التي نحتاجها كعائلة خلال هذا الشهر الكريم؟ وبعد الإجابة عن هذين السؤالين يأتي القرار التالي: هل نحنُ بحاجة لأخذ قرض بنكي للشعور مع المحتاجين؟! وإذا كنا بحاجة للقرض فهل أسمح لنفسي كعائلة أن ألتزم بالقرض؟! أم علينا أن نقوم بترتيب أولوياتنا من جديد؟!'.

ونبهت خلف إلى عدم توقُف عروض التسويق والحملات في الشهر الكريم، فأكثر من مرة يلتقط السائق منشورا تظهر فيه بعض الأسعار الأقل بقليل مما هو موجود في السوق بشكلٍ فعلي!

وأضافت أنه 'يجب على العائلات أن تقوم بإجراء مقارنات في المشتريات، والتنقل في أكثر من محل تجاري كبير، لعله يوفر حتى لو القليل من العروض الجدية، فالعائلات العربية كما نعرف تعاني من الأعباء الاقتصادية، وقبل المقارنات يجب على رب الأسرة أو الزوجين التأكد من أنه لا يوجد نقص في المواد الغذائية الأساسية، هكذا تستطيع العائلات التوفير ولو القليل في مواد غذائية لا تزال مخزنة في البيت ويمكن استعمالها'.

وأضحت الخبيرة الاقتصادية أنه 'ليست هناك حاجة لشراء أكثر مما هو مطلوب، كي لا تصرف العائلة ما في الجيوب'.

المأكولات للمحتاجين

وشدّدت خلف على أهمية توزيع المأكولات على المحتاجين، بدلا من رميها في حاويات القمامة، وقالت إنه 'عادة ما تتخلل موائد الإفطار عدة أنواع من المأكولات، وهذا يخفف من هدر الطعام، علما أنّ الإحصائيات تشير إلى أن 05% من المأكولات ترمى في الحاويات، وفي الشهر العادي ترمي العائلات حوالي 30%، وهذا الأمر يُدخل العائلات في ضائقة مالية، ولو أن العائلة أجرت حسابا بسيطا حول المأكولات لما كانت ستتضرر'.

مغريات البنوك

لا تتوقف العروض البنكية التي تُلَف بورقة مغرية، لكن ليس فيها أي شيء مميّز، أو فائدة مغرية، وإذا وصلت العائلة لشهر رمضان ولم تخطط وليس لديها أي توفير وميزانية، فإنها تقع في ضائقة مادية صعبة للغاية.

وترى خلف أن مسألة التبذير تمس بميزانية العائلة لعدة أشهر لاحقة، بسبب الصرف دون حساب.

وأكدت أنه 'يجب ألا يزيد المصروف في شهر رمضان عن مصروف شهر عادي علما أن قدرات العائلات العربية معروفة بدخل أقل من المتوسط، مع ذلك لا تتوقف العائلات عن الصرف في زيارة الضيوف والأقارب، رغم شُح الإمكانيات'.

ونصحت المستشارة الاقتصادية العائلات بالبدء بالتخطيط السنوي، وفحص الميزانية الممكنة لتمرير شهر رمضان، والأشهُر التي تليه، حيثُ تحلُ الأعياد فور انتهاء رمضان، كما يجب تقسيم الميزانية بطريقة لا يتم فيها تجاوز المبلغ المحدد من قبل العائلة مع الأخذ بعين الاعتبار نموذج العام الماضي.

المشاركة في الموائد الرمضانية

وأشارت خلف إلى أهمية المشاركة في الوجبات الرمضانية من قبل المقربين، وقالت إنه 'هكذا يتم تقسيم الوجبات بين المدعوين، وهي طريقة لتخفيف المصروفات والتكلفة على العائلات، كل عائلة تُحضر وجبة، وهكذا يتم المشاركة والتعاون وزيادة الألفة والمحبة بين أفراد العائلة'.

التخطيط الاقتصادي

وفي سؤال حول أهمية التخطيط الاقتصادي الشامل، قالت المستشارة الاقتصادية ريم خلف، إن 'المجتمع العربي لم يتعلم موضوع التخطيط الاقتصادي. في الماضي كنا نشتري نقدا، وما لدى العائلة يقومون بصرفه بشكل مباشر، لكن عندما دخل النظام الرأسمالي وزادت إمكانيات الدفع بالشيكات وبطاقات الاعتماد وغيرها، أصبح من السهل على العائلات الحصول على قروض، وباتت العائلات تحتاج إلى من يوجهها في تنظيم الميزانيات، لأن استعمال إمكانيات الدفع المتعددة دون حساب يدخلنا إلى مشاكل مالية صعبة، لذلك تحتاج العائلات العربية إلى الإمساك بالورقة والقلم والبدء بالتخطيط المالي السليم'.

وشددت على أن 'المشكلة لا تتعلق بالأهل فقط، بل قد تنتقل إلى الأبناء، فإذا ألقيت المأكولات في حاوية النفايات، فإن الأبناء سيتعلمون الأسلوب نفسه، وسيعتقدون أن كل شيء متاح'.

وختمت ريم خلف بالقول إن 'هناك أهمية لمواصلة العائلات العربية العمل في سبيل رفع منسوب دخلها الذي يسمح لها بالتقدم والتطور الاقتصادي وتحقيق ما تصبو إليه من استقرار وازدهار'.

التعليقات