14/02/2012 - 20:06

يا «متطوع» وقف تا قلك!/ إياد برغوثي

باختصار، من دمّر مجتمعنا وهجّر شعبنا وصادر أرضنا وهمّشنا (حركة العمل الصهيونية، بالأساس) لا يحق له التحدث عن "العطاء والتسامح والسلام" ولا التنظير على التطوع!

يا «متطوع» وقف تا قلك!/ إياد برغوثي

- إياد برغوثي -

لن أعيد تكرار أسباب رفضنا للخدمة المدنية الإسرائيلية، حكيناها كثيرًا، وحللناها، وفكفكنا "أبو أبوها"، قلنا إنها مقدمة للخدمة العسكرية، وإنها خدعة لشرعنة سلب الحقوق والتمييز بأثر رجعي، وإنها تشوه الهوية، وحتى ناقشنا كونها غير مجدية ماديًا، وناقشنا لغويًا أصل كلمة تطوع، وأثبتنا أن لا علاقة بين هذه الخدمة الطوعية (أي عكس إجبارية) المدفوعة الأجر والمدفوعة بالمصلحة الفردية وبين التطوع. 
 
لكني مضطر لأن أكتب عنها من جديد، ليس عنها بالضبط، بل عن المجنّدين لها، بعد أن نطق مدير حركة الشبيبة العاملة والمتعلمة في سخنين جوهرته هذا الأسبوع، وتباهي أمام مسؤول الوزارة أنّ فرعه جنّد 12 شابًا للخدمة المدنية. فكلما فكّرت بالمشترك بين "الخدمة" و"الحركة" المجنّدة لها، فهمت أنني عندما أتحدث عن كلّ منهما إنما أتحدث عن الشيء ذاته عمليًا.
 
المزعج في الموضوع هو ليس الأسرلة بحدّ ذاتها فقط، في "الخدمة" و"الحركة"، وليس فقط التعامل الطبيعي مع زيّ حركة الشبيبة التابعة تاريخيًا لحركة العمل الصهيونية، التي تأسف هذه الزاوية الصحفية القصيرة على عدم سعتها لتعداد مجازرها وحروبها والمآسي التي "أغدقتها" على شعبنا، يزعج فعلا شباب وشابات عرب يلبسون زيهم ويشعرون "عادي وزيادة"، المزعج هو التبريرات الأيدلوجية لعضوية هذه الحركات، التي تصل أحيانًا إلى حدّ تحميل الجميلة والاستهبال المطلق! 
 
التقيت مرة بأحد أعضاء هذه الحركة، كان يلبس حطة فلسطينية فوق البلوزة الزرقاء التي تحمل شعار حركة الشبيبة العاملة والمتعلمة، لم أتمالك نفسي وسألته كيف يجمع بين الاثنتين، كان يوم عطلة وكان لدي من الوقت الكثير، تحدثنا حتى غابت الشمس. كان مقتنعًا أنه بعضويته في هذه الحركة إنما يخدم مجتمعه ويتطوع له ويعلّم أطفاله! مشكلتي لم تكن مع هذا الشاب الذي لمعت عيناه بعد كلّ معلومة صادمة، بل مع من يفعلّون هذه الحركة ويجندون هؤلاء الشباب ويستغلون رغبتهم بالتطوع وبوجود إطار اجتماعي. 
 
كثيرًا ما تجد المروجين للخدمة المدنية ولحركات الشبيبة الصهيونية يركّزون على "التطوع للمجتمع" كقيمة قائمة بحد ذاتها أهمّ من كلّ القيم الاجتماعية والسياسية الأخرى، وقد تحوّل التطوع إلى أيدلوجيا تلغي الأيدلوجيا. حتى أضحى الواحد منا، رغم سنين تطوعه لمجتمعه وشعبه في الحزب والمؤسسات الأهلية وفي الحياة الاجتماعية، يكاد يتبرأ من هذا المصطلح! 
 
باختصار، من دمّر مجتمعنا وهجّر شعبنا وصادر أرضنا وهمّشنا (حركة العمل الصهيونية، بالأساس) لا يحق له التحدث عن "العطاء والتسامح والسلام" ولا التنظير على التطوع! 
 
 برأيي، الأساس هو الانتماء وليس التطوع، فالأخير ممارسة للأول. 
 
- ملصق من حملة جمعية الشباب العرب - بلدنا ضد الخدمة المدنية الإسرائيلية -

التعليقات