تحليل خاص: كيف تفوقت فرنسا على بلجيكا حتى استحقت التأهل؟

بدأ المنتخب الفرنسي المباراة بخطَّة 4-2-3-1 المعتادة، بوجود خمسة لاعبين في خط الوسط يتمتَّعون بالقوَّة البدنيَّة والقدرة الفنِّيَّة ليتمكَّنوا من المساندة الدِّفاعيَّة والهجوميَّة

تحليل خاص: كيف تفوقت فرنسا على بلجيكا حتى استحقت التأهل؟

(أ ب)

حجز منتخب فرنسا أحد المقعدين في نهائي كأس العالم 2018 بعد فوزه على منتخب بلجيكا في المربع الذهبي بنتيجة هدف دون مقابل للأخير، الليلة الماضية.

وسيلاقي المنتخب الفرنسي في المباراة النهائية الفائز من مواجهة إنجلترا وكرواتيا المقررة في وقت لاحق من مساء اليوم، الأربعاء.

وبهذا الصدد، نستعرض أمامكم تحليلا خاصا للمباراة التي جمعت بين المنتخبين الفرنسي والبلجيكي.

تشكيلة المنتخب الفرنسي

بدأ المنتخب الفرنسي المباراة بخطَّة 4-2-3-1 المعتادة، بوجود خمسة لاعبين في خط الوسط يتمتَّعون بالقوَّة البدنيَّة والقدرة الفنِّيَّة ليتمكَّنوا من المساندة الدِّفاعيَّة والهجوميَّة.

شهدت التَّشكيلة الفرنسيَّة تغييرًا واحدًا مقارنةً بالتَّشكيلة التي أقصت منتخب الأوروغواي في الدَّور السّابق، حيث فضَّل ديشامب البدء بماتويدي الذي كان من نجوم اللِّقاء بدلًا من توليسو.

لعب لوريس في حراسة المرمى، في خطّ الدِّفاع تواجد كل من هيرنانديز، فاران، أوتيتي وبافارد، أمامهم تواجد كل من كانتي وبوغبا، وفي المقدِّمة لعب كلّ من مبابي، غريزمان وماتويدي خلف جيرو المهاجم الصَّريح، وقد كانت التَّشكيلة على النَّحو التّالي:

تشكيلة المنتخب البلجيكي

بالنِّسبة لمارتينيز، فقد فضَّل اللُّجوء للخطَّة 3-5-2 على عكس باقي مبارياته في البطولة والتي بدأها بالخطَّة 3-4-3، وذلك لخلق الكثافة العدديَّة اللّازمة في وسط الميدان وذلك لمجاراة القوَّة الضّاربة للمنتخب الفرنسي، حيث تكفَّل دي بروين بصناعة اللَّعب من الخلف ثمَّ يتحوَّل للحالة الهجوميَّة، هازارد مهاجم ثاني يضغط على خط دفاع المنتخب الفرنسي في الحالة الدِّفاعيَّة، بينما في الحالة الهجوميَّة للمنتخب البلجيكي يتحوَّل هازارد لمركز الجناح ويتقدَّم فيلايني ليكون المهاجم الثّاني إلى جانب لوكاكو.

في مباريات سابقة أعطى مارتينيز الحريَّة للأجنحة في الحالة الدِّفاعيَّة، وفي هذه المباراة أجبرهم على العودة للدِّفاع للتَّقليل من حدَّة وخطورة الهجمات الفرنسيَّة،

لعب كورتوا في حراسة المرمى، في خط الدِّفاع تواجد الثُّلاثي كومباني، اندرويلد وفيرتونخن، في خط الوسط لعب كل من ناصر الشّادلي، فيتسيل، فيلايني، دي بروين وموسى ديمبلي، يتقدَّمهم لوكاكو وهازارد في خط الهجوم، وقد كانت التَّشكيلة على النَّحو التّالي:

تحليل المباراة

بداية متحفِّظة واللَّعب على التَّقليل من نقاط قوَّة المنتخب المنافس

بدأت المباراة بشكل متحفِّظ للغاية من قبل الطَّرفين، وكان التَّقدُّم الهجومي محدود للغاية، لم نشهد سيطرة أحد الفريقين في بداية المباراة، ولم يطغى أسلوب مدرِّب على الآخر.

شهدنا منتخب بلجيكي يلعب على سد نقاط قوَّة المنتخب الفرنسي، خصوصا في منطقة العمق، كذلك المنتخب الفرنسي الذي لعب على سد نقاط قوَّة المنتخب البلجيكي، حيث أغلق الفرنسيّون الأطراف التي تُعتَبر نقطة قوَّة البلجيكيّين.

في الحالة الدِّفاعيَّة تحوَّل المنتخبان للَّعب بخماسي دفاع، ففي الحالة الدِّفاعيَّة البلجيكيَّة شغل كل من دي بروين والشَّاذلي مركز الظَّهيرين، إضافةً إلى الثلاثي الدِّفاعي، كذلك الأمر عندما يتحوَّل المنتخب الفرنسي إلى الحالة الدِّفاعيَّة، فقد لاحظنا توجُّه بوغبا إلى اليمين لمساندة بافارد لمجاراة خطورة دي بروين وهازارد.

مدرِّبان يملكان نفس الفكر ونفس الأسلوب

بدا جليًا في الشَّوط الأوَّل أنَّ كل مدرِّب دخل إلى عقل الآخر في استعمال أسلوب متشابه للغاية، حيث ضغط الفريقين على حامل الكرة في نصف ملعبه، فقد استعمل ديشامب كلّ من كانتي وبوغبا للضَّغط على هازارد ودي بروين عندما يلعب المنتخب البلجيكي في العمق، في حين استعمل مارتينيز كل من ديمبلي وفيلايني للضَّغط على اللّاعب الذي يبني الهجمة في العمق الفرنسي. وقد شاهدنا انتشار ثلاثي في حالة انتشار الكرة للأطراف. المثير للاهتمام أنَّ كلا المدرِّبين نجحا في فرض أسلوبهما.

مونديال الكرات الثّابتة

هذه البطولة ضربت رقمًا قياسًا فيما يتعلَّق بالأهداف المسجَّلة من الكرات الثّابتة، سيما وأنَّ أصعب المباريات حُسمت من ضرباتٍ ثابتة، على غرار هذه المباريات فقد حُسِمت المباراة بين فرنسا وبلجيكا أيضًا من كرةٍ ثابتة، بعد ضربة ركنيَّة فرنسيَّة نفَّذها غريزمان، ليتابعها أومتيتي برأسه إلى الشِّباك في مباراةٍ مغلقة تكتيكيًا. مع الإشارة إلى أنَّ المنتخب الفرنسي حسم مباراته السّابقة ضد الأوروغواي من كرةٍ ثابتة.

الظَّروف المثاليَّة للمنتخب الفرنسي

حرَّر هدف أومتيتي الفرنسيّين ذهنيًا، حيث تراجع المنتخب الفرنسي إلى الخلف واعتمد على المرتدّات، في حين اضطرّ المنتخب البلجيكي للهجوم، وهو الأمر الذي كان ينتظره الفرنسيّون لتطبيق نقطة قوَّتهم الضّاربة وهي المرتدّات، إلّا أنّهم لم يتقنوها هذه المرَّة بالشَّكل المثالي.

عند الدَّقيقة الـ60، وعندما أيقن مارتينيز أنَّه لا حل آخر سوى الهجوم، قام بإقحام ميرتينز مكان موسى ديمبلي الضَّعيف في هذه المباراة، ليتحوَّل شكل المنتخب البلجيكي إلى 3-4-3 بتأخُّر دي بروين إلى جانب فيتسيل وفيلايني، وتقدُّم ميرتينز إلى جانب لوكاكو وهازارد، وقد شهدنا في هذه الفترة من المباراة استحواذ بلجيكي قابله تراجع فرنسي والاعتماد على المرتدّات. كل هذه الظُّروف خدمت المنتخب الفرنسي، حيث أنَّ كل المساحات مغلقة في الخلف، والبيئة مميَّزة لتنفيذ المرتدّات التي أرعبت الدِّفاع البلجيكي.

القوَّة الدِّفاعيَّة للمنتخب الفرنسي

من أكثر نقاط قوَّة المنتخب الفرنسي في هذه الدَّورة هو التَّنظيم الدِّفاعي ثمَّ الانطلاق إلى المرتدات، فعلى مدار البطولة شاهدنا منتخب فرنسي يدافع كمنظومة. القوَّة الدِّفاعيَّة الفرنسيَّة تتمثَّل بالأساس في المشاركة الجماعيَّة واللَّعب كمنظومة دفاعيَّة لا كأفراد، وهذا ما يطمئن قلب ديشامب عندما يريد التَّراجع إلى الخلف والمحافظة على النَّتيجة.

بلجيكا تدفع الثَّمن

في مطلع اللِّقاء كانت الهجمات البلجيكيَّة أكثر خطورةً من الهجمات الفرنسيَّة، إلّا أنَّ البلجيكيّين لم يستغلّوا هذه الفرص حتّى استوعب المنتخب الفرنسي أسلوبهم، وباتت فرنسا صاحبة التَّفوُّق.

مشكلة الإنهاء لم تكن موجودة تمامًا في فريق منظَّم كبلجيكا في المباريات السّابقة، وإذا اعتبرنا أنَّ الخصم هذه المرَّة قوي جدًا تكتيكيًا ودفاعيًا فيجب أن يكون التَّركيز مضاعف، والتَّسجيل واجب حتّى من أنصاف الفرص، وهذا ما افتقده البلجيكيّون في المباراة.

رجل المباراة

إذا أردنا أن نختار رجلًا لهذه المباراة، فمن الممكن اختيار كل لاعبي المنتخب الفرنسي رجالًا للِّقاء، إلّا أنَّ صامويل أومتيتي بتسجيله للهدف الذي منح منتخب بلاده التَّأهُّل، بالإضافة إلى المجهود الجبّار الذي قدَّمه في هذه اللِّقاء، وخاصَّةً على المستوى الدِّفاعي، فإنَّه يستحق لقب رجل هذه المباراة عن جدارة واستحقاق.

رغم الخسارة والإقصاء، هازارد يبقى هازارد

مباراةٌ في غاية الرَّوعة والجمال لعبها هازارد، استطاع تفكيك الجهة اليمنى للمنتخب الفرنسي، تحرُّكاته سريعة، قدرة فائقة في الحفاظ على الكرة، وثنائيّات أكثر من رائعة، حقًا هو من بين الأفضل في العالم.

وأخيرًا، بجدارة واستحقاق؛ فرنسا إلى موسكو

فرنسا المرنة تفوز من جديد بدهاءٍ وذكاء، تستطيع قبول اللَّعب بكل تواضع وجماعيَّة عندما تجبرها الظُّروف على العودة للدِّفاع، تفرض لعبها بكل شجاعةٍ عند الحاجة، تستطيع الاستحواذ إن أرادت، وأن تلعب بشكل مباشر إن سنحت لها الظُّروف، متلوِّنة ومتأقلمة حسب ظروف كل مباراة، تستوعب شكل أي خصم بشكل تلقائي، وفوق كل ذلك، حارس عاد لقمَّة مستواه في الوقت المناسب، فمن الطَّبيعي تواجدها في النِّهائي.

التعليقات