ظاهرة مقلقة: غياب الطلاب عن المدارس في رمضان

ظاهرة مقلقة: غياب الطلاب عن المدارس في رمضان

تشهد البلدات العربية اتساع ظاهرة تغيب الطلاب والطالبات من المرحلتين الابتدائية والإعدادية عن مقاعد الدراسة بذريعة الصوم في شهر رمضان الفضيل، ما يسبب بلبلة وعدم انتظام في التعليم.

ولا يمنع رمضان الآباء والأمهات عن القيام بالواجبات تجاه أولادهم وإرسالهم إلى المدرسة، فرمضان فرصة للجد والاجتهاد والعمل والإنتاج، ويجب تحفيز الأولاد وحثهم على الذهاب إلى المدارس بنشاط أكثر وحيوية أكبر، لأن غيابهم عن دوامهم المدرسي يذوّت في نفوسهم عدم النظام وعدم الانضباط وعدم المسؤولية.

إيقاع مختلف

وقال الاختصاصي العلاجي والتربوي والمدرس في المرحلتين الابتدائية والإعدادية بطمرة، د. زياد خطيب، لـ"عرب 48" إن "تزامن هذا العام الدراسي مع فريضة الصوم في شهر رمضان المبارك أحدث تغييرا في حياة الطلاب الاعتيادية".

وأوضح أن "المشكلة الأساسية عند الطلاب من صف أول وحتى الصف التاسع، أنهم موضوعيا ونفسيا لا ينامون إلا في ساعة متأخرة، قد تصل إلى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، ثم يستيقظون لتناول وجبة السحور بعد نحو ساعتين ونصف، وهذه هي السنة الأولى التي يصوم فيها الطلاب بهذا التوقيت منذ 5 سنوات، ما يُشكل وجود إيقاع مختلف في حياتهم، ولا يكتفي الطلاب بعدد الساعات القليلة التي ينامونها، وهناك نحو 10% من طلاب المدارس الإعدادية مثلا، يتجاوزون قوانين الغياب وعمليا يفضل بعض الطلاب العودة إلى المنزل في وقت مبكر، علما أننا نشهد تسربا في جيل المراهقة من المدرسة منذ فترة طويلة".

وختم خطيب بالقول إن "إيقاع النوم كما ذكرت يؤثر على تركيز الطلاب، بسبب نظام الطعام، فقد يتناول الطلاب طعامهم في ساعات متأخرة جدا، وهناك أيضا "موضة السحور في المطاعم"، فبعض الطلاب يمارسون هذه العادة أيضا، كل ذلك يُفقد طلابنا التركيز في مواعيد الدراسة، كما يمكننا الحديث عن عدم الاستقرار لدى بعض الأجيال، خاصة من هم في المدارس الإعدادية، بسبب قلة النوم، ما يُسبب للطلاب تراجعا ملموسا في الدراسة في شهر رمضان".

بلبلة

وقال رئيس اتحاد لجان أولياء أمور الطلاب في الناصرة، وائل عمري، لـ"عرب 48" إننا "كأولياء أمور للطلاب، نرى أن رمضان لا يختلف عن سائر الأشهر، صحيح أن هذا الشهر له خصوصيته وأهميته وقداسته، لكن هذا لا يعني أن يصبح الصيام حجة للغياب، فهذه خسارة كبيرة للأولاد، خاصةً أن المسؤولين في المدارس قصروا التوقيت بحيث يغادر الطلاب في الساعة الواحدة والربع تقريبا، وفي ظل هذا التفهم لواقع الطلاب وفريضة الصيام، لم يعد هناك سبب لتجاوز نظام التعليم".

وأكد أن "عدم الالتزام في التعليم يخلق بلبلة في نظام التعليم ويجعل المدرسين غير قادرين على تمرير المواد، طالما أن عددا كبيرا من طلاب المدارس متغيبين، ما يؤثر على زملائهم الملتزمين بالتعليم، كما أن السنة القادمة والعشر سنوات اللاحقة سيتزامن الصيام مع الدوام المدرسي العادي".

وأشارَ عمري إلى أهمية متابعة المربين والمدرسين والأهل للطلاب الصائمين، وعدم السماح لهم بخرق النظام المعمول به في المدارس منذ فترةٍ طويلة، مشيرا إلى أنه "يجب على المسؤولين العمل على التوعية على مستوى الأبناء والأهل، وعدم السماح للأبناء بتجاوز ما هو مسموح قانونيا في مسألة التعليم".

وأضاف أن "غياب الطلاب سيولّد خسارة مستقبلية للجميع، وعلى السلطات المحلية والمديرين مراقبة الحضور والغياب، فشهر رمضان ليس رخصة للغياب، وليس شهرا للسهر ليلا والنوم صباحا، وللأسف الشديد بعض الطلاب يتسحرون ليلا ما قد يؤثر على عادات نومهم التي التزموا بها في السابق".

وأنهى عمري بالقول إن "ثقافة الالتزام الدراسي يجب أن توضع على سلم أولويات مديري المدارس والمعلمين والأهل من أجل تثقيف جيل واع يحافظ على عبادته، لكنه في نفس الوقت لا ينتقص من دراسته ومن تعليمه وثقافته التي ينهلها من المربين والأهل".

ظاهرة مقلقة

واستهجن مدير عام لجنة متابعة قضايا التعليم العربي المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، عاطف معدي، من هذه الظاهرة التي اعتبرها مقلقة بشكل خطير.

وقال معدي، لـ"عرب 48": "نحنُ نتحدث عن شهر كامل يقوم فيه بعض الطلاب بالتغيب عن المدرسة، وهذه الظاهرة أي صيام شهر رمضان، سترافقنا على مدار 30 سنة، وستتخلل هذه الفترة استمرار الدراسة دون أي إعاقات، ويجب أن يؤخذ موضوع الغياب بجدية إذ أنه من غير المسموح التهاون في التعليم".

وأضاف: "أشدد على دور السلطات المحلية وأقسام المعارف وإداراتها، بالالتزام الكامل بما اتُفق عليه منذ بداية شهر رمضان، وفي الحقيقة أن العطلة مقلصة أساسا. كما أن الاستراحة مدتها ربع ساعة بدلا من نصف ساعة، وبالأساس الهدف من تقصير اليوم الدراسي التخفيف عن الطلاب، حتى يعودوا إلى بيوتهم، خاصةً أن عددا منهم يصومون شهر رمضان، ويحتاجون للتزود بالماء والسوائل".

وختم معدي بالقول إن "شهر رمضان لا يعفينا من التعليم، وإلا فإننا سنخسر أهمية النظام والالتزام، خاصةً أن غالبية المدارس تعمل في ظل بيئة مكيفة ومناسبة للتعليم، ولا تؤثر على نفسية الصائمين، بل يمكن للجميع مواصلة الصيام حتى يحين موعد إنهاء الدراسة ومغادرة المدرسة".

التعليقات