خلال معسكر اتحاد الشباب: التيار القومي الديمقراطي وعلاقاته بالتيارات السياسية في الداخل

ضمن نشاطات معسكر الشباب القومي التجمعي الثاني عشر في مدينة رام الله، الذي ينظمه التجمع الوطني الديمقراطي لأعضاء اتحاد الشباب الوطني الديمقراطي، تم تنظيم يوم الخميس، ندوة سياسية بعنوان "التيار القومي الديمقراطي وعلاقته بالتيارات السياسية في الداخل"، قدمها كل من أمين عام التجمع عوض عبد الفتاح، ورئيس الكتلة البرلمانية للتجمع د. جمال زحالقة، تلتها حلقة نقاش مفتوحة من المشاركين حول العديد من القضايا والمواضيع.

خلال معسكر اتحاد الشباب: التيار القومي الديمقراطي وعلاقاته بالتيارات السياسية في الداخل

*عوض عبد الفتاح: الدولة الفلسطينية يصنعها الشعب على الأرض وليس في الأُمم المتحدة.

*جمال زحالقة: عدم طرحك لتحدٍّ حقيقي للدولة اليهودية هو عمليا القبول بها.

 

ضمن نشاطات معسكر الشباب القومي التجمعي الثاني عشر في مدينة رام الله، الذي ينظمه التجمع الوطني الديمقراطي لأعضاء اتحاد الشباب الوطني الديمقراطي، تم تنظيم يوم الخميس، ندوة سياسية بعنوان "التيار القومي الديمقراطي وعلاقته بالتيارات السياسية في الداخل"، قدمها كل من أمين عام التجمع عوض عبد الفتاح، ورئيس الكتلة البرلمانية للتجمع د. جمال زحالقة، تلتها حلقة نقاش مفتوحة من المشاركين حول العديد من القضايا والمواضيع.

 كانت المداخلة الأولى للسيد عوض عبد الفتاح عن نشأة التجمع تيارًا قوميًّا ديمقراطيًّا في الداخل الفلسطيني، مستعرضا مراحل تكونه ولم شمل الحركة الوطنية في الداخل.

واستهل عبد الفتاح حديثه عن نشأة الفكرة القومية ظاهرة اجتماعية ثقافية تاريخية، معتبرا أن العروبة هي اللغة والثقافة وليست العرق.

وأكد عبد الفتاح على أن الهوية القومية هي النقيض للهويات العشائرية، والقبلية، والطائفية، والعائلية، التي تفتت المجتمع وتُجزئه، مما يجعله أيضا فريسة سهلة لمطامع المستعمرين في الهيمنة على الإنسان ومقدرات الأوطان.

ربط القومي بالديمقراطي

وتطرق عبد الفتاح إلى ضرورة ربط الفكر القومي بالديمقراطية كجزء من عملية بناء الأمة الحرة والمتساوية في إطار تحقيق العدالة لجميع المواطنين وبناء الإنسان.

واعتبر عبد الفتاح أن تجربة التجمع الوطني الديمقراطي تٌعتبر تجربة متقدمة على باقي الأحزاب القومية العربية في الوطن العربي، فيما يتعلق بربط القومية بالديمقراطية، مستدركا ضرورة مواصلة تطوير هذه التجربة وإغنائها أكثر.

جمال زحالقة: نُناقش مواقف لكننا نسأل أولا عن المواقع

أما المداخلة الثانية، فكانت للنائب جمال زحالقة، عن علاقة التيار القومي الديمقراطي مع التيارات الأخرى، الاسلامي والشيوعي الاسرائيلي: تمايزه، نقاط تقاطع وتباعد.

استهل زحالقة حديثه بالقول إن هناك ثلاثة تيارات سياسية ومركزية في الداخل الفلسطيني، التيار القومي الديمقراطي، الذي يمثله التجمع الوطني الديمقراطي، والتيار الإسلامي، والذي تمثله الحركة الإسلامية الشمالية والحركة الإسلامية الجنوبية، والتيار الشيوعي الاسرائيلي – الجبهوي، والذي يمثله الحزب الشيوعي الاسرائيلي والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة.

واعتبر زحالقة أنه إذا أردنا الحديث عن حزب حقيقي، فيجب أن تتوفر ثلاثة مقومات أساسية: جمهور للحزب، وامتحانات لهذا الجمهور الحزبي (انتخابات، مظاهرات، مهرجانات وغيرها)، و فكر سياسي، وأخيرا تنظيم سياسي.

الموقع قبل الموقف

وقال زحالقة خلال حديثه، إن هناك الكثير من القضايا المشتركة بين الأحزاب العربية في الداخل، ويتم العمل عليها بشكل مشترك ومتفق، ومن خلال لجنة المتابعة للجماهير العربية، إلا أنه تطرق إلى تميز التجمع الوطني الديمقراطي أيضا عن باقي الأحزاب، وشدد على ضرورة تحديد الموقع قبل الموقف.

وقال زحالقة: "قبل تحديد الموقف السياسي يجب تحديد الموقع السياسي، فالجبهة والحزب الشيوعي يعتبرون أنفسهم جزءًا من المعارضة الاسرائيلية، وجزءًا من اليسار الاسرائيلي، وفي الوقت نفسه، فإن الحركة الاسلامية تضع نفسها ضمن خانة التيار الاسلامي العالمي، وهذا جزء من مرجعيتها ومن هناك تستمد فكرها، بينما التجمع الوطني الديمقراطي هو جزء من الحركة الوطنية الفلسطينية والتيار القومي العربي، وهذه مرجعيته ويحمل أعباء وأخطاء وهموم الحركة الوطنية الفلسطينية، لذلك قبل الحديث عن المواقف نسأل أين أنت تقف؟".

وأضاف زحالقة: "نرى مثلا التيار الشيوعي الاسرائيلي وقد هاجم الحاج أمين الحسيني، وحاولوا تشويه صورته، لأنهم كانوا في حالة تقارب مع الحركة الصهيونية، وفي الوقت نفسه تقوم الحركة الاسلامية في الداخل بمهاجمة جمال عبد الناصر مثلا، كونهم يتقاطعون في الموقع مع حركة الإخوان المسلمين، إلا أننا في التجمع نرى عبد الناصر والحسيني رموزا وطنية وقومية، بالرغم من أخطائهم، وتقع علينا مسؤولية اتجاههم".

ونسأل أيضا عن المواقف..

وتساءل زحالقة أيضا عن مواقف الأحزب قائلا: "ما هو موقف الأحزاب مما يجري على الساحة الفلسطينية؟، فالحركة الإسلامية تتماثل مع حركة حماس، وفي الوقت نفسه، فإن الجبهة والحزب الشيوعي يتماثلون مع السلطة وأبي مازن، بينما التجمع ليس منحازا لا لفتح ولا لحماس، بل نحن مع شعبنا الفلسطيني وتطلعاته، ندين بشدة بلطجية حماس في غزة، وقمعها للمواطنين، ومحاولات فرض حياة اجتماعية خاصة بها، وندين أيضا النهج التفاوض العبثي للسطلة الفلسطينية."

وأضاف: "في الحالة السورية، عندما كانت مواقفها السياسية الخارجية تمثل تطلعات الشعوب العربية، خصوصا فيما يتعلق بدعم المقاومة كما معها، وعندما تم عقد مؤتمر أنابوليس، هاجمنا من شارك في المؤتمر بمن فيهم سوريا، وهذا ينطبق أيضا على ما يحدث اليوم في سوريا".

التوجهات العامة

كما استعرض زحالقة التوجهات العامة للتيارات السياسية، خصوصا فيما يتعلق بالدولة اليهودية مبينا الفروق، إذ قال: "موقف الحزب الشيوعي الاسرائيلي والجبهة هو الإندماج في المجتمع الاسرائيلي، وموقف الحركة الاسلامية هو الإنغلاق على النفس، فأنت عندما تقول إنه لا دخل لي فأنت تقبل بإسرائيل كما هي دولة يهودية، فهم لا يطرحون تحديا حقيقيا لإسرائيل".

وأضاف زحالقة: "الوحيد الذي يقارع الهيمنة الصهيونية على فلسطين هو التجمع، فهوضد الاندماج، وفي الوقت نفسه ضد الانغلاق، بل نطرح مشروعا لتحدي الصهيونية والهيمنة الصهيونية من خلال مشروع دولة المواطنين، الذي هو النقيض للدولة اليهودية، إذ أن مطلب المساواة لا يتحقق إلا بإلغاء الطابع اليهودي عن دولة إسرائيل، فحتى يحصل العربي على المساواة يجب أن تتغير الدولة".

ونوه زحالقة لقضية عدم طرح التحدي معتبرا "السكوت على الدولة اليهودية هو عمليا القبول فيها، فنحن نحاسب ليس فقط على ماذا يقولون، بل أيضا بما لا يقولون"، وأضاف: "المشترك بين الجبهة والحركة الإسلامية هو السكوت عن الدولة اليهودية، فنحن نسألهم ما هو تحديكم؟ يجب أن يكون لديك سلاح استراتيجي، وهذا ما فعله التجمع من خلال برنامجه ومشروعه السياسي من خلال طرحه لتحدي حقيقي، بينما غيرنا لا يتحدى، فالنقاش هو على المواقف المركزية وعلى البرنامج الرئيسي للأحزاب".

وتطرق زحالقة لشعار الجبهة الديمقراطية المركزي قائلا: "الشعار المركزي والأول للجبهة هو دولتان لشعبين، الذي يطلقونه في المظاهرات والحملات الانتخابية ومن على صفحات الاتحاد، ونحن نناقشهم حول هذا الشعار الذي هو المدخل الرئيسي والبوابة الرئيسية للاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، والحزب الشيوعي الاسرائيلي هو أول من روج للاعتراف بالدولة اليهودية، حتى قبل إسرائيل نفسهاـ التي بدأت فقط عام 2005 بالمطالبة بالاعتراف بها دولة يهودية، ويجب عليهم تحديد موقفهم، هل هم مع الدولة اليهودية أم ضدها؟".

تنظيم الجماهير العربية في الداخل

وخلال تطرقه لقضية تنظيم الجماهير العربية في الداخل، اعتبر زحالقة أن التيار الاسلامي غير قادر على هذه المهمة بسبب عدم قدرته على تمثيل كل أبناء الشعب الفلسطيني، مثل المسيحيين والدروز العرب، وحتى كل المسلمين.

وفي الوقت نفسه، اعتبر زحالقة أن التيار الشيوعي الاسرائيلي غير قادر أيضا، كونه يرى موقعه الأساسي مع اليسار الاسرائيلي (في تل أبيب ينسقون مع ميريتس وليس مع التجمع ومن منطلق مبدئي)، وهذه سياسة شيوعية منذ عام 1947.

وأكد زحالقة على أن التجمع الوطني الديمقراطي لا ينتقص من وطنية أحد أو ينتزع شرعية أحد، إلا أن التجمع هو الحزب الوحيد الذي يحمل فكرا قوميا ديمقراطيا، وينظر لكل الجماهير العربية من دون إقصاء أو إلغاء أحد، إذ قال: "منذ إقامة التجمع طالبنا بانتخاب لجنة المتابعة للجماهير العربية بشكل مباشر وتنظيم العرب، كما وأننا الحزب الوحيد الذي لا يوجد لديه مانع مبدئي من التحالف مع التيار الجبهوي أو الإسلامي، وذلك في حال توافقنا سياسيا".

واختتم زحالقة بالقول، إن التجمع في حالة خلاف عميقة مع الحركة الاسلامية في قضية عدم قبولهم لأي أُفق ديمقراطي للقضية الفلسطينية، وكونهم لا يحملون أي فكر ديمقراطي، معتبرا أن الخلاف معهم لا يقل عن الخلاف عن الجبهة والحزب الشيوعي.

هذا وأدار الجلسة الشاب خالد فانوس.

الثورات العربية و "أيلول" المرتقب

خلال النقاش الذي جرى في الندوة، تطرق المشاركون في أسئلتهم إلى للثورات العربية و نية السلطة الفلسطينية التوجه إلى الأمم المتحدة من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967.

وقام أمين عام التجمع، عوض عبد الفتاح، بالإجابة على تساؤلات الشباب، متطرقا في البداية إلى الثورات العربية، التي إعتبرها معجزة، ويجب أن تنعكس على الفلسطينيين، وخصوصا عرب الداخل، إذ قال: "الشعب الفلسطيني سبق هذه الثورات، فشعبنا يثور منذ العشرينات، وثورة عام 1936 من أعظم الانتفاضات شكلا وتنظيما، كما ولا ننسى الانتفاضة الفلسطينية عام 1987، والتي كانت على مدار سنوات وليست أسابيع، وبشكل يومي، كانت تتم عملية مواجهة الاحتلال، حيث تم تشكيل لجان محلية".

وأضاف عبد الفتاح الذي أشاد بدور شبيبة التجمع في التحركات المناصرة للثورات العربية: "الثورات العربية يجب أن تكون ملهمة لنا، خصوصا مع وجود تراث نضالي فلسطيني مثل الانتفاضة الأولى، وفي ظل التحديات التي أمامنا يتوجب علينا المزيد من العمل والإبداع في أساليب النضال، وتقع على عاتقكم المبادرة، إذ أن الدور الرئيسي يقع على الشباب، وأنتم قادرون على الإبداع، ولديكم أفكار خلاقة، لكننا بحاجة لتنظيم أنفسنا أكثر."

ونوه عبد الفتاح قائلا: "نضالنا في الداخل متقطع، ويجب أن يكون متواصلا كما الثورات العربية متواصلة وغير متقطعة، المطلوب هو كيف نصنع نضالا متواصلا وممتدا، فإسرائيل لديها سياسة منهجية ومستمرة، ردنا على هذه السياسة هو الحشد الشعبي المتزايد يوما بعد يوم، وطرح شعارات عينية وتحقيقها".

أما فيما يتعلق بما يُسمى "استحقاق أيلول"، فاعتبر عبد الفتاح أن هناك فائدة من الذهاب الى الأُمم المتحدة لتحشيد المجتمع الدولي من أجل فلسطين، إلا أن السلطة الفلسطينية كانت تقف دائما حائلا أمام تحشيد المجتمع الدولي من أجل فلسطين، خصوصا فيما يتعلق بالمطالبة بمقاطعة إسرائيل، على غرار ما حصل في تجربة جنوب أفريقيا.

ورأى عبد الفتاح أن السلطة الفلسطينية قد تقوم بالتراجع بسبب الضغوطات الامريكية والرضوخ لها، كما واعتبر أن فريق أبي مازن لا يساهم في عملية التحشيد الشعبي من أجل فلسطين، بل يقف أحيانا حائلا أمامها.

وخلص عبد الفتاح بالقول إلى أن من سيصنع الدولة الفلسطينية ويقيمها هو الشعب الفلسطيني، وذلك من خلال نضاله على الأرض وليس في الأُمم المتحدة.

التعليقات