18/07/2013 - 12:07

سقط القناع../ سهيلة غطاس

وحدة شعبي في هذا اليوم على كافة أطيافه بعث الأمل في داخلي من جديد، وأنا على يقين أن الجيل الجديد لن يسقط راية الآباء والأجداد ولن يتراجع عن إسقاط مخطط برافر

سقط القناع../ سهيلة غطاس

كنت من بين المشاركين في مظاهره مفرق جميجمة (مفرق مسجاف) ضد مخطط برافر الذي يهدد بمصادرة حوالي 800 ألف دونم، وتهجير واقتلاع أكثر من  40 ألف مواطن و 43 قرية عربيه في النقب. 

تظاهرنا بطريقة سلمية وتعالت الهتافات "الشعب يريد إسقاط المخطط" وغيرها الكثير. وبعد مرور ساعة على المظاهرة، فجأة وبدون سابق إنذار أو تنبيه بإخلاء المكان وإنهاء المظاهرة،  بدأت الشرطة بمحاصرتنا من جميع الجهات وبالهجوم  بقوات خاصة من "اليسام" والمستعربين والخيالة وإطلاق قنابل الغاز وقنابل الصوت علينا. تعالت الصرخات وتفرقنا بشكل عشوائي بهلع وخوف إلى حواشي الشارع محاولين الفرار من الطلقات.

كنت أنا من الهاربين باتجاه الحرش. استمرت الشرطة بملاحقتنا بالخيول.
تساءلت "ليه بطخوا علينا مهي المظاهرة خلصت؟! تعالت الصرخات عند اقتراب الشرطة  سمعت إحداهن تقول "أريد أن أعود إلى البيت"، وآخر يقول "لماذا يطلقون النار؟" وثالث يصرخ "لا تدخلوا الحرش لوحدكم.. هيك استفردوا بالشهيد أسيل عاصلة وقتلوه".

قلت لنفسي: "قتل؟.. هل هذا ممكن؟!..معقول يكونوا عمبضربوا رصاص حي؟"، ثم سمعت صوت طلقة وأحسست بها تنفجر في رقبتي.. ما هذا الشيء الذي أصابني؟ هل هذا رصاص؟ لا يمكن أن يكون رصاصا فأنا لا زلت أجري".

عندما ابتعدنا عن منطقة إطلاق النار، نظرت حولي فوجدت فتاة مصابة برجلها وتبكي، صبية أخرى يرفسها حصان، 10 أفراد من الشرطة تنقض على شاب، تثبته بالأرض كالفريسة وتقوم بتكبيل يديه وبضربه..... ثم أدركت أنني فقدت سمعي، وأن أصدقائي من حولي يشيرون إلى رقبتي بأنها مجروحة وتنزف، أتحسس رقبتي فأكتشف أن قلادتي الفضية التي حفرت عليها شجرة زيتون، وكانت تعني لي التمسك بالوطن قد قطعت بطلقة جندي إسرائيلي، فأبتسم في سري لسريالية الموقف.

كنت أسمع عن وحشية الشرطة مع المتظاهرين في عدة مناسبات، لكني لم أواجه قبل ذلك همجيتهم بشكل شخصي. بعد المظاهرة سقط القناع قناع "الديمقراطية المتحضرة" الزائف، سقط وهمنا بأن حياتنا طبيعية في هذه البلاد، سقط قناع التعايش معهم على المستوى اليومي، سقطت الأقنعة كلها، وبان الوجه العاري لإسرائيل، الوجه العنصري الصهيوني الهمجي الذي نتجنبه رغما عنا كي نستطيع أن نعيش معهم في الدولة، لم نكن يوما بشرا بالنسبة لهم، بل مخلوقات غريبة تسمى "عربا".

بان الوجه الحقيقي لطبيعة العلاقة بين الدولة  و"المواطنين العرب". ندرك للمرة الألف أننا طفيليات بالنسبة للدولة ،وأن الديمقراطية تطبق على جميع المواطنين ما عدا المواطنين العرب، ونستنتج مجددا أن هذه الدولة هي دوله الشعب اليهودي، وليست لجميع المواطنين لذا لا يمكن أن تكون ديمقراطية.

لفت انتباهي في المظاهرة نسبة الشباب والصبايا اليافعين، وحماسهم لقضيتهم، لا تدرك الدولة أن استعمالها لسياسة الترهيب هذه ليس فقط تزيد الجيل الجديد تمسكا بهويته وقضيته بل وتزرع الغضب والروح الثورية في صدورهم وقلوبهم.

مخطط برافر نبهنا بأن قضية الأرض لا زالت مركز الصراع، الصراع على الأرض هو صراع بقائنا ووجودنا ومستقبلنا. نبهنا بأن النكبة لم تنتهِ عام 48، آثارها ما زالت مستمرة يوميا في التمييز ضدنا، وفي تضييقها المستمر على حياتنا اليومية، في جميع المجالات السكن، التعليم، الاقتصاد، سوق العمل... منذ عام 48 إلى اليوم مر شعبي بالعديد من النكسات والضربات التي لم تزدنا سوى غضبا وإرادة. إذا لم نتصد اليوم لهذا المخطط سنمر نحن الجيل الثالث للنكبة، بنكبة جديدة وستصادر أكثر من نصف ما تبقى من أراضينا في البلاد.

وحدة شعبي في هذا اليوم على كافة أطيافه بعث الأمل في داخلي من جديد، وأنا على يقين أن الجيل الجديد لن يسقط راية الآباء والأجداد ولن يتراجع عن إسقاط مخطط برافر.

بفضلكم مخطط برافر لن يمر.....

التعليقات