هوة الـ«ميتساف» العميقة تفصل بين الطلاب العرب واليهود

ويتضح من امتحان "الميتساف" الذي تنظمه ما تسمى "السلطة القطرية للقياس والتقييم" في وزارة المعارف أنه إلى جانب الهندسة هناك فصل آخر تم تسجيل نتائج منخفضة جدًا فيه، حيث تطلب أجوبة بمستوى تفكير أعلى نسبيًا، ولم يتجاوز المعدل 38 نقطة.

هوة الـ«ميتساف» العميقة تفصل بين الطلاب العرب واليهود

د.خالد ابو عصبة

بيّنت نتائج الامتحان القطري لطلاب الثوامن في المدارس الابتدائية، المسمى "ميتساف"، أن المعدل القطري في الهندسة يصل إلى 34 نقطة، حيث أن معدل الطلاب اليهود وصل إلى 36 نقطة، في حين وصل معدل الطلاب العرب إلى 27 نقطة فقط!

ويتضح من امتحان "الميتساف" الذي تنظمه ما تسمى "السلطة القطرية للقياس والتقييم" في وزارة المعارف أنه إلى جانب الهندسة هناك فصل آخر تم تسجيل نتائج منخفضة جدًا فيه، حيث تطلب أجوبة بمستوى تفكير أعلى نسبيًا، ولم يتجاوز المعدل 38 نقطة.

وشارك نحو 111 ألف طالب في امتحانات نهاية العام الماضي، وخاصة من صفوف الخوامس والثوامن في أربعة مواضيع هي: لغة الأم واللغة الإنجليزية والعلوم والرياضيات.

ولم يتجاوز المعدل النهائي في الرياضيات 47 نقطة، بينما كان يضم فصولا في مواضيع أخرى كان المعدل القطري فيها منخفضا مثل الهندسة. وتم تسجيل معدل 51 نقطة في موضوع التفكير الكلامي، في حين وصل معدل الجبر إلى 53 نقطة.

وحصل نحو 25% من الطلاب (21% من الطلاب اليهود و 34% من الطلاب العرب) في العام الماضي على علامة تتراوح ما بين 0-26 نقطة. كما حصل 25% من الطلاب على علامة تتراوح ما بين 67 -100 نقطة، إلا أن الإحصائيات بينت أن 30% من الطلاب اليهود ضمن هذه الشريحة مقابل 13% فقط من الطلاب العرب.

يذكر في هذا السياق أن المعدل القطري في الرياضايت قبل 3 سنوات كان 45 نقطة، وقبل سنتين وصل إلى 48 نقطة.

وتشير الإحصائيات إلى أن المعدل المنخفض في الهندسة ليس جديدًا، حيث كان المعدل قبل سنتين 38 نقطة، وقبل 3 سنوات كان 36 نقطة، ما يعني أن وزارة المعارف على علم مسبق بالمستوى وأن محاولات رفع المعدل لم تحقق أية نجاحات تذكر.


تجدر الإشارة إلى أن المعدل القطري في الرياضيات لطلاب صفوف الخوامس كان أعلى نسبيا حيث تراوح في السنوات الأخيرة ما بين 52-63 نقطة.

وبحسب مصدر مطلع على تدريس الرياضيات فإن وزارة المعارف تلقي التهمة في كل مرة على عامل مختلف، من بينها أنه لم يتم إعداد المعلمين كما يجب، أو أن برامج التعليم غير محتلنة، أو أن هناك نقص في الساعات التعليمية.

وقال رئيس لجنة موضوع الرياضيات من قبل وزارة المعارف، البروفيسور عزريئيل ليفي من الجامعة العبرية، إن المشكلة تكمن في أنه لا يتم تجنيد معلمين أكفاء، الأمر الذي ينعكس في النتائج.

وقالت رئيسة دائرة تدريس الرياضيات والفيزياء في كلية "دافيد يالين"، د. هاجار غال، إنّ نسبة كبيرة من المعلمين لم يؤهلوا لتدريس الرياضيات، وإنّ هناك معلمين يتهربون من مواجهة جهل الطلاب بالهندسة لصالح المشاكل الحسابية الأسهل نسبيًا، وبالنتيجة فإن معرفة الطلاب بالرياضيات تكون على أساس ضعيف جدًا.

كما دلّت النتائج أن معدل الطلاب اليهود في التعبير باللغة العبرية وصل إلى 60 نقطة، في حين وصل معدل الطلاب العرب في اللغة العربية 55 نقطة. وكان المعدل العام في اللغة الإنجليزية 51 نقطة، تتألف من 58 نقطة معدل الطلاب اليهود، مقابل 35 نقطة معدل الطلاب العرب.
قاسم: الطالب كيان يتطلب مناخًا تربويًا واجتماعيًا محفزًا للتفكير.

المربي محمد قاسم اشار بإيجاز إلى أسباب التفاوت وقال: هناك فجوة كبيرة بين المدارس العربية وبين الوسط اليهودي بحيث ان مستلزمات المدرسة الحديثة والعصرية، التي توفر مناخا تعليميًا ونفسيًا، لدى الطالب اليهودي هي افضل بكثير مما هو لدينا ناهيك عن الاستثمار في سلك التعليم، حيث ان هناك تفاوت كبير ايضا بحجم ونوع الاستثمار.

كما اشار قاسم إلى دور الاهل منوها إلى ان الطالب يحتاج اهتمامًا اكبر ومتابعة ومحفزات وتنظيم الوقت، أما العامل الثالث فهو دور المعلم والمدرسة والمستشارين من حيث الجدية ومستوى المهنية والمؤهلات والعلاقات السائدة بين الطواقم والتعاون الجاد في صياغة رؤية تعليمية وتربوية وتوفير المستلزمات الضرورية لذلك، بحيث أن الطالب هو ليس مجرد وعاء للمادة التعليمية بل كيان يشترط تلقيه وتفاعله مناخ انساني اجتماعي سوي ومتفاعل ضمن شروط  ومناخات محفزة على التفكير والدراسة والاستيعاب.

شناوي: هناك استخفاف بالامتحان وأسباب اقتصادية وتراجع بدور المعلمين
المربية ختام شناوي، مديرة مدرسة الزيتون في كفر مندا، لم تطلع على المعطيات بعد، إلا أنّها أشارت إلى أنّه لا جديد في الأمر الذي يتكرر كل سنة وقالت "إن بعض الاسباب تتعلق بعدم اهتمام الطالب بهذا الامتحان وغياب المحفزات لديه أيضًا، لأنّ هذا الامتحان لا يندرج ضمن عملية التقييم السنوية وبالنتائج النهائية، وبالتالي قد ينظر الطالب للامتحان على أنّه ليس ذا قيمة ولذلك تنعدم المحفزات والتحديات لرفع التحصيل".

وأضافت: "كذلك هناك أسباب اقتصادية اجتماعية تلقي بظلالها على جميع مناحي الحياة وتشكل ضغوطات نفسيًة، بالإضافة إلى كم هائل من أوراق العمل والامتحانات مما يشكل حالة من اللامبالاة والاحباط، كما يتمحور الامر أيضًا حول المعلم والهيئات التدريسية بين الكفاءات والمؤهلات خصوصًا عندما تكون لا تتمّ التعيينات وفق معايير مهنية، مع تراجع رسالة المعلم في السنوات الاخيرة لأسباب عدة لا مكان لذكرها في هذا المقام، لكن هذا لا يعفينا من الفحص المعمق والخروج باستنتاجات لمعالجة الأمر".


أبو عصبة: الاستثمار في الطالب اليهودي 5 أضعاف الاستثمار في الطالب العربيمدير معهد "مسار" للأبحاث الاجتماعية والتربوية، د. خالد أبو عصبة، في معرض رده على المعطيات قال: إن هذه النتائج تتكر في كل عام، ولا يوجد أي تغيير في تحصيل الطلاب، حيث أن الفجوة بين الطلاب العرب وبين اليهود لا زالت قائمة، ولا تقتصر على امتحانات "الميتساف" فحسب، وإنما تشمل حتى الامتحانات الدولية، كما نلمس ذلك في مراحل متأخرة أكثر في امتحانات البجروت والبسيخومتري، الأمر الذي يستدعي تحليل هذه النتائج بشكل أعمق للوقوف على أسباب استمرار بقاء هذه الفجوة العميقة في النتائج القائمة منذ سنوات طويلة".

وأضاف د. أبو عصبة "لا يمكن لنا إلا أن نشير في هذا السياق إلى قضية التفاوت في الاستثمار ما بين الطالب اليهودي والطالب العربي بمصادره المختلفة، الوزارة والحكم المركزي والحكم المحلي والأهلي والمجتمع المدني".

وأشار إلى أنه يستثمر في الطالب اليهودي 5 أضعاف ما يستثمر في الطالب العربي، ولا يقتصر ذلك على المباني والتجهيزات، وإنما الاستثمار من الناحية التربوية في إعداد المعلمين، وتطوير عملهم، ونوعية المعلمين.

وشدد بوجه خاص على قضية إعداد وتعيين المعلمين الأمر الذي يستدعي أن تنظر الوزارة بشكل موضوعي ومهني أكثر في مدى ملاءمة المعلمين لاحتياجات المدرسة والطلبة، وليس لاعتبارات أخرى.

كما قال إن هناك بعض التفسيرات الممكنة لهذه النتائج، مثل اللغة الإنجليزية وضعف الطلاب العرب فيها، من جهة كونها لغة ثالثة بالنسبة للطالب العربي (عدا لغة الأم)، في حين أنها لغة ثانية بالنسبة للطالب اليهودي، بيد أن هذه الأسباب وإن كانت موضوعية فهي ليست مبررا لحصول الطلاب العرب على هذه النتائج.

وخلص إلى أن هذه المسؤولية هي مسؤولية الجميع، جميع المؤسسات الفاعلة في المجتمع العربي التي لها علاقة بالتعليم مثل لجان الآباء القطرية ولجنة المتابعة وعلى مستوى القادة السياسيين قطريًا ومحليًا.

التعليقات