الخدمة المدنية على نار حامية!

سيرافقنا سؤال مدى جاهزيتنا لمواجهة المخطط الجديد مطروحا وبقوة الأسابيع القادمة مع اقتراب اقرار القانون الجديد، خصوصا وأن مشروع الخدمة المدنية الإسرائيلية يطبخ في مطابخ الائتلاف الحكومي على نار حامية.. وحامية جدا!.

الخدمة المدنية على نار حامية!

نجلس بشكل دائري في قاعة داخل فندق العين بالناصرة، ضمن اللقاء الأخير لدورة  تُنظمها مؤسسة مجتمع مدني. تختار مدربة ورشة "كيفية الظهور في وسائل الإعلام" بشكل عفوي أشخاص من المجموعة لتحاورهم في لقاء مصور كجزء من الورشة للتدريب واعطاء الملاحظات على كيفية الظهور في وسائل الإعلام، حيث تقوم فيما بعد بعرض اللقاء المصور على المجموعة وتوجيه الملاحظات.

تختار المُدربة إحدى المشاركات الاسم طبعا محفوظ في ملف التحرير، وتبدأ في محاورتها وتسألها عن عملها، فتقول لها المشاركة إنها تعمل مسؤولة في «مديرية الخدمة المدنية» وبشكل مباشر مع المتجندين العرب للخدمة المدنية. نتفاجأ جميعنا مما سمعناه من الفتاة وإشادتها بالخدمة المدنية والحديث عن «إيجابياتها» وكم «تفيد المجتمع والشباب العربي»، وصدمنا من أن الفتاة التي شاركتنا في لقاءات الدورة هي من مروجي الخدمة المدنية الأشاوس ومن صلب المديرية والعاملين فيها!.

هنا تتدخل مركزة مشروع الدورة من قبل المؤسسة، وتقطع الحوار بعد استيعابنا للصدمة. الخدمة المدنية جالسة بكل أريحية في ربوعنا، تتعلم وتكتسب أدوات مهنية من مؤسساتنا الوطنية!. بعد الجدل والصخب الذي عم القاعة بين الحضور ومواجهة الفتاة بحقيقة أنها لم تفصح أثناء تسجيلها للدورة عن طبيعة عملها،  تقرر المسؤولة وبعد التشاور مع مدير المؤسسة بالطلب من المشاركة هذه ترك القاعة والخروج وعدم الاستمرار بالدورة، وليس كموقف شخصي ضدها بل لما تمثله من موقف سياسي، ومن منطلق أن المؤسسة يرفض إعطاء أدوات مهنية وكفاءات لأشخاص سوف يستعملوها ضد الأقلية العربية خصوصا وأن المؤسسة تتبنى موقف لجنة المتابعة للجماهير العربية فيما يتعلق برفض الخدمة المدنية والوطنية الإسرائيلية.

"معنيان للرقم 2000"
تذكرت حينها هذه المشاركة.. كنت قد أعددت تقريرا لصحيفة فصل المقال قبل سنة ونيف وبالتحديد بتاريخ 2011/9/28 تحت عنوان "معنيان للرقم 2000: زيارة الى ربوع الخدمة المدنية"، يحكي عن فعالية أقامتها مديرية الخدمة المدنية آنذاك في مستشفى رمبام لتكريم المتطوعة العربية رقم 2000 بمشاركة وزير التكنولوجيا والعلوم حينذاك دانييل هرشكوفيتس .

يومها حين توجهت لإحدى المتطوعات أنا وزميل آخر (الياس غرزوزي) لتوجيه أسئلة لها حول الخدمة المدنية، قاطعتنا هذه المشاركة، أو بالأحرى المسؤولة يومها عن المتطوعين العرب، ومنعتنا من لقائها بعد أن رأت أن الأسئلة  التي نطرحها تنطوي على طابع سياسي الأمر الذي لم يُعجبها، ومنعتنا بطريقة استفزازية من لقاء المتطوعة. بعد أن تذكرت هذه الحادثة تأكد لي أن كلام هذه المشاركة عن الديمقراطية وعن حقها في استكمال الدورة (في البداية رفضت الخروج من القاعة) هو كلام فارغ.

بعد إعدادي للتقرير الصحفي المذكور أعلاه، علمت أن أحد الشبان الناشطين في جمعية الشباب العرب – بلدنا والذي يعمل في مستشفى رمبام توجه للمتطوعة رقم 2000 التي كانت تؤدي الخدمة المدنية في المستشفى، وتحدث معها عن زيف مشروع الخدمة المدنية ومخاطره، فقررت ترك الخدمة المدنية وعدم انهاء فترة تطوعها او لنقل تجندها.

مع بداية العام الدراسي الحالي التقيت بها في جامعة حيفا حيث بدأت تعليمها هناك، وتعرفت عليها .. نور ابراهيم من الناصرة، طالبة لغة إنكليزية، تعرفت عليها أكثر خصوصًا خلال مشاركتها في نشاطات الحركة الطلابية، وفي الكثير من الأحيان كانت تساعدني بتغطية هذه النشاطات من خلال التصوير.

تترك الخدمة بعد 11 شهرًا
تقول لي نور إنها لم تكن متحمسة لدخول مشروع الخدمة المدنية، لكنها كانت تبحث عن عمل بعد إنهائها المدرسة الثانوية، ووالداها لم يوافقوا على عملها في في مطعم أو دكان ملابس ونصحاها بدخول الخدمة المدنية، على أساس توفير مصروف وامتيازات مساعدة في التعليم. حدثتني عن حادثة يوم التكريم في مستشفى رمبام وكيف انها استاءت من تعامل المسؤولة التي منعت الصحافة عنها وجعلتها تشعر أنها غير جديرة بالإجابة عن الأسئلة مما أضاء لها علامات سؤال، ثم أخبرتني بقصة تركها للخدمة المدنية بعد 11 شهرًا وتنازلها عن كل الامتيازات التي كانت موعودة بها بعد أن عرفت أكثر عن مخاطر الخدمة المدنية. تنصح نور اليوم كل شخص يريد الذهاب الى الخدمة المدنية بعدم الذهاب، خصوصًا أن هنالك العديد من الأماكن والمؤسسات التي بالإمكان التطوع فيها وأيضا إمكانية الحصول على منحة تعليمية ومن دون الحاجة لإطار مديرية الخدمة المدنية.

قصة نور شبيهة بمئات الحالات ممن يذهبون للخدمة المدنية بهدف امتيازات بسيطة هنا وهناك يوهمون بها، والمثير للقلق على ضوء اتفاقية الائتلاف للحكومة الجديدة، أن هذه الامتيازات سوف تتزايد بشكل كبير وسيتم وضع مغريات جدية للشباب العرب بهدف رفع عدد المتجندين للخدمة المدنية خلال الخمسة سنوات القادمة من 2500 (يشمل الشرطة الجماهيرية ومشروع مدينة بلا عنف) الى 6000 متجند، كجزء من قانون "المساواة بالعبء" الحكومي الجديد الذي سيتم تقديمه من قبل الائتلاف الحكومي في نهاية الشهر القادم للمصادقة عليه، والذي يهدف لزيادة عدد المتجندين العرب للخدمة المدنية بشكل كبير حتى يتم فرض الخدمة الوطنية الإسرائيلية مستقبلا بعد عملية الإختراق هذه.

وفي هذا السياق يُطرح سؤال عن مدى جاهزية الأقلية العربية والقوى السياسية والأهلية لمواجهة المخطط الجديد؟ هل مجتمعنا مُحصن في وجه الإغرائات الكبيرة المعروضة أمام جمهور المستهدفين؟ على أثر هذه التطورات تعقد القوى الشبابية وجمعيات أهلية عديدة اجتماعا اليوم الجمعة في نادي جمعية بلدنا في حيفا للتشاور في الموضوع، خصوصًا في ظل التباطؤ الحاصل من قبل لجنة المتابعة للجماهير العربية فيما يخص بالخروج ببرنامج عملي لمواجهة الخدمة الوطنية الإسرائيلية.

وفي حديث لفصل المقال مع رئيس جمعية بلدنا نديم ناشف حول الموضوع قال "في اعتقادي هنالك جانبين للموضوع، الأول السياسي وفي اعتقادي أن هنالك اجماع تام على الموضوع من قبل جميع القوى السياسية داخل المتابعة ومؤسسات المجتمع المدني، لكن الجانب الثاني هو الجانب العملي الذي نفتقده لمواجهة المخطط الجديد، فنحن نواجه مؤسسة لديها موظفون يعملون بشكل يومي مع ميزانيات ضخمة، لا يُعقل أن يستمر هذا التباطؤ في العمل، نحن بدورنا كجمعيات أهلية ناشطة بين الشباب إضافة للقوى الشبابية علينا أن نبدأ بالتحرك، بالتأكيد بالتنسيق مع لجنة المتابعة، لكن عملنا لن يكون مربوطا في حال حصل تأخير داخل المتابعة وعلينا أن لا نربط أنفسنا بخلافات قد تحصل بين الأحزاب داخل المتابعة لأن القضية مصيرية للأقلية العربية".

نجتمع في المتابعة كل شهر!
بدورها توجهت صحيفة فصل المقال لرئيس «لجنة مناهضة الخدمة الوطنية الإسرائيلية وكافة أشكال التجنيد» المنبثقة عن لجنة المتابعة محمد حسن كنعان للإستيضاح حول آخر المستجدات في القضية، إذ قال في حديثه أن لجنة مناهضة الخدمة الوطنية واعية للمخطط وهي ترفضه جملة وتفصيلا، وترفض كل ما يُروج من قبل مديرية الخدمة المدنية ونعتبرها مصيدة جديدة لشبابنا. وفي حديثه ايضا قال إن اللجنة عقدت اجتماعين، الأول كان تعارفيا لأعضاء اللجنة والثاني مع المؤسسات الأهلية والقوى الشبابية، ومن المفروض أن تقدم هذه القوى تصورا لكيفية مواجهة المخطط كي يتم تقديمه للمتابعة ورئيسها كي تصادق عليه بشكل جماعي.

كما شدد كنعان على ضرورة ان يكون هنالك وحدة بين مركبات المتابعة وان تقوم المتابعة بتحديد السقف للرد المطلوب، لكن كما يبدو تحريك الأمور داخل المتابعة بطيئ جدا، فهذه اللجنة أقرت أن اجتماعاتها كل شهر او كل 45 يوم مرة واحدة!. وعند سؤالنا لكنعان عن تصوره الخاص بكيفية مواجهة هذا المخطط في حال كان يملك تصورا، أجاب أن يعتقد يجب تدريب 150 – 200 شاب وشابة لكي يقوموا بتوعية طلاب المدارس من هذا المشروع وأن هذا المشروع سترتبه المؤسسات الأهلية الفاعلة تحت سقف المتابعة، وسيكون اجتماع في مطلع الشهر القادم.

وتوارد مؤخرًا عن لقاء حصل بين محمد حسن كنعان مع سعيد ابو ظلام (مدير جمعية للخدمة المدنية فاعلة بين العرب) في طمرة، لكن كنعان نفى أن يكون هذا اللقاء حول قضية الخدمة المدنية، إذ قال أنه التقى به صدفة في مقهى "أروما" وكان لقاء اجتماعيا و"دردشة"عاديا!.

سيرافقنا سؤال مدى جاهزيتنا لمواجهة المخطط الجديد مطروحا وبقوة الأسابيع القادمة مع اقتراب اقرار القانون الجديد، خصوصا وأن مشروع الخدمة المدنية الإسرائيلية يطبخ في مطابخ الائتلاف الحكومي على نار حامية.. وحامية جدا!.

____________________________________________________________________________________

فوق حَقــّه دُقـّه

فيديو جديد من إصدار جمعية الشباب العرب (بلدنا)، انطلق إلى فضاء الانترنت، يوم الخميس 18.4.2013 ليوضح بشكل مختصر مفيد مسألة قانون التجنيد الجديد الذي تنوي حكومة نتنياهو-لبيد-بنت محاولة سنه في شهر ايار القريب بحجة "المساواة في العبء"، الشعار الذي ردد وتغنى به عدد من الاحزاب الصهيونية به خلال فترة الانتخابات السابقة.

الفيديو يظهر السخرية والمهزلة في مطالبة المواطن الفلسطيني تحمل الأعباء، حيث أن دولة اسرائيل كلها اقيمت على أنقاض وطننا ويتحمل المواطن الفلسطيني فيها أعباء هائلة، مثل مصادرة الأراضي وهدم البيوت والتهميش والتفقير وسياسات حكومية عنصرية. ثم تأتي هذه الحكومة دون حياء لتطالبه بتحمل اعباء اخرى حسب سياسات امنية وعسكرية تعمل بالأساس ضده.

يذكر ان الحكومة وحسب اتفاقها الائتلافي، عينت لجنة وزراء برئاسة الوزير يعكوف بري (رئيس جهاز الشاباك سابقا) والتي ستقدم مقترح قانون تجنيد جديد خلال شهر ايار القادم والذي من المتوقع ان يشمل الشباب العرب وتشجيعهم على الخدمة العسكرية والمدنية.

الفيديو من إصدار جمعية الشباب العرب(بلدنا)
نصوص جوان صفدي
تصميم وانتاج نايف شقور

التعليقات