01/05/2015 - 21:10

أي عيد وأي عمال؟

تظل قوانين العمل في معظم الدول العربية منحازة لأرباب العمل، رغم أنها وجدت بالأساس لحماية العمال من تسلط وجور من يدفعون أجورهم، والذين يظن بعضهم أنه بات يملكون من يعملون لديه، لمجرد أنه يملك مكان العمل.

أي عيد وأي عمال؟

تظل قوانين العمل في معظم الدول العربية منحازة لأرباب العمل، رغم أنها وجدت بالأساس لحماية العمال من تسلط وجور من يدفعون أجورهم، والذين يظن بعضهم أنه بات يملكون من يعملون لديه، لمجرد أنه يملك مكان العمل.

ويعتقد كثيرون أن 'عيد العمال'، الذي يحتفل العالم به اليوم، خاص فقط بهؤلاء الذين يرتدون الـ'أوفر أول' ويعملون في مهن شاقة، رغم أن كل من يعمل يفترض أن يحمل لقب عامل، أيا كانت مهنته، ومهما ترقى في وظيفته، لكن يظل وصف العمال لصيقا بهؤلاء الذين يمتازون ببنية جسدية تميزهم، ووجوه يكسوها غبار مهنتهم، وأيادي خشنة تليق بما يقومون به من أعمال.

وطالما كان العمال حول العالم في مقدمة الطليعة المتمردة على السلطة الفاسدة، كونهم أكثر الفئات تضررا من الإستبداد وانعدام المساواة، وفي معظم الثورات قاد العمال النضال وحملوا مشعل التغيير، جنبا إلى جنب مع الطلاب.

وفي الربيع العربي، كان العمال رقما ثوريا صعبا، وأثبت كثير منهم أنه أكثر فطنة من كثير ممن يدعون الثقافة، وأنهم أكثر رغبة في التحرر من هؤلاء الذين يدعون المعارضة من المنخرطين في أحزاب وجماعات.

لكن الواقع أثبت أيضا أن كثير منهم، خاصة الأعلى صوتا، تمت السيطرة عليه سريعا من جانب السلطة التي قررت الانقلاب على الثورة، واتضح أن البعض كان يتم تلميعه للعب دور مرسوم له منذ البداية في الثورة المضادة.

يبقى العمال بلا شك رقما صعبا في صف المعارضة للأنظمة القمعية والفاشية، وتبقى انتفاضة العمال أكثر خطورة على الأنظمة من غيرهم من الفئات، فهم عصب الاقتصاد، وأداة الدولة في التنمية، وإن غضبوا أو تمردوا توقفت تلك النظرية المسماة 'عجلة الإنتاج'، وتوقف معها تدفق الدم في شرايين الحكام.

لكن لماذا لا يوفر الملاك العرب للعمال حقوقهم؟ ربما تحتاج إجابة السؤال تفصيلا طويلا، لكن باختصار: تظل قوانين العمل العربية قاصرة، أو بالأحرى غائبة، لأن العمل نفسه غائب، فمعظم العاملين العرب لا يعملون، أو لا ينتجون، وأغلبهم إن أنتج، فإنتاجه دون المستوى، أو لا يحقق التنافسية المطلوبة في سوق عالمي مفتوح.

لا يمكننا في هذا السياق اتهام العامل، فالدول هي المقصرة بالأساس، إذ لم توفر له تعليما ولم توفر له تدريبا، ولم توفر له حقوقا، ولم تمارس عليه في المقابل الدور المنوط بها في الرقابة، وبالتالي اعتاد العامل العربي أسلوب عمل لا يمكن من خلاله تحقيق أي انجاز، وبات العامل وصاحب العمل، ومن فوقهم الدولة، يعيشون سلسة الترهل المترابطة، كأنها باتت مسلمات راسخة، وكأن جدية العمل باتت عيبا بحد ذاتها.

التعليقات