الحراك الشبابي في رام الله وسؤال العام الأول

لكن هنالك من يُعيب هذه الحركات الشبابية بأنها من طرف سياسي واحد ذو خلفية يسارية ونخبوية لا تمثل جميع شرائح المجتمع الفلسطيني وأطرافه السياسية، فتقول أغصان إنه كلام غير واقعي كونها هي شخصيًا مستقلة وغير محزبة، ويوجد تعددية في الخلفيات السياسية داخل الحراك، وتقول „صحيح أن المعظم الناشطين من خلفيات يسارية، لكننا نطرح ما يريده الجميع ونتقاطع حتى مع حماس والجهاد، وفي نفس الوقت في حال كنا كلنا جبهة شعبية مثلا.. لماذا لا ننشط تحت اسم الجبهة لو كان الأمر صحيحا؟!”، وتؤكد أن الشباب تجاوزت هذه المرحلة التي كانت موجودة بالسابق وبقوة، والاتفاق على وضع التفاصيل التافهة جانبًا أمام المرحلة التاريخية ومن أجل عدم إضاعة تراكم العمل المشترك وألا يذهب عبثا، مشددة في نفس الوقت أنه „ليس عيبًا أن تكون محزبًا داخل الحراك، فهذه الفصائل وان كنا نختلف معها في العديد من القضايا، قدمت الكثير للقضية الفلسطينية”.

الحراك الشبابي في رام الله وسؤال العام الأول
الفنانة ريم تلحمي تغني في الإعتصام الشبابي المفتوح بدوار المنارة -

تميز العام الماضي على الساحة الفلسطينية وخصوصا في الضفة الغربية ظهور الحراك الشبابي على الساحة السياسية بشكل قوي ومؤثر على المشهد العام، خصوصًا في ظل الثورات العربية التي قادها ويقودها الشباب.

 

 


بدأت القصة بتظاهرات شبابية أمام السفارة التونسية والمصرية في شهر شباط الماضي تضامنا مع الثورات، وكان واضحًا في تلك الفترة خيار السلطة الوطنية بقمع هذه الاحتجاجات (أيضا في قطاع غزة) والاعتداء على المتظاهرين.
 
كما شهدت تلك الفترة نشاطًا للحملة الوطنية لإنهاء الاحتلال التي تتألف من شباب الفصائل والأحزاب الفلسطينية، على موضوع إنهاء الانقسام الفلسطيني من خلال لقاءات مع وزارة الشباب والرياضة حيث كان تمثيلا لكل حزب.
 
تصاعد الاحتجاجات في فترة الثورات
استمر تنظيم المظاهرات مع تصاعد الثورات العربية وبدأت تنادي بإنهاء الانقسام الفلسطيني خصوصًا يوم سقوط حسني مبارك، وكانت محاولات لتوحيد الجهود المختلفة بالرغم من تهديدات الأجهزة الأمنية وملاحقة المخابرات الفلسطينية للنشطاء ومحاولة بعض الأحزاب احتواء الحراك الجديد على الساحة.
 
وفي تاريخ 13\3\2011 أُعلن عن إضراب مفتوح عن الطعام على دوار المنارة في مدينة رام الله من قبل العديد من الشباب، وبعد يومين دعت غالبية الأحزاب لمظاهرة تطالب بإنهاء الانقسام شارك فيها الآلاف، وزادت وتيرة الاحتجاج التي استمرت شهرًا مع فعاليات وأمسيات يومية على دوار المنارة تحت أسم شباب 15 آذار والحراك الشبابي المستقل متحدّين الملاحقة والاعتقال والاعتداءات، حتى إعلان حركة فتح وحماس عن بدء المصالحة في القاهرة، ومع تصاعد في الخطاب المتسائل حول ماذا يعني إنهاء الانقسام، هل هو تقسيم للكعكة؟ وتركّز الاتجاه نحو خطاب ضرورة انتخاب مجلس وطني فلسطيني جديد يمثل جميع الفلسطينيين في كافة أمكان تواجدهم.
 
بعد „المصالحة” أنهى الشباب اعتصامهم، واتخذ شكل الحراك الشبابي في التوسع ليشمل قضايا أخرى مثل أحداث النكبة في 15 أيار، التضامن مع الثورات، ركاب الحرية، مناهضة فعاليات تطبيعية والتصدي لها، وبدأت محاولات لتوحيد الجهود والمجموعات الشبابية، إلا أن الخلافات كانت حاضرة ولم ينجح مسعى توحيد الحركات الشبابية في جسم واحد لعدة أسباب.
 
صعوبة الوحدة
وفي حديث لفصل المقال مع أغصان البرغوثي، منسقة الإعلام في الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان والناشطة في الحراك الشبابي المستقل، حول عدم نجاح بناء جسم شبابي واحد قالت „هذا السؤال نطرحه جميعًا، وطرحناه داخل الحراك الشبابي المستقل، إذ رأينا بوجوب الخروج بجسم موحد من أجل تحقيق الأهداف المشتركة، لكننا وجدنا صعوبة في ذلك لعدة أسباب أهمها غياب الثقة المتبادلة، خصوصًا أن العديد يأتي من أحزاب ومؤسسات مختلفة، إلا أنه خلال العام الماضي تجاوزنا للعديد من المشاكل والحساسيات التي كانت موجودة بين الأجسام المختلفة بعد العمل المشترك والنضوج في التجربة، كما نرى أنه من الصحي تعدد المجموعات الشبابية ما دامت تعمل وتنسق سويًا لفعاليات مشتركة في هذه المرحلة”.
 
وتضيف البرغوثي „نحن في الحراك الشبابي المستقل نعمل حاليًا على صياغة رؤية كي نطرحها على الشارع والناس وكل المجموعات، حول تصور لإستراتيجية عمل مشتركة كي تكون قاعدة آملين بتنجيع عملية التنسيق فيما بيننا بشكل مشترك”.
 
الأجندة المزدحمة
لكن هنالك من يُعيب هذه الحركات الشبابية بأنها من طرف سياسي واحد ذو خلفية يسارية ونخبوية لا تمثل جميع شرائح المجتمع الفلسطيني وأطرافه السياسية، فتقول أغصان إنه كلام غير واقعي كونها هي شخصيًا مستقلة وغير محزبة، ويوجد تعددية في الخلفيات السياسية داخل الحراك، وتقول „صحيح أن المعظم الناشطين من خلفيات يسارية، لكننا نطرح ما يريده الجميع ونتقاطع حتى مع حماس والجهاد، وفي نفس الوقت في حال كنا كلنا جبهة شعبية مثلا.. لماذا لا ننشط تحت اسم الجبهة لو كان الأمر صحيحا؟!”، وتؤكد أن الشباب تجاوزت هذه المرحلة التي كانت موجودة بالسابق وبقوة، والاتفاق على وضع التفاصيل التافهة جانبًا أمام المرحلة التاريخية ومن أجل عدم إضاعة تراكم العمل المشترك وألا يذهب عبثا، مشددة في نفس الوقت أنه „ليس عيبًا أن تكون محزبًا داخل الحراك، فهذه الفصائل وان كنا نختلف معها في العديد من القضايا، قدمت الكثير للقضية الفلسطينية”.
 
وتقول أغصان إنّ هناك أجندة مزدحمة يتم العمل عليها حاليًا؛ تشمل قضايا التطبيع واستمرار المفاوضات العبثية، وقضية التمويل المشروط، والاتفاقيات مع الاحتلال الإسرائيلي منذ أوسلو، وهنالك العديد من التساؤلات حول طريقة العمل وما هو الوطن؟ هل الضفة وغزة أم كل فلسطين؟ وقضايا أخرى تدور على الساحة الفلسطينية مثل المصالحة، سوف يحاولون الإجابة عليها داخل الحراك الشبابي المستقل من خلال الرؤية التي يتم العمل عليها ومن المتوقع أن ترى النور في الذكرى السنوية الأولى ل15 آذار.
 
- أغصان برغوثي وعلي عبيدات خلال مؤتمر صحفي مشترك -

شباب يحب البلد ويكره التطبيع
الصحفي والناشط السياسي علي عبيدات وأحد مؤسسي مجموعة „شباب بنحب البلد” التي ظهرت مؤخرا على الساحة السياسية يقول  „السبب الرئيسي لخروجنا كان للتصدي لكل مظاهر التطبيع التي تتزايد وتتفشى” وذلك بمبادرة العديد من الصحافيين والكتاب والفنانين والمصممين، مضيفًا „لقد أصبح التطبيع أمر عادي في الشارع الفلسطيني، وسادت حالة إحباط بعد فشل أبو مازن في الأمم المتحدة”.
 
نجحت حركة شباب منحب البلد في إلغاء أكثر من لقاء تطبيعي منها في القدس وبيت جالا وكان الحدث الأبرز هذه السنة إلغاء حفلة شريف الدرزي في رام الله، وتنظيم أمسية وطنية بديلة ليلة رأس السنة شارك فيها الآلاف ومن كل أنحاء فلسطين بالرغم من البرد „الشارع متعطش لهذه الفعاليات وللفن الملتزم، والشارح هو الذي أنجح الفعالية الأولى لشباب منحب البلد وهو الذي حماها” يقول عبيدات ومضيفا „هذه أول مرة منذ أوسلو في عام 1993 يتم الحديث عن رام الله المحتلة ويكون نشاط شبابي كبير يتواجد فيه من مختلف أنحاء فلسطين التاريخية بعد مشاريع الأسرلة وتطويع السلطة الفلسطينية وفكفكة الأحزاب، أمرٌ فاجأ الإسرائيليين جدًا وهاجموه في صحفهم معتبرينه خطرًا جديدًا قادمًا”.
 
نجاح فعالية شباب منحب البلد لم يفاجئ إسرائيل فقط، أيضا السلطة الفلسطينية، حيث لم تستطع حركة فتح آنذاك بحشد أكثر من 300 شخص في فعالية ذكرى الإنطلاقة.
 
التنسيق في ظل صعوبة الوحدة
يقول عبيدات أن إلشارع الفلسطيني متعطش لتيار شبابي غير مدعوم من أحد ويراهن على الشارع، معتبرًا أن شباب منحب البلد أخذت هذا الخيار، وهي ستستمر على العمل على قضايا التطبيع، معتبرًا أن توحيد الحراك الشبابي في جسم واحد مع برنامج عملي عملية صعبة جدًا في الوقت الراهن، لكن عملية التنسيق والفعاليات المشتركة تُثبت يوما بعد يوم نجاحها.

يحكي لنا عبيدات عن ضرورة وجود مشروع فلسطيني واحد، يشمل جميع الفلسطينيين في غزة والضفة والقدس والداخل والشتات، وضرورة توحيد هموم الشباب الفلسطيني، ورفع الوعي والحس الوطني لدى الشارع الفلسطيني في القضايا التي تحيط به وهي كثيرة، مشددًا على خلق مشهد ثقافي واحد من خلال خطاب ثوري.
 
الشارع هو الفيصل
يقول عبيدات إنهم بصدد خلق تنسيقيات في البلدات الفلسطينية والمخيمات، بهدف تنظيم فعاليات مشتركة في نفس الوقت، مشددًا على ضرورة الخروج من رام الله وعدم حصر النشاطات فيها، من خلال نشاطات عليها إجماع ألا وهي المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي „عندما نخرج ضد الانقسام يجب أن يكون في سياق مواجهة الاحتلال، وعندما نخرج ضد المفاوضات يجب أن يكون في سياق مواجهة الاحتلال لأنه لا أحد يختلف معك على هذا الموضوع.. قد نختلف على الانتخابات لكن لا خلاف على زوال الاحتلال.. ويجب النزول إلى الشارع وإعادة الحياة للشارع الذي هو الفيصل في نهاية المطاف”.
 
في ختام حديثه يقول عبيدات أنه بات من الضروري طرح قضية الفلسطينيين في الداخل „ماذا مع مخطط برافر وأهل النقب؟ ماذا مع قانون المواطنة؟ يجب العمل على هذه القضايا أيضا ووضعها على أجندة العمل، فهذا جزء من عملية التواصل التي نراها ضرورية، وفي حال قدم اليمين للناصرة للتظاهر أمام مقر التجمع الوطني الديمقراطي ومنزل النائبية حنين زعبي، فسوف نأتي أيضا للتصدي لهم”.
 
- "لا للمفاوضات" لأول مرة امام مقر المقاطعة في رام الله -

التعليقات