معنيان للرقم 2000: زيارة إلى "ربوع" الخدمة المدنية

قرّرت الذهاب إلى حفل الاحتفاء لعلني أجد خبرًا جيدًا ل"فصل المقال" عن الموضوع، أصل المستشفى لأجد أمامي قبل دخول القاعة حاجز "أمن الوزير" لتفتيشي، أدخل لأرى العديد من وسائل الإعلام في القاعة وقرابة العشرين شابًا وشابة عربية جالسين على طاولة مستديرة مع "سعادة" وزير التكنولوجيا والعلوم دانييل هرشكوفيتس، من حزب "البيت اليهودي"، الذي كان يتحدث لهم عن المقابل الذي سيحصلون عليه جراء الخدمة المدنية وكم هو سعيد بهم في الوقت الذي كان معظم المتطوعين ينظرون إليّ طوال الوقت مستغربين وجود صحفي عربي في حدث كهذا.

معنيان للرقم 2000: زيارة إلى

 

فصل المقال\ ربيع عيد – حيفا

يرن هاتفي الجوال ويظهر رقم غريب على الشاشة، آخر ما كنت أتوقعه هو أن المتصل الغريب ليس أقل من مسؤولة الإعلام في "مديرية الخدمة الوطنية الإسرائيلية"، أرادت دعوتي الشخصية لتغطية حفل الاحتفاء بالمتطوعة العربية للخدمة المدنية رقم 2000!! لعام 2011 في مستشفى "رمبام" في مدينة حيفا.. استغربت من الموضوع ومن الرقم في البداية، فكما هو معلوم هناك إجماع كبير بين الفلسطينيين في إسرائيل ضد مشروع "توصيات أكتوبر 2000"، قمت بالاتصال بجمعية "بلدنا" علهم يملكون معلومات عن الحدث لكن لم يجب أحد، فالساعة كانت متأخرة.

قرّرت الذهاب إلى حفل الاحتفاء لعلني أجد خبرًا جيدًا ل"فصل المقال" عن الموضوع، أصل المستشفى لأجد أمامي قبل دخول القاعة حاجز "أمن الوزير" لتفتيشي، أدخل لأرى العديد من وسائل الإعلام في القاعة وقرابة العشرين شابًا وشابة عربية جالسين على طاولة مستديرة مع "سعادة" وزير التكنولوجيا والعلوم دانييل هرشكوفيتس، من حزب "البيت اليهودي"، الذي كان يتحدث لهم عن المقابل الذي سيحصلون عليه جراء الخدمة المدنية وكم هو سعيد بهم في الوقت الذي كان معظم المتطوعين ينظرون إليّ طوال الوقت مستغربين وجود صحفي عربي في حدث كهذا.

 

رفض هرشكوفيتس رفع كأس نبيذ، بمناسبة رأس السنة العبرية، في نهاية اللقاء "احتراما للمسلمين" اكتفى بدعوة المتطوعين ليتذوقوا طعم "التفاح والعسل"، بعد تكريم نور ابراهيم من الناصرة المتطوعة رقم 2000، لاحقًا ادعى هرشكوفيتش بعد أن سألته بعض الأسئلة التي لم ترق له، أنّ مشروع الخدمة المدنية غير مفروض على أحد ولا علاقة له بالسياسة بل هو موضوع اجتماعي يفيد الجميع، كان عليّ ربما أن أذكره بأنّ إحدى العاملات في طاقم الإعلام للوفد الإسرائيلي الذي توجه للأُمم المتحدة مؤخرًا رنين خوري من الناصرة (ماذا يجري في الناصرة؟!)، مندوبة لإحدى الجمعيات التي تُجند للخدمة المدنية، لكنني لم أطل الحديث معه، لأنّه انشغل بالتقاط الصور مع الخادمين والخادمات.

ارتحت قليلا عندما رأيت أن الحضور لا يتجاوز الثلاثين متطوعًا، فقد توقعت مشاركة المئات أو أنه سيكون أول "مهرجان" شبابي عربي للخدمة المدنية، بعدما خرجنا من القاعة بدأ الصحافيون بالبحث عن "العربي الجيد" لتغذية شهوات الأعلام الإسرائيلي وجمهوره، "يعطونني مكافآت ويساعدوني في تعليمي مستقبلا" تقول بيان من عكا والتي تخرجت حديثا من المدرسة الثانوية كمعظم المتطوعين، لأحد المراسلين، واثقة من وعود المجنِّدين.

في أحضان الوزير - مستشفى "رمبام" حيفا

 

لكن الأضواء كانت مسلطة على المتطوعة "رقم 2000"، عندما سألتها إن كانت تعرف أنّها سوف تحصل على شهادة من وزارة الأمن عند تخرجها من المشروع قاطعتني المسؤولة العربية (زينب) التي وقفت فوق رأسها تحميها من الأسئلة المحرجة وتلقنها الأجوبة، لم أكن أول المقاطعين فقد قاطعت قبلي الزميل الياس غرزوزي من القناة العاشرة بعدما سأل نور "انت تخدمين في مشروع خدمة وطنية.. أي وطن تخدمين بالتحديد..؟!" فقالت له زينب "لا تثقل عليها بالأسئلة.. بعدها جديدة.. وبلاش سياسة".

بدا واضحًا من "بلاش سياسة" والنفي المنهجي للوزير أن يكون للمشروع أهداف سياسية إسرائيلية بأنّ القضية سياسية بالدرجة الأولى خصوصًا أنّ كل من تسأله من المتطوعين يقول لك "إحنا هون من شان نخدم المجتمع ونوخذ حقوقنا".

استغليت الفرصة وسألت إلعاد شمير – مدير القسم العربي في منظمة التطوّع، وهي جمعية خاصة عن رفض الأقلية العربية لمشروع الخدمة المدنية فقال: "أجري بحث شمل عشرات الآلاف، أجراه بروفيسور سامي سموحة من جامعة حيفا وقد وصل للاستنتاج أن غالبية المجتمع العربي تؤيد الخدمة المدنية.. أكثر من 70% يدعمون الخدمة المدنية".

وفي رده على سؤال حول استطلاعات أجرتها لجنة المتابعة العليا عبر لجنة المناهضة للخدمة المدنية وجمعية بلدنا والتي تؤكد أن أكثر من 80% من الشباب العرب يرفضون الخدمة المدنية قال: "هل تقارن بين حركة سياسية؟ كبلدنا، وجمعية ذات أجندة سياسية، وبين استطلاع أجراه باحث أكاديمي"؟

للحظة ما، بعدما رأيت الوزير "القومي المتدين" يحضن الفتيات العربيات والشباب العرب ويلتقط الصور التذكارية معهم، وبعدما سمعت خادمة من حيفا اسمها علا تقول لصحفي زميل "أنا مع العرب يروحوا عالجيش" وأخرى تقول "ليش أتطوع في محل تاني لما هناك فش مصاري"، "راح يساعدوني أتعلم طب"، قررت أن أخرج من المكان لأن أعصابتي بدأت تنهار من الغباء والسذاجة والتملّق والانهزامية وغياب الوعي، أهم بالمغادرة بعد حفلة التصوير و "التزوير" مع الوزير، استغنيت عن "السكوب" الصحفي.

على باب المستشفى، يرنّ هاتفي، هذه المرة الاسم يظهر على الشاشة "نديم ناشف" – مدير جمعية بلدنا، أخبرته عما حصل وطلبت منه رد على ادعاءتهم، فقال لي إن النتائج ليست مفاجئة وإن الإدعاء أن عدد المتطوعين العرب في الخدمة المدنية هو 2000 هو محاولة خبيثة لتوهيم الرأي العام بأن المشروع نجح بين العرب في إسرائيل، فهذه النتائج تشمل أيضا الشرطة الجماهيرية وتشمل مشروع "مدينة بلا عنف" فالزيادة عمليا تأتي من قبل وزارة الأمن الداخلي.

وأضاف نديم "أما بالنسبة لإدعاء أن استطلاع الباحث سامي سموحة موضوعي ويظهر نتائج مغايرة لإدعائنا، فهذا أيضا غير صحيح وعارٍ عن الصحة كون أسئلة سموحة في الاستطلاع غير موضوعية ولسموحة نفسه له ارتباطات وثيقة مع مديرية الخدمة الوطنية الإسرائيلية ويعتبر جزء من الإجماع الإسرائيلي".

فكّرت بعد محادثة نديم المطمئنة في رمزية الرقم "2000"، قد يكون رمزًا لهبّة شعب وكسر لحاجز الخوف وانتصاره للهوية والكرامة، وقد يكون رقمًا خادعًا لكسر إرادتنا السياسية واختراقنا وإحباطنا وتشويه هوية شبابنا بادعاءات لا تسيس أخطر المشاريع السياسية.

 

______________________________________________________________

 

بيان لجنة مناهضة "الخدمة المدنية" المنبثقة عن لجنة المتابعة:

* أولا: إن ضم الشرطة الجماهيرية للخدمة المدنية يشي بالطابع (الأمني الداخلي) و(الأمني) بشكل عام للخدمة المدنية.

*ثانيا: إن ضم الشرطة الجماهيرية (والاحتفاء) بوصول عدد الخادمين إلى 2000 خادم يُشير إلى فشل مشروع (الخدمة المدنية) في جذب الشباب العرب الأمر الذي جعل المؤسسة تبحث عن (متطوعين) في أطر أُخرى مثل الشرطة الجماهيرية لتكبير مصطنع لعدد الخادمين.

 *ثالثا: إن إصرار مديرية الخدمة المدنية على إصدار بيان يؤكد أن الأمر يتم عكس رغبة قيادة الجمهور العربي فهذا الأمر يعني أن فكرة (الخدمة المدنية) التي قامت بإدعاء أنها باب للمواطنة المتساوية أصبحت رمزا لإكراه الدولة ضد المواطنين العرب وقيادتهم وليست أداة للتقريب. وتعني أيضا أن المسؤولين في مديرية (الخدمة المدنية) يريدون تبرير فشلهم أمام الحكومة.

 

التعليقات