27/07/2014 - 15:42

شهادة حية من مسيرة الـ"48 ألف"/ رازي نابلسي

مع الاقتراب من الحاجز يلحظ الغياب الواضح لكافة الوسائل المتبّعة لتفريق المظاهرات، سيارة رش المياه العادمة، قنابل الغاز والخيول، كلها وسائل تفريق مظاهرات قد غابت عن تحضيرات جيش الاحتلال لقمع مسيرة الـ"48 ألف" التي انطلقت من مخيم الأمعري لتصل حاجز قلنديا، يوم الخميس الماضي. بدخولك من الحاجز تتغير وجهتك، فقد رسم الجيش مساراً للسير على الأقدام من الحاجز وحتى مدخل قرية الرام، ومن هناك تستطيع المتابعة إلى وجهتك في حال سمحت الأمور، بعكس المتبّع. علمًا أن حاجز قلنديا مغلق منذ ثلاثة أيام أمام حركة السيارات من كلا الاتجاهين.

شهادة حية من مسيرة الـ

المواجهات عند حاجز قلنديا، الخميس الماضي (أ ف ب)

مع الاقتراب من الحاجز يلحظ الغياب الواضح لكافة الوسائل المتبّعة لتفريق المظاهرات، سيارة رش المياه العادمة، قنابل الغاز والخيول، كلها وسائل تفريق مظاهرات قد غابت عن تحضيرات جيش الاحتلال لقمع مسيرة الـ"48 ألف" التي انطلقت من مخيم الأمعري لتصل حاجز قلنديا، يوم الخميس الماضي. بدخولك من الحاجز تتغير وجهتك، فقد رسم الجيش مساراً للسير على الأقدام من الحاجز وحتى مدخل قرية الرام، ومن هناك تستطيع المتابعة إلى وجهتك في حال سمحت الأمور، بعكس المتبّع. علمًا أن حاجز قلنديا مغلق منذ ثلاثة أيام أمام حركة السيارات من كلا الاتجاهين.

ما كان حاضر على حاجز قلنديا من الناحية المقابلة للمسيرة ومسارها، أي خلف جدار الفصل العنصريّ، من الصعب فهمه في البداية، وخاصة أن المارين عبر الحاجز سيمّرون بين ما لا يقل عن خمسين جنديًا يجلسون داخل مربّع باطون ويصوّبون أسلحتهم التي زودت بكاتم للصوت، يضيئون بكشّافات على وجوه المارّين مصوبين رشاشاتهم نحو أصداغ المارة.

ليلة القدر، من القدس إلى رام الله، وتحديداً من القدس حتى مخيّم قلنديا، شهدت حالة من الاستنفار على كل الطريق، الجندي الذي كان خلف الجدار يتحضّر لمسيرة عشرات الآلاف القادمة من مخيم الأمعري، لم يأتِ ليقمع، بل ليقتل.

هذا وخلال النصف الساعة الأولى من الاشتباك سقط الشهيد الأول، وبمرور ساعة ونصف ذاع الخبر عن شهيد آخر، أما سيارات الإسعاف فلم تتوقف للحظة واحدة. يستحيل عد المرّات التي تنقل فيها سيارات الإسعاف مُصاب، فوصل عدد الإصابات بالرصاص الحي ما يزيد عن مئتين إصابة.

عشرات الآلاف تتدّفق من رام الله وقراها والمخيمات متجهة إلى القدس. الزحف، بمعناه الحرفيّ هو ما اتبعه المتظاهرون في الخطوط الأمامية مُرغمين، رفع الجسد بالكامل يُعد انتحار وانكشاف أمام قنّاص ينتظر، فكل من كان يرتفع لضرب حجر وبلا مبالغة، كان يسقط بلا صوت، وعندها نستطيع أن نفهم ما تواجد خلف الجدار، وكواتم الصوت المركبة على البنادق، كراج سيارات مخيّم قلنديا تحوّل لمشفى غطّى أرضيته الدم.

هذا وأخذ الشباب في المكان يتنظمون ذاتياً لتنظيم دخول سيارات الإسعاف وخروجها فيما أخذ البعض الآخر ينقل المصابين بسيارات خاصة، وطغى منظر الإطارات المحروقة ليشكّل غطاء للمتظاهرين أمام بنادق الاحتلال.

المشافي كانت ممتلئة، والمصابين يتلقون العلاج في المّمرات، فيما تم تحرير المُصابين برصاص حي في الأقدام من المشافي، رغم وجود الرصاصة أو الشظية داخل الجسد، بسبب اكتظاظ المكان، ووجود حالات أصعب وسط نقص حاد في بنك الدم من نوع O سالب وموجب وإعلان حالات الطوارئ. فيما وتناقل الأطباء خبر استشهاد 4 شبان رفض الأمن الفلسطيني الإفصاح عنهم خوفاً من هيجان الشارع.

ومن الناحية الأخرى لهذا الحاجز، كانت القدس تشتعل في ليلة القدر بعدما منعت قوات الاحتلال المقدسيين من الدخول لأداء صلاتهم داخل المسجد الأقصى، فكانت الحجارة هي الرد الذي اختاره شباب القدس على قوات الاحتلال، فاستعملت قوات الشرطة الإسرائيلية سيارة المياه العادمة لترّش بسطات ومتاجر باب العامود فيما انهالت قنابل الغاز المسيل للدموع، والقنابل الصوتية على المتظاهرين وأغلقت البلدة القديمة بالكامل.

وقد غاب أفراد الأجهزة الأمنية الفلسطينية عن المشهد بالكامل، في ما بدى وكأنهم سلموا قمع المسيرة لقوات الاحتلال، وانسحبوا كليًا من منطقة الاشتباك، حيث لم تتدخل أجهزة الأمن الفلسطينية حتى في نقل المصابين. مشهد قد يلخص حال السلطة الفلسطينية هذه الأيام، حيث يشتبك الشعب الفلسطيني في غزة مع الاحتلال وتبدو السلطة الفلسطينية ليست ذي شأن، سياسيًا ودبلوماسيًا ومقاومة.

التعليقات