رمضان في  أوكرانيا 2024

رمضان في أوكرانيا 2024

تتميز أوكرانيا بكونها بلد يتنوع بثقافاته ودياناته، حيث روح التسامح والتعايش تزهر في مواسم عدة ومنها رمضان، ففي كل زاوية من زوايا البلد، تجد كثيرون يستحضرون ذكريات الصوم والإفطار في منازل الأهل والأحبة في الديار.

في هذا المقال، سنأخذكم في رحلة ممتعة بين الأحياء والمدن، وداخل المنازل والأسواق، للتعرف على الروح التي يجلبها شهر رمضان في أوكرانيا 2024، فشاركونا المتعة في السطور التالية!

ماذا تعرف عن أوكرانيا؟

ماذا تعرف عن أوكرانيا؟

أوكرانيا، دولة تقع في شرق أوروبا وتشترك في حدودها مع عدة دول من بينها روسيا وبيلاروسيا وبولندا، وتُعتبر واحدة من أكبر الدول في أوروبا من حيث المساحة، وتتميز بتاريخ غني يمتزج فيه العناصر الشرقية والغربية.

تشتهر أوكرانيا بمناظرها الطبيعية الخلابة التي تشمل السهول الخضراء والجبال الشاهقة والبحر الأسود على الساحل الجنوبي، كما تُعتبر العواصم القديمة مثل كييف ولفيف مراكز ثقافية هامة تضم العديد من المعالم التاريخية والفنية الرائعة.

مراسم استقبال رمضان في أوكرانيا 2024

مراسم استقبال رمضان في أوكرانيا 2024

على الأرض التي تُعد أكبر ثاني دولة في أوروبا ويمثل فيها الإسلام ثاني أكبر الديانات، تعتمد بداية الشهر الكريم على رؤية الهلال والتي عادة ما تؤكده السلطات الدينية. ومع ذلك، تمضي بعض المجتمعات المسلمة في الموعد الذي أعلنته بلدانهم الأصلية بينما يتبع البعض الآخر تاريخ بلد إقامتهم.

مع إعلان الليلة الأولى لشهر الصيام، يتبادل أبناء الجاليات العربية والإسلامية التهاني والدعوات بالخير والبركة في الشهر، وتتزين الشوارع بالأضواء والألوان الزاهية، مما يُضفي جوًا مليئًا بالسكينة والفرح. وعلى الرغم من الظروف الجوية الباردة التي تميز فصل الربيع في أوكرانيا، إلا أن ذلك لا يمنعهم من التجمع حول موائد الإفطار المشتركة، حيث يتبادلون الأحاديث والضحك والدعاء.

حفلات الافطار الجماعية .. لقاء ثقافي غني بالتنوع

حفلات الافطار الجماعية .. لقاء ثقافي غني بالتنوع

من المرتفعات إلى الأراضي المنخفضة، يتجلى دور الجاليات المسلمة في شهر رمضان المقدس، حيث تنتشر المؤسسات الإسلامية الرئيسية في أوكرانيا في عدة مناطق على رأسها كييف وشبه جزيرة القرم وسيمفيروبول ودونيتسك.

في شهر رمضان، تنشط هذه المؤسسات في تنظيم الفعاليات المختلفة التي تستحضر الأجواء الرمضانية وتُدفئ قلوب هؤلاء الذين يحتفلون به بعيدًا عن الديار والأهل والأحبة. ويأتي على رأس هذه البرامج، تنظيم موائد الإفطار الجماعية طوال الشهر، حيث يلتف حولها حضور جماهيري كبير من مختلف الأعراق، فتتحول إلى ملتقى ثقافي غني بالتنوع، فيحضرها العشرات وأحيانا المئات من مختلف مدن أوكرانيا، ويُشارك فيها المسلمون مع إخوانهم في الوطن من مختلف الأطياف، فيما يتطوع المشاركين لطهي المأكولات الشعبية من مختلف الدول، مثل المنسف، والمقلوبة، والكبسة، والأوزي، والبلوف الأوزبكي.

لا ينتهي اللقاء بانتهاء طعام الإفطار، بل إنه يبدأ مع جلسات يتبادل فيها الجميع أطراف الحديث، وشرب القهوة العربية مع أطباق الحلويات الرمضانية التي تترأسها القطايف والحلويات الأخرى مثل المهلبية والمشبك وغيرها.

مظاهر رمضانية من مختلف بقاع الأرض

ليست عادة واحدة أو اثنتين، بل تتميز أوكرانيا المتعددة الثقافات بأعلى درجات التنوع في الأجواء والمظاهر الرمضانية، فبالإضافة إلى إقامة موائد الإفطار الجماعية، تتنوع عادات الأسر والأفراد باختلاف أصولهم العرقية وبلدانهم الأصلية.

مع ذلك، تجد بين هذا التنوع عادات مشتركة ترسم ملامح شهر الصيام في كل مكان على الأرض، مثل تنوع أصناف ووصفات الطعام يوميًا، وتعدد نكهات الحلويات وأصولها ما بين الشرقية والآسيوية والافريقية بحسب أصول المائدة التي تحملها.

أيضًا تشترك أوكرانيا مع غيرها من الدول التي تحتفل بشهر رمضان في إظهار التكافل الاجتماعي، حيث يتسابق الجميع للمشاركة في الأعمال الخيرية وتوزيع المساعدات الإنسانية، كما أن جزء من الطقوس الإيمانية في شهر رمضان يتمثل في إخراج الزكاة والصدقات لليتامى والمساكين ومن هم أقل حظًا، لاسيما قبل حلول عيد الفطر، وذلك بهدف إدخال السرور والفرح على قلوب الجميع.

أما المطاعم، فتشارك في المظاهر الاحتفالية باعتباره موسم جيد لجذب الزبائن، حيث اعتادت أن تقدّم الأطباق العربية المالحة والحلوة ضمن قوائمها الأساسية، بالإضافة إلى المشروبات الرمضانية كالقهوة العربية والكركديه والتمر، معتمدة في الترويج على الرائحة التي تُثير حنين الصائمين إلى ديارهم.

تتار القرم .. عادات رمضانية بنكهة أوكرانية

على الرغم من عدم وجود إحصائيات دقيقة بشأن عدد المسلمين في أوكرانيا، إلا انه وفقًا للجاليات المسلمة هناك، فإن عددهم يصل إلى ما يقرب من 2 مليون مسلم من تتار القرم والأذريين والأوزبك والعرب والأتراك وغيرهم الذين يتوزعون في مختلف أنحاء أوكرانيا، ويعيشون في سلام وتآخي وسط 43 مليون نسمة من سكانها.

وفي شبه جزيرة القرم، يتمركز أكبر مجتمع مسلم في أوكرانيا وهم تتار القرم- تم الاعتراف بهم كمجموعة من السكان الأصليين عام 2014. في تلك البقعة من أوكرانيا، يُعرف الصيام خلال شهر رمضان بـ "أورازا"، وهو ثاني أكبر عطلة للمسلمين في تلك المنطقة.

يتميز هذا الشهر المقدس بعادات وتقاليد متوارثة لدى مسلمي التتار، ولعل أشهرها تقليد الطهي في الهواء الطلق بهدف أن يشتم المارة رائحة الطعام الشهية، فتكون بمثابة دعوة مفتوحة للجميع بالانضمام ومشاركة وجبة الإفطار، ولا ينفرد تتار القرم بهذه العادة، بل يشتركون فيها أيضًا مع مسلمي الأوزبك.

كذلك نجد شهر رمضان مميز بالنسبة للمرأة المسلمة عندهم، حيث يتم إعفاء النساء من الأعمال المنزلية لمدة شهر كامل، وإسنادها للرجال بدلًا منهن، ولا يحق للرجل أن يطلب من زوجته القيام بأي من الواجبات المنزلية، بل يقوم هو بطهي وجبات الإفطار والسحور كل يوم.

والمثير للإعجاب هو وجود المسحراتي في قرى التتار، حيث أنه من الشائع قبل السحور بعشرين إلى ثلاثين دقيقة أن ينطلق شخص حاملًا طبلة في جولة حول المنازل، فيقرع الطبل مناديًا لإيقاظ السكان حتى يتمكنوا من تناول وجبة السحور قبل موعد أذان الفجر.

عيد الفطر .. ختام شهر رمضان

"أورازا بيرم".. حفل ختام شهر رمضان واستقبال عيد الفطر المبارك الذي يبدأ مع غروب شمس آخر يوم من الشهر الفضيل، يذهب المسلمون في أوكرانيا إلى المسجد ثاني يوم صباحًا، ويتم استقبالهم بعد الانتهاء من أداء صلاة العيد بطاولات قد نظمت في الباحة مع أكواب القهوة وأطباق الحلويات.

ومن المعتاد في يوم العيد أن يعود رب الأسرة من المسجد فيسلم عليه جميع أفراد الأسرة ويقبلون يده، ثم يجتمعون على طاولة الطعام التي تزينت بالطبق الوطني الـ "تشيرشير"، وهي فطيرة حلوة محشوة باللوز والجوز. كما تقوم الأسر بإعداد الوجبات الغنية وتبادلها مع الأقارب والجيران والمعارف، فيما تستمر مظاهر العيد والاحتفال لثلاث أيام متتالية.

رمضان في أوكرانيا 2024 ..

رمضان في أوكرانيا 2024 لا يقتصر فقط على الصيام، بل هو فرصةٌ لتعزيز الروابط الاجتماعية والتضامن، وتعزيز قيم التسامح والتعايش بين أفراد المجتمع.

يتواجد المسلمون وغيرهم من السكان في أوكرانيا لاستقبال هذا الشهر الكريم بفرحة وبهجة، حيث تزداد المدن والقرى إشراقاً بأجواء رمضانية مليئة بالتراحم والتضامن. ما بين موائد الإفطار الجماعية التي تضم الأسر والأصدقاء ومراسم الاستقبال والوداع الذي يعكس ترسيخ قيم التواصل والتآخي، يتمتع الجميع بأوقات ممتعة ومباركة. وتعتبر هذه الفترة فرصة لتبادل الخبرات والتجارب بين الثقافات المختلفة، حيث يجتمع الناس بروح المحبة والتعاون لتعزيز الروابط الإنسانية والتواصل الثقافي.

التعليقات