أبناؤنا في عطلة الصيف عُرضة لاستغلال المشغّلين

وفي حديثه عن خطورة الظروف التي يعمل فيها عدد كبير من الطلاب والفتية خلال العطلة الصيفية، أشار بدرانة إلى تعرض أحد الفتيان العمال لإصابة عمل بالغة بالعام الماضي نتيجة سقوط صندوق زجاجات مشروب عليه بعد أن تم تشغيله بشكل غير منظم في الناصرة. واضطر صاحب العمل الذي أصيب بالهلع إلى نقله إلى المستشفى. وعلم أنه عرض على أهل الفتى المصاب مبلغا من المال لإقناعهم بعدم تقديم شكوى وعدم الإبلاغ بأنه كان يعمل أصلا.

أبناؤنا في عطلة الصيف عُرضة لاستغلال المشغّلين

حين يخرج الطلاب لسوق العمل في العطل الصيفية يكونون عرضة للاستغلال، ومع تفاقم الوضع الاقتصادي تزداد نسبة الطلاب الذين يسعون لإيجاد فرصة عمل لإعانة أسرهم وبشكل تناسبي تزداد حالات الا ستغلال باختلاف درجات بشاعتها.

ومع تراجع الرقابة القانونية وتردي الأوضاع المعيشية، وتفشي الفقر المدقع  يضطر بعض الأهالي إلى إلى قبول شروط مجحفة لتوفير الاحتياجات الأساسية من مأكل وملبس ومشرب. فيدخل الطلاب إلى عالم جديد  ويضطرون فيه للعمل  في ظروف قاسية تنعدم فيها أبسط حقوق العمل المنظم من حيث التأمينات وتوفير الشروط الإنسانية الذي يتلاءم مع بنية الطفل العامل، في أعمال مثل الزراعة أو البناء وغيره، وتقاضي أقل من أجور الحد الأدنى،  ويزداد الأمر سوءا وخطورةعندما يصاب طفل أو طفلة عاملة بإصابة أو إعاقة جسدية أثناء العمل.

فاطمة تتقاضى 80 شيكل مقابل 8 ساعات من الأعمال الشاقة
فاطمة طفلة من إحدى قرى البطوف من عائلة مستورة في الصف العاشر فقدت والدها قبل اكثر من عام ويتعرض جسدها الغض للشمس والانهاك في عمل شاق ومتواصل لمدة 7-8 ساعات في حقل الزراعة، لكن اكثر ما تخشى- ولعدم وجود تأمينات-  هوالتعرض للاصابة أثناء عملها لتمويل احتياجاتها الأساسية وتمويل أجرة سفرها في السنة الدراسية القادمة في إحدى مدارس بلدة مجاورة.


تقول فاطمة: "إنني أتعاطف مع والدتي كونها معيلة واحدة تعتمد مخصص التأمين الوطني الزهيد بعد وفاة والدي، وأنا أدرك ما يقع على كاهلها من أعباء وقهرالمعيشة ومصاريف تعليمنا". وتضيف أنها توجهت إلى العمل الصعب الذي لا يتلاءم مع بنيتها الجسدية للتخفيف من أعباء وهموم الوالدة وضمان تعليمها الثانوي".

وتتابع "بدأت اعمل عندما يتيح لي وقتي بشكل متقطع قبل العطلة الصيفية لأواصل عملي في ظروف استغلال بشع من قبل مشغلين، بحيث اتقاضى مقابل 8-7 ساعات عمل تحت الشمس الحارقة 80 شيكل فقط، وبدون  أية حقوق تذكر".

وبالنتيجة فإنها لا تحصل على أي تعويض في حال تعرضها لإصابةعمل. ومع ذلك تؤكد أنها ستواصل عملها رغم هذه الشروط المجحفة و القاهرة.
أما والدة  فاطمة فتؤكد أن نزول الأطفال إلى سوق العمل الأسود وبهذه الشروط هي جريمة بحق الطفولة وحق الإنسانية كما هو انعدام الضمير لدى المشغلين وتقول: "أقبل نزولها للعمل على مضض بل وقلبي يتقطع ليس خجلا فحسب، بل لأن عملها من الأعمال الشاقة ولا يحتمله جسدها النحيل، كما أنها تضعني أمام حقيقة عجزي بأنني غير قادرة وحدي على توفير كل الاحتياجات لعائلتي، لكن على المؤسسات أن تراقب وتتابع الظاهرة لإيجاد حلول لتدني المستوى المعيشي وحالة الفقر والبطالة في البلاد، كما أتمنى على المشغلين آن يتمتعوا بحد أدني من الرحمة والأخلاق".

بدارنة: ظروف عمل بعض الفتية تصل إلى حد العبودية.
وهبة بدارنة من نقابة العمال العرب، يستعرض عينات صارخة مؤشرة على حجم الاستغلال الفاحش الذي يتعرض له الشباب والفتية العاملة.
وقال: "حسب الملفات التي قدمناها للمحاكم في السابق فإن الغالبية العظمى من الفتية العاملة تعمل في ظروف من العبودية دون رقابة أو رقيب، وخاصة من يعمل في قاعات الأفراح والكراجات والمطاعم  والزراعة وغيرها، فهؤلاء يتقاضون أجرا يتراوح ما بين 7- 10شيكل لقاء كل ساعة عمل، وذلك في استغلال واضح لحالتهم وحالة الأهل وحاجتهم لتشغيل أبنائهم بأي ثمن.   

وأشار في هذا السياق إلى توجه عدد من الفتية الذي يعملون في عدد من مرافق الناصرة إلى جمعية صوت العامل، حيث قدموا شكوى حول ظروف عمل تصل حد العبودية. وتنوي الجمعية مقاضاة المشغلين. علما أن الكثيرين لا يتوجهون خوفا من خسارة عملهم.

وفي حديثه عن خطورة الظروف التي يعمل فيها عدد كبير من الطلاب والفتية خلال العطلة الصيفية، أشار بدرانة إلى تعرض أحد الفتيان العمال لإصابة عمل بالغة بالعام الماضي نتيجة سقوط صندوق زجاجات مشروب عليه بعد أن تم تشغيله بشكل غير منظم في الناصرة. واضطر صاحب العمل الذي أصيب بالهلع إلى نقله إلى المستشفى. وعلم أنه عرض على أهل الفتى المصاب مبلغا من المال لإقناعهم بعدم تقديم شكوى وعدم الإبلاغ بأنه كان يعمل أصلا.

ومضى بدارنة قائلا: "بناء على فحص شكاوى قدمت لنقابة العمال  وجدنا خرق فاضح وبشع بحق الغالبية العظمى من العاملين والعاملات من الفتية والشباب الذين يعملون في المقاهي والمطاعم  في مدينة الناصرة بحيث اكتشف بان مجموعات كبيرة من العاملين لا يحصلون على راتب ولا حقوق اطلاقا بل يعتمدون على "البخشيش فقط"!! كما تبين ان هناك ثلاث محلات فقط تدفع الحد الادنى من الاجر.

المحامي أحمد أمارة: هناك تجاوزات قانونية وإنسانية يدفع ثمنها العامل المُستغَل
من جانبه قال المستشار القانوني للنقابة المحامي أحمد أمارة إن هناك العديد من الملفات بهذا الشأن  تصل للنقابة حيث أن المشغلين يستغلون العطلة الصيفية للطلاب لزيادة ارباحهم، وأنه خلال العطلة الصيفية يزدحم السوق بطالبي العمل من الأطفال خصوصا في ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة خصوصا لدى العرب.

وأكد أمارة على أهمية وقوف طالب العمل على المعلومات الأساسية بشأن حقوقه في العمل والا يخشى التوجه بالشكوى في حال تم انتهاكها. وقال إنه  يحق للعامل توقيع اتفاقية عمل خطية قانونية بينه وبين مشغله قبل الشروع بالعمل، وهو أمر لا يحصل في الغالب إما بسبب عدم دراية العامل بالأمر، وإما تحت ضغط الحاجة للعمل.

وتابع امارة أنه غالبا  ما يتنصل صاحب العمل من تأمين العامل من إصابات العمل لأنه في حال حدوثها يكلف المشغل مبلغ 9000 شيكل كمشاركة ذاتية في التعويض، وفي ذلك تجاوز قانوني وإنساني يدفع ثمنه العامل المستغل أصلا.

كما لفت الى أن القانون يمنع تشغيل من هو تحت سن الـ14عاما، ويسمح بتشغيل الفتية فوق سن 14 عاما، مع الإشارة إلى أن الفتية من 14 - 16عاما يسمح بتشغيلهم لمدة لا تزيد عن 8 ساعات يوميا، وفي أعمال لاتشكل خطرا على حياتهم وتعريضهم لمخاطر صحية، كما يحق له الحصول على استراحة لمدة 45 دقيقة خلال 6 ساعات من العمل.

كما دعى امارة كل من يرى نفسه متضررا من ذلك ان يتوجه لنقابة العمال العرب في الناصرة.

التعليقات