16/05/2015 - 20:56

الخلصة، أم الحيران والنكبة المستمرة! / عمّار أبو قنديل

النكبة الفلسطينية لن تكون يومًا ذكرى بل هي واقع مستمر، نكبة شعب مرَّ بإبادة جماعية، هجر من قراه ومدنه، سلبت بيوته، أغتصبت حياته وزورت روايته.

الخلصة، أم الحيران والنكبة المستمرة! / عمّار أبو قنديل

النكبة الفلسطينية لن تكون يومًا ذكرى بل هي واقع مستمر، نكبة شعب مرَّ بإبادة جماعية، هجر من قراه ومدنه، سلبت بيوته، اغتصبت حياته وزوّرت روايته.

عام 48 كان عام الكارثة، انقلبت حياة الجميع وسرقت الأحلام، تشتّت العائلات وعمّت الفوضى وفاحت روائح الدم والخيانة، احتلالٌ غاشم يدّعي أن الله وهبه هذه الأرض الطاهرة المقدسة فجاء ليستردها ببنادقه ودباباته ومجموعاته الإرهابية.

النقب الجزء الجنوبي لفلسطين لم تتوقف نكبته، في عام 48 دُمِرت 88 قرية و90% من قاطنيها تم تهجيرهم وعلى أنقاض البيوت بُنيت المستوطنات والبلدات اليهودية وبكل وقاحة يقولون 'هذه أرضنا'.

النقب هو القضية، اليوم في عام 2015 ما زال هناك قرى بدون ماء ولا كهرباء بدون سقف بيت وبدون أدنى متطلبات الحياة، قرى ما زالت تُقتلع، قتلٌ وتشريد وتهجير مستمر، النكبة مستمرة.

وكم يتشابه الأمس باليوم وكم تتشابه الخلصة وأم الحيران، توأمان ذنبهما أنهما فلسطينيتان وقاتلهما واحد، دولة الاحتلال.

في هذه الأيام تم اتخاذ قرارًا بتهجير بلدة 'أم الحيران'، بيوت ستُهدم، سيتم إخلاء 1000 من سكان البلدة وعلى أنقاضها ستُبنى مستوطنة يهودية، فمن لم يشهد نكبة الـ48 سيشهدها اليوم بأم عينه.

أقام أمس الجمعة، كادر التجمع الطلابي - بئر السبع جولة تثقيفية وزيارة لبلدة الخلصة المهجرة في النقب في ذكرى النكبة الفلسطينية تاركين خلفنا بيوتًا وآثار تصرخ جدرانها وتقول: 'أنا عربي، أنا فلسطيني، اغتصبوني فلا تنسوني'!. استذكرنا النكبة وأحداث التهجير والمعاناة الجماعية التي عانى منها أهل الخلصة وفي لحظة اختلطت الذاكرة في الواقع وصرخت: 'أم الحيران'.

أم الحيران الواقعة شمال شرق بلدة حورة مرَّ أهلها بنكبتين، هجّروا عام 48 في أعقاب النكبة ومن ثم في عام 56 إلى منطقتهم الحالية، لم تعترف بهم الدولة وعليه لم يتم وصلهم بشبكات الماء والكهرباء والصرف الصحي، وفوق ذلك تنتظرهم في هذه الأيام نكبةٌ أخرى. فماذا نحنُ فاعلون وقد بلغ السيل الزبى!.

الشارع والنضال الشعبي هما العنوان، إحياء الحراك الشبابي من جديد، فنحن نواجه دولة مُغتصبة، وقحة، تعتبر 'مواطنيها' أصحاب الأرض الأصليين أعداء لها فلا مجال للمهادنة ولا للتسويات القهرية المشروطة، فهم يريدونك عربيًا جيّدًا، يغتصبونك ويسرقونك وينكلون بك ويطلبون منكَ أن تشكرهم.

هذه معركة وجود فيا أهلًا بالمعارك، علينا وضع كل الخلافات السياسية والاجتماعية جانبًا وأن نتصرف كشعب، كجسم واحد نحمل همًا وقضية واحدة، يجب أن ننهض من ركام الاختلاف ونبدّد غبار التناحر ونزيل صفحات الخنوع ونبقي على أسهم الاتهام وننطلق معًا كحزمة ضوء، علينا تبني الخيار القومي والديمقراطي كخيار سياسي ثقافي نحو تشكيل ثقل في معادلة ضد الصهيونية ونظامها الكولنيالي فهذه الخيارات من شأنها تنظيم صفوفنا وتعرية نظام الاحتلال من ديمقراطيته الزائفة.

مرور نكبة أخرى أمام أعيننا هو خذلان بكل معنى الكلمة، فلن نسمح أن تكون أم الحيران الخلصة القادمة وكما قال القائد المفكر الدكتور عزمي بشارة: 'نحن لا نعيش لكي نواجه الموت، بل نعيش لأننا نفترض أن للحياة معنى، وإذا كان للموت من معنى فهو مشتق من فقدان معنى الحياة'، فلنعشها بكرامة.

التعليقات