الحراك الشبابي الفلسطيني.. مهمات ريادية وصراع بين نهجين

مر يوم الغضب الثالث كيوم مشهود في نضالات عرب الداخل ،ولازال الحراك الشبابي، في الداخل وفي مجمل مناطق فلسطين التاريخية يثير اهتمام اوساط سياسية وثقافية واسعة بحيث طرح البعض ضرورة مراجعة وتقييم تجارب الحراك الشبابيّ في التجمعات الفلسطينيّة الرئيسة، وفق خصوصياتها، من حيث الأهداف والشعارات ووسائل العمل والفئات المشاركة، وبلورة تصورات وآليات عمل لتطوير المشاركة السياسيّة للشباب ومشاركتهم في اتخاذ القرار الوطني وبناء إستراتيجيّة وطنيّة للتحرر من الاحتلال ومواجهة السياسات الساعية للنيل من وجود عرب الداخل، إضافة إلى تحديد أشكال ووسائل لتغلب الشباب في كل من تجمعات الشعب الفلسطيني على المعوقات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة التي تحد من تنمية دور الشباب في مجتمعاتهم ، واقتراح تصورات ووسائل لمشاركة الشباب الفلسطيني عمومًا في إثارة ومعالجة المشكلات والمعوقات الخاصة بكل تجمع على حدة رغم انهم برزوا موحدين في المعارك الكبرى لاسيما في حراكهم بيوم الغضب الثالث لنصرة النقب، ولتسليط الضوء على مهمات ومعيقات الحراك استطلعت فصل المقال عدد من الاراء.

الحراك الشبابي الفلسطيني.. مهمات ريادية وصراع بين نهجين

من مظاهرة يوم الغضب الثالث أمام مستوطنة "بيت إيل"

مر يوم الغضب الثالث كيوم مشهود في نضالات عرب الداخل ،ولازال  الحراك الشبابي،  في الداخل وفي مجمل مناطق فلسطين التاريخية يثير اهتمام اوساط سياسية وثقافية واسعة بحيث طرح البعض ضرورة مراجعة وتقييم تجارب الحراك الشبابيّ في التجمعات الفلسطينيّة الرئيسة، وفق خصوصياتها، من حيث الأهداف والشعارات ووسائل العمل والفئات المشاركة، وبلورة تصورات وآليات عمل لتطوير المشاركة السياسيّة للشباب ومشاركتهم في اتخاذ القرار الوطني وبناء إستراتيجيّة وطنيّة للتحرر من الاحتلال ومواجهة السياسات الساعية للنيل من وجود عرب الداخل، إضافة إلى تحديد أشكال ووسائل لتغلب الشباب في كل من تجمعات الشعب الفلسطيني على المعوقات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة التي تحد من تنمية دور الشباب في مجتمعاتهم ، واقتراح تصورات ووسائل لمشاركة الشباب الفلسطيني عمومًا في إثارة ومعالجة المشكلات والمعوقات الخاصة بكل تجمع على حدة رغم انهم برزوا موحدين في المعارك الكبرى لاسيما  في حراكهم بيوم الغضب الثالث لنصرة النقب، ولتسليط الضوء على مهمات ومعيقات الحراك استطلعت فصل المقال عدد من الاراء.

الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين تطرق الى اهمية مواقع التواصل الاجتماعي، ويرى أن هناك حالة من الحراك الفلسطيني تنتقل على شبكات ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل واسع جداً وتتحول تدريجيا الى فعل ونشاط ميداني، حيث يمكن الحديث عن آلاف الشبان الذين يتواصلون عبر مجموعات شبابية، وبشكل خاص عبر صفحات فايسبوك وأن هذه المجموعات الشبابية تعمل لخلق حالة وعي للهتافات والشعارات المطلوبة للحراك.

ولفت إلى ضرورة ملاحظة وجود تصاعد وتزايد كبير في عدد الفلسطينيين الذين يستخدمون هذه الشبكات، كما إن الحالة الفلسطينية تنتقل من حالة الإلهام الفردي من الثورة التونسية ومن ثم المصرية والليبية إلى حالة الإلهام الجماعي، وهي مرحلة مهمة لكون الشبان يقومون بمحاولة تحويل حالة الإلهام الجماعي إلى حالة من الوعي الجماعي عبر الشعارات والأهداف المطلوب تحقيقها لإحداث التغيير في الحالة الفلسطينية.

وقال شاهين المتتبع لأنشطة المجموعات الشبابية على فايسبوك ‘هذه الحالة طبيعية ومرت فيها معظم المجموعات التي تشكلت عبر فايسبوك للتحضير لهبّة شعبية، منوها الى عمل اكثر عمقا، وهو العمل المشترك لتوحيد المجموعات التي تلتقي في ما بينها بالأهداف والشعارات، وربما يتم تشكيل هيئة قيادية تنسيقية في ما بينها حول شعارات محددة قابلة للتطبيق.

وأكد شاهين أن الإعلام الحديث وشبكات التواصل الاجتماعي لها تأثيرات كبيرة لوحظت في تونس ومصر، وسيكون لها تأثير كبير في الحالة الفلسطينية، حيث توجد سرعة كبيرة في تحديد المواقف وبلورتها وخلق رأي عام من خلال هذه الشبكات، وهي ميزة لم تكن متاحة في السابق، وزيادة أعداد مستخدمي هذه الشبكات سيشكل عامل ضغط باتجاه خلق رأي عام مؤثر .

ابراهيم:لا بديل امامنا سوى النضال المشترك..
الكاتب والحقوقي "الغزي" مصطفى ابراهيم قال التظاهرات التي اندلعت من قبل فلسطيني الداخل يقودها “الحراك الشبابي” الذي ظهر على الساحة منذ عامين، وتطغى فعالياته على نشاطات الأحزاب والحركات السياسية و “لجنة المتابعة للجماهير العربية”، ليس في هذه القضية فحسب، وإنما في قضايا وطنية أخرى مثل قضية الأسرى ومحاكمة متهمي شفاعمرو بقتل الإرهابي ناتان زاده.

ولفت الى ان الخط العريض لنشاط “الحراك” يقوم على نضال فكري توعوي، وعلى المقاومة الشعبية السلمية، مستفيدين من نضالات مماثلة في تاريخ العالم. جيل الشباب في المجتمع الفلسطيني الداخلي، وبعد “أحداث أكتوبر 2000” التي انتفض فيها فلسطينيو الداخل واستشهد 13 منهم برصاص الشرطة الإسرائيلية، بلور هويته الفلسطينية، وهم من أبناء العشرينات من فلسطيني الداخل الذين عاشوا الحرب على لبنان 2006 والحرب على قطاع غزة عام 2009.

وأبناء العشرينات من فلسطينيي الضفة و قطاع غزة كبروا و عاشوا ولا يزالوا الانقسام، وفي خضمه انهمك الشباب و الناس في الهم اليومي ولقمة العيش والفقر والبطالة والدفاع عن حقوقهم المنتهكة من سلطتي الانقسام، وترهل الفصائل وعجزها عن الفعل السياسي، يتم اهمال القضايا الوطنية الكبيرة كمواجهة الاستيطان وتهويد الأرض وتغييب الهوية، وعدم مواجهة المشاريع الصهيونية الهادفة إلى فصل الفلسطينيين عن ما تبقى من وطن.

واضاف ابراهيم في فلسطين التاريخية يعود الفلسطيني، لمواجهة الواقع السياسي المر الذي يعيشه بكل مخاطره وتحدياته، فالشباب الفلسطيني في مواجهة العنصرية والعنف والغطرسة مسلحين بالوعي السياسي وبالروح الوطنية العالية، وبالقدرة على تطوير آليات النهوض بالنضال الشعبي.
الان جاء دور الشباب في الضفة الغربية وقطاع غزة لتوحيد انفسهم والعمل بشكل وطني بعيدا عن المزايدات والاصطفاف الحزبي، والاستفادة من تجربة الحراك الشبابي في اذار 2011، واستخلاص العبر من خطاياهم وأخطائهم الذي ارتكبوها خدمة لمصالح حزبية او خاصة، وتوجيه النقد لأنفسهم ورفع شعارات وطنية وليست حزبية، والمطالبة بإنهاء الانقسام والاهتمام بالقضايا الوطنية وليس المطلبية فقط.

و مع الاخذ بالاعتبار منح الشباب فرصة للعمل وحدهم وتزويدهم بتجربة الكبار بعيدا عن فرض الوصاية عليهم والتعامل معهم على انهم مراهقون، وعدم التعامل معهم بالقمع والاحتواء كما هو حاصل الان.

ولتفويت الفرصة من الشباب على الفصائل لاحتوائهم وتوجيههم يجب عليهم توحيد صفوفهم والاتفاق للعمل على القضايا الوطنية التي تجمع الناس كموضع الاسرى والمفاوضات والاستيطان ومصادرة الاراضي في القدس و النقب والجليل، ومواجهة الاحتلال بالتحركات الشعبية التي تجمع الناس.

وتابع طالما اقنع الشباب الناس بعملهم الوطني الجامع فسيكون من الصعب قمعهم، في المقابل فانه غير مسموح للشباب الخوف من قمع الاجهزة الامنية حتى لا يتحول الخوف إلى كابح أمام الناس ،بإمكاننا التحول إلى قوة مؤثرة ، و تفرض حضورها السياسي والفعلي على الساحة و لنساعد الشباب و يتحركون مستندين إلى وعيهم وحماسهم.

كما لا يجوز للفصائل والمثقفين التعامل مع الشباب كحالة عاطفية او رومانسية عابرة، وعلى الشباب ان يتسلحوا بالوعي كفئة مهمة سيكون على عاتقها مهام جسيمة، و يجب أن تجتهد بتطوير وعيها ومعرفتها.

وخلص ابراهيم بالقول المطلوب من الشباب تطوير حراكهم ومدى قدرتهم على استقطاب اخرين من الشباب من انصار الفصائل والمهمشين والعاطلين عن العمل، والتصرف بمسؤولية وطنية تجمع ولا تفرق. نحن نمر بمرحلة خطيرة جدا و لا بديل امامنا سوى النضال المشترك .

الشعيبي:شعب واحد..وطن واحد... نضال موحد...
الناشط بالحراك الشبابي بمدينة رام الله زيد الشعيبي تحدث عن اهمية التواصل بين اجزاء الشعب الفلسطيني ومواجهة التجزئة والانقسام  وقال:اذكر عندما التقيت للمرة الأولى ببعض نشطاء الحراك الشبابي في النقب وعندها رحبت فيهم وأبديت سعادتي باجتماع شباب فلسطيني من الأراضي المحتلة عام 48 وال 67 والنقب!! نعم دون وعي او سبق اصرار قمت بفصل النقب عن باقي اراضينا المحتلة.. مما سبق يمكن ان نتنبه لاحدى اهم نتائج عمليات كي الوعي الذي تعرضنا ومازلنا نتعرض له كشعب فلسطيني بهدف تعميق انقسامنا الجغرافي ذهنيا ً وواقعياً.

واضاف جاءت التحركات ضد مخطط برافر عام 2013 والتي عمت فلسطين التاريخية بأيام الغضب الثلاث لتحدد نموذج يحتذى به ومسار نسير على خطاه في كافة قضايانا الوطنية. اذ لو نظرنا  الى خارطة التحركات في فلسطين فسنجد ان الضفة وغزة والنقب وحيفا تحركوا على قضية واحدة وهنا يكمن الشعار الأول الذي رفعه شباب فلسطين وقاموا بتحقيقه بإثبات أن فلسطين من راس الناقورة وحتى النقب هي وطن واحد وان قضية النقب ومشاريع التهجير والاستيطان فيها تمس ابناء رام لله تماما ً كما تمسهم قضية مستعمرة بيت ايل المقامة على اراضي محافظة رام لله والبيرة والتي ليست بالصدفة تم اختيار مكان مظاهرة يوم الغضب الثالث عند أبوابها، فهذه الرسالة الأولى التي حرصنا ايصالها الى دولة الإحتلال ومستوطنيه.
اعاد الحراك الموحد ضد مخطط برافرالاقتلاعي شعور بالقدرة والقوة التي نملكها كشعب فلسطيني واحد متجاوزين التعريفات المشوهه التي حاولت السياسات الصهيونية فرضها علينا مستعينة بقبول وموافقة القيادات الفلسطينية تحت مسمى "السلام"..ان الوقفة التي قامو بها ابناء مخيم نهر البارد في لبنان دعماً لقضية النقب ما هي الا دليل على ان الشعب الفلسطيني بمختلف اماكن تواجده في الداخل والمنفى هو شعب واحد فهو ليس فقط الفلسطيني المتواجد في الأراضي المحتلة عام 67. وهذه هي الرسالة الثانية التي حرصنا على ايصالها.

وتابع الشعيبي ان تذويت مبدأي وحدة الشعب الفلسطيني ووحدة الوطن يقودنا بالمحصلة الى الالتفاف حول قضايانا المختلفة حتى لو لم تكن تمسنا بشكل مباشر ويومي وهذا ما حدث مع حملة برافر لن يمر، اذ توحد نضالنا على المستوى الشعبي على قضية وهدف واحد في جنوب فلسطين هذه المرة متجاوزين الحدود الوهمية صنيعة الاحتلال ومشاريع السلام والاستسلام.

ان نجاح هذه التحركات سيؤدي الى اعطاء نموذج لجميع ابناء شعبنا بأننا نستطيع افشال المخططات الصهيونية في حال انتظمنا بنضالنا موحدين ورفعنا وتيرة المواجهة مع المحتل ليستشعر قوتنا وجدية هذه التحركات ليجبر على الانصياع للمطالب.

- التحرك دون محرك حزبي/ ان الملاحظ في هذه التحركات بأن الشباب لحد كبير تجاوز الحسابات الحزبية الضيقة وكان همه الوطني ووعيه السياسي لخطورة المشروع هو المحرك الأساسي له وليست قرارات الاحزاب التي ينتمون اليها..وهذا مما دفع الى اعداد كبيرة الى النزول للشوارع بيوم الغضب الثالث.

بإعتقادي اننا الان نسير في المسار الصحيح وعلينا التنسيق عن قرب بين جميع الحركات الشبابية والأحزاب للاستمرار بنضالنا حول قضايانا المختلفة والتحرك ضمن خطة واضحة نرفع بها سقف مطالبنا ومواجهتنا مع المحتل درجة درجة لتكون هذه بداية فرض واقع جديد ننهض به الى تحقيق أهدافنا الوطنية بالعودة والتحرير.

عروبةعثمان: فلسطين قرعت جدران الخزان..

الصحافية والناشطة عروبة عثمان من حراك غزة قالت: فلسطين طرقت  جدران الخران، ودقّت أبواب الاحتجاجات على مخطط اقتلاع البدو من جذورهم لثلاث مراتٍ خلال الأشهر الخمسة الماضية، حتى كان لغزة المثقلة بهمومها وحصارها الخانق نصيبٌ في ذلك.
لم تغب غزة بالمطلق عن الحراك الشبابي المناهض لبرافر، وإن كانت التحركات خجولةً بعض الشيء، ولا ترقى إلى مستوى الكارثة المحدقة بأهل النقب.

واضافت عثمان إن العامل الوقتيّ هو المحرّك الأكبر لأي فعاليّة بغزّة نشعر أنها بحاجة ماسّة لتحريكها ونقل رقعتها من نطاق ضيق محدود إلى آخر جماهيري واسع. كلّ ما فعلته غزّة لمجابهة "برافر" كان مرتبطاً بتاريخٍ محدد أو مناسبةٍ بعينها. لم ترقَ بعد مسألة التصدي له إلى النزول إلى الشوارع والميادين بشكلٍ شبه يومي، وإن كانت المحفّزات لهذا الأمر كثيرة أهمها أن قضايانا الوطنية متراكمة مشتعبّة لا تسدّها أي نهاية، فضلاً عن أن مخطط "برافر" لا يتهدّد أهل النقب وحدهم؛ لكن نفسنا القصير ووقوفنا على حدود اليوم الذي نقرر فيه التظاهر يُردي هذه المحفزات ويجعلنا نعيد ما صنعناه في أي مسيرةٍ أو حراك تضامني مراتٍ ومرات، دونما البدء من حيثما انتهينا في مرات سابقة.

وتابعت ان المسألة ليست مقتصرة على حراك غزة الضعيف المرتبط ببرافر، بل هي مسألة عامة تتطلب منا أن نتمتّع بنفسٍ طويل نسبياً، ونتحلى بالإصرار على إحراز النصر في أي قض وطنية ملحة. في غزة، لا يمكن إلقاء اللوم على أهلها وحدهم دون النظر إلى قمع الحكومة لهذه التحركات الشبابية، وعمدها إلى اتهام المشاركين بأنهم أصحاب أجندات خارجيّة ينوون التمرّد على الحكومة الراعية لجذور المقاومة، لذا يفضّل غالبية الشباب المكوث في المنازل على الخروج إلى الميدان والاعتداء عليهم من قبل أفراد الأمن الداخلي! ففي أيام الغضب الثلاثة، تذّرعت الحكومة بحجة "عدم ترخيص الفعاليات والمظاهرات" لتقمع الشباب الغاضين. لم يفهم أحد معايير وزارة الداخلية للسماح لجهة معينة دون أخرى بتنظيم وقفة احتجاجية على مخطط برافر، حيث تم منع المجموعات الشبابية في المرات الثلاث من تنظيم وقفتهم الاحتجاجية على المخطط في ميدان الجندي المجهول وسط غزة، وإن كانت الداخلية وفقاً للقانون لا تملك هذه الميزة، فهي ليس بيدها أن توافق أو تعارض وقفة دون أخرى، كون الجهات المنظمة أشعرتها بذلك دون انتظار الموافقة من عدمها.

  أحمد العديني وأحمد الغلبان وأحمد أبو وردة ورامي محسن أربعة شبان تم الاعتداء عليهم بالضرب وإهانتهم بمقر المباحث بغزة في يوم الغضب الأخير الذي وافق الثلاثين من الشهر الماضي.

واردفت عثمان الاعتداء بطبيعة الحال تم وفقاً للذريعة الأبدية "عدم الترخيص" أو ربما وقوف شخصيات دحلانيّة وراء هؤلاء الشباب وضخ التمويل القذر لجيوبهم! وفي يوم الغضب الأول، حاصر أفراد من الأمن الداخلي الشباب الموجودين في ميدان الجندي المجهول وسط غزة، ولاحقوهم من بقعة إلى أخرى، بحجة عدم ترخيص التظاهرة المناهضة لقانون برافر، أو إبلاغ الجهات المعنية عن موعدها وأهدافها. غير أن إبراهيم الطلاع، أحد الشباب الداعين إلى التظاهر، أكد تقديمه إشعاراً للشرطة وفقاً للقانون، موضحاً أن الداخلية هاتفته أكثر من مرة من أجل إلغاء التظاهرة. ورغم كل ذلك، تمكّن العنصر النسائي من تصدّر المشهد وإدارة التظاهرة لمدةٍ بسيطة لا تتجاوز نصف ساعة، وسط هتافات عالية من قبيل «شعبي يقرر شعبي حر عمر برافر ما حيمر» و«من النقب طلع القرار.. بدنا نولع الأرض نار» و«من غزة تحية للنقب الأبية».

ووجه عدد من نشطاء الإعلام الاجتماعي عدّة تساؤلات إلى داخلية غزة حول مبرر خشيتها من هذه التظاهرات غير المنحازة بتاتاً إلى طرف دون آخر، مستغربين تعيينها أفراداً يجهلون أبجديات القانون وبديهياته، خاصةً أن لا وجود لبند يدعو إلى الترخيص، متسائلين «هل حينما خاضت غزّة حربي الرصاص المصبوب وعمود السحاب، وأطلقت الصواريخ تجاه أراضينا المحتلة، أخذت الحكومة ترخيصاً من سكان قطاع غزة؟». وأضافوا «الغريب أن الحكومة في غزّة التي أصدرت اليوم موقفاً من برافر، حيث عدّته مشروعاً استفزازياً تهجيرياً، هي ذاتها التي حاولت أن تفضّ التظاهرة بالقوة عبر التهديد والوعيد»، مبدين استياءهم من اضطرارهم إلى تحويل مسار الحديث عن برافر إلى الخوص في أمر ساذج متعلق بـ«يا عمي مرخص ولا مش مرخص».

وخلصت القول الحراك الشبابي الغزيّ يفتقر إلى قيادة موحدة تجابه القمع الصادر من طرفين: حكومة غزة والاحتلال الإسرائيلي، لذا لا يمكن مقارنته بحجم الحراكات الشبابية في النقب أو الداخل الفلسطيني المحتل. الأسباب كثيرة التي تحول دون خوض الحراك الشبابي الغزي حربه الحقيقية وثورته على المحتل، من بينها أن غزة تعاني من تضييق خانق على كافة الأصعدة الحياتية، في ظل المعبر المقفل وانقطاع التيار الكهربائي وانعدام أبسط الاحتياجات الأساسية. لهذه الأسباب، تتوجه أنظار الشباب الغزي إلى حل معضلاتهم الخاصة بغزة قبل أن تتوسع مشاركاتهم وفعالياتهم لتصل إلى حدود النقب.

مع توقعات تعرض منطقتنا لمنخفض جوي قاس وعواصف عاتية بدأت الأسر العربية بإعداد منازلها لاستقبال الموجة وتوفير وسائل تدفئة، لكن ما هو مصير المحرومين من الكهرباء والبيوت والخدمات الأ ساسية، كيف سيعبرون الشتاء  القاسي المتوقع.

في النقب عشرات القرى مسلوبة الاعتراف التي يعيش أهلها في ظروف صعبة  ويفتقدون للمقومات الأساسية  للحياة الكريمة  البيت الذي تحرمهم السلطات من بنائه والماء والكهرباء والرعاية الصحية؛ وهم على أعتاب موسم شتاء قاس  وعواصف شديدة وبرد قارس.

هذه القرى بحاجة ماسة إلى الاستعداد بأفضل شكل لتقليل معاناتها، وهذا الأمر بحاجة إلى مشروع وطني شامل لدعمهم ومساندة صمودهم وإمدادهم بشتى الوسائل لعبور أزمة الطقس القريبة، كجزء من دعم صمودهم في وجه  خطر الاقتلاع والسلب والتهجير.

التعليقات