09/04/2013 - 16:01

سهم برتقالي في الوادي/ أسيل تايه

كنت قد وعدت نفسي أن أودع هذه الأرض على طريقتي..أردت أن أطوف فيها وأغني كي لا يجف الحب كما جف ماء هذا النهر قهرا..كنت أسمع نداءات الرفاق من بعيد. مهرجان متحرك، يكبر كلما أبطأنا المسير، الكل يغني على طريقته، كنا نريد لبصمتنا أن ترسخ ولأقدامنا أن تهز الأرض تحتنا..هذه أرضنا..وسيرحل مغتصبها مهما طال الزمان.. كان الطريق طويلا، أتاح لنا أن نستغل الاستراحات لبعض المرح والترفيه، والتعرف على المشاركين، ووقتا أكثر للفخر بإنجازاتهم، كانت حوارات من نوع آخر،انتهى معظمها بعبارة "كل الاحترام".

سهم برتقالي في الوادي/ أسيل تايه

أسيل تايه

كنت قد بدأت ألملم ما يجمعني من ذكريات على هذه الأرض، فلا قرابة ولا زمالة تجمعنا بل حبها هو ما قرب ما بين شمال الوطن وجنوبه، وفي إحدى المحادثات المودعة، خاطبني أحد الرفاق،"أسيل، طالعين رحلة، تعالي معانا"، كان قد مر على آخر مشاركة لي في أمسيات الحركة الطلابية ما يقارب خمسة أعوام، حاولت أن أتذكر أيًا من الرفاق لا يزال في القدس..من يمكنني أن أرافق، وكيف لي أن أكون في مكان لا أسكنه، وجوه لا أعرفها، أشخاص سأتبادل وإياهم ابتسامات المجاملة علنا نكسر حاجزًا لم نطلبه أصلا.

"تعالي، رح نروح على قرية مهجرة"  كانت دعما كافيا لترددي، وكأنني كنت أقول، سأجعلها العودة قبل الهجرة، في آخر الأيام مع حبيبتي فلسطين، "رح أأكدلك آخر النهار" أنهيت محادثتي وقد ربطت بذاكرتي كل الخيوط لذلك اليوم.. قرية مهجرة، مسار،إقرث، صمود، حركة وطلاب.. وأنا..؟

إبتدأت وسائق الحافلة رحلتنا و توالت الوجوه .. ومع كل إطلالة كان ما يفرحني أنها وجوه رأيتها ما بين مسيرة أو مظاهرة أو إعتصام، إنهم شبيبة فخرت أن أصرخ وأردد شعاراتهم فهرعت ما بعد كل أمسية أبحث عنهم لأتباهى برفاق مثلهم.

تعددت اللهجات  وجمعنا الإنتماء، شباب وفتيات من الجنوب إلى الشمال، وصلنا وادي البصة، واكتسى الجميع بانتماء يصرخ بلغة الضاد، كأنه سهم برتقالي اللون شرع يجتاح الوادي يردد بقوة، كانت الروح المساعدة والعيون المراقبة والأيدي الداعمة متواجدة في كل منحدر، لم نتقسم الادوار ولم نوزع المهام، فسلامة الجميع مسؤولية الفرد والعكس كذلك، كان ذلك دعما كافيا لكل منا للتقدم في مسار لا يخلو من الاشواك ولا اخطار الانزلاق.

كنت قد وعدت نفسي أن أودع هذه الأرض على طريقتي..أردت أن أطوف فيها وأغني كي لا يجف الحب كما جف ماء هذا النهر قهرا..كنت أسمع نداءات الرفاق من بعيد. مهرجان متحرك، يكبر كلما أبطأنا المسير، الكل يغني على طريقته، كنا نريد لبصمتنا أن ترسخ ولأقدامنا أن تهز الأرض تحتنا..هذه أرضنا..وسيرحل مغتصبها مهما طال الزمان.. كان الطريق طويلا، أتاح لنا أن نستغل الاستراحات لبعض المرح والترفيه، والتعرف على المشاركين، ووقتا  أكثر للفخر بإنجازاتهم،  كانت حوارات من نوع آخر،انتهى معظمها بعبارة "كل الاحترام".

ما توج لقاءنا هو الإستقبال الفلسطيني، الإبتسامة الكريمة والترحيب المتألق لصامدي قرية إقرث، وعلى رأسهم  إبداع صديقي الرائع ولاء سبيت، يحكي حكاية أصحاب الأرض، فتية يفترشون تلك الكنيسة الصامدة، ذلك اللحن المؤلم المتكرر على أسماعنا.."عودة", عبارات لا تنسى، شعور لا يشبه أي شعور، يبعث في الروح أمل النصر، صمود الفكر والعقل، تكاتف وألفة، عائلة من نوع آخر،  عود، ودبكة شعبية، ضحكة وأغنية وطنية، دمعة وابتسامة، إحساس لا يوصف، جعلني أستنكر أي تردد في قبول أي دعوة، عدت إلى الحافلة، مثقلة الخطوات، أحاول أن أستثمر في كل لحظة بقاء في هذه الجنة الممتدة إلى الأفق البعيد، لربما كانت أول مشاركاتي في رحلات الحركة الطلابية، لكنها أبدا لن تكون الأخيرة.

التعليقات