الكامبوس الإسرائيلي يضيقُ بالطلاب العرب!

سنةٌ جامعيّةٌ أُخرى تنتهي للطالب العربي في الجامعات الإسرائيليّة، معلنةً إنضمامَها لسابقاتها، قمعٌ، خنقٌ وتضييق فعليّ على أرض الوقع مفروضٌ على نشاطات الكُتل الطلابية العربية، في حين إذا عُدنا إلى ركيزة ومفهوم “الحرم الجامعي” فإننا نُدرك أنه الحيّز الخاص بالأكاديميّ/ة لينشط سياسيًا واجتماعيًّا، وليُشكل هويةً تخوله الإنتماء والإختيار لما يرغب وبما يقتنع.

الكامبوس الإسرائيلي يضيقُ بالطلاب العرب!

سنةٌ جامعيّةٌ أُخرى تنتهي للطالب العربي في الجامعات الإسرائيليّة، معلنةً انضمامَها لسابقاتها، قمعٌ، خنقٌ وتضييق فعليّ على أرض الواقع مفروضٌ على نشاطات الكُتل الطلابية العربية، في حين إذا عُدنا إلى مفهوم “الحرم الجامعي” فإننا نُدرك أنه الحيّز الخاص بالأكاديميّ/ة لينشط سياسيًا واجتماعيًّا، وليُشكل هويةً تخوله الإنتماء والإختيار لما يرغب وبما يقتنع.
إذًا من الواضح أن الحال في الجامعات الإسرائيلية مختلف ومتطرف نوعًا ما، يقصي تارةً ويطمس كل ما لا يتعلّق بالطابع الإسرائيلي المهيّمن، فارضةً قمعها وباسطةً سيطرَتها بالقوة حين يلزم الأمر. ومن هنا نفتح هذا الملف الذي احتلّت أخباره العناوين الرئيسيّة الإعلام الإخباري، منتقلين بين ثلاثِ جامعاتٍ يدرسُ فيها الطلّاب العرب لننقل الصورة العامّة بشأنِ تعامل الإدارات الجامعية ونشاط الكتل العربية التي باتت مُستَهدَفة، مُهَدِّدة ومُهَدَّدة في آنٍ واحد.

رأفت عوايشة، طالبٌ في جامعةِ بئر السبع وناشطٌ طلّابيّ، يقول: “عانينا في الفترة الماضية من عدة تضييقات في عملنا الطلابي من قبل إدارة الجامعة وعمادة الطلبة عند تقديمنا طلبات للفعاليات من ناحية، وعند تعاملنا الشخصي مع أمن الجامعة كطلاب من ناحيةٍ أخرى، وذلك من خلال تضييق الخناق حول منظمي التظاهرات  والفعاليات السياسية ورفض الطلبات للحصول على صفوف أو حتى بشأن أي موافقة لتوزيع بطاقات لا تحملُ أيّ مضمونٍ سياسي، وكانت آخرُها رفض طلب التجمع الطلابي مثلاً لإقامة الأمسية الختامية واستضافة مسرحية للفنان وسيم خير وعرض للفنان سهل الدبسان. 
لم تقتصر عنصرية الجامعة على كتلةٍ واحدة من الكُتل العربية، وإنما شملت جميع الكتل، حيثُ رُفِضت العديد من فعاليات الكُتَل العربية المختلفة بحججٍ واهية . 
وبدورنا اليوم سنكمل فعالياتنا عندَ بداية السنة القادمة نحو محاربة جميع سياسات الجامعة العنصرية بالعمل الطلابي الوحدويّ".

ومن جامعةِ بئر السبع إلى حيفا، والجامعة التي وصل بها الحد إلى إبعاد عدة طلابٍ وتقديمهم للجنة الطاعة بحجّة الإخلال بالنظام العام والجو التعليميّ، بعدَ مشاركتهم بإحياء ذكرى النكبة في الجامعة، فتحدّثنا إلى الطالبة مريم هوّاري التي تدرس في كلية الحقوق وتنشط بجمعيات نسوية وسياسية. تقول هوّاري: “إنَّ نشاطات الكتل الطلابية العربية بالأساس هي نشاطات سياسيّة ذات أهميّة سواء كانت تحت إطار حزبي أو غير حزبي، خصوصًا أنها تزيد من الوعي عند الطلاب في الجامعة، وفي الجامعات الإسرائيلية بشكل عام والتي هي جزء من المنظومة الإسرائيلية، وهذه النوعية من النشاطات متبعة منذ سنوات في الجامعة، مع العلم أن البيروقراطية الجامعية تصعّب دائمًا إقامتها، وفي حال تضارب أي نشاط مع سياسة ورؤية الجامعة فإنها تبدأ بوضع الخطوط الحمراء للحد من النشاطات بحجج كالمسّ بسلامة الطلاب وبالجو التعليمي في الحرم، وهذا بالطبع يندرج تحت دافع الإدارة طمس الهوية الفلسطينية في المؤسسة التعليمة الإسرائيلية والتي هي جزء من المؤسسة الإسرائيليّة”.

وأضافت هوّاري قائلةً: “إنَّ التناقض بخطاب الجامعة يكمن في دعوتها للتعددية في الحرم، ومن جهةٍ أخرى السعي لإدخال أعداد من الوحدات الخاصّة لكبح نشاط الطلاب العرب التوعوي والسياسي كما حدثَ في ذكرى النكبة ال66، وإن دلّ هذا التصرف على شيء فإنه يدل على رغبة الجامعة إعطاء صورة عن الطالب العربي بأنَّه المُخلّ بالنظام العام!”.

وعن الرؤية المستقبليّة للعمل الطلابي قالت هوّاري: “أنا أعتقد أن النشاطات الطلابية العربية في جامعية حيفا، عليها الأخذ بالحسبان إحتياجات الطالب العربي والتلائم معها، فهنالك فجوة بين نوعية النشاطات والخطاب الحالي لها وبين احتياجات الطالب العربي في المؤسسة التعليمية الإسرائيلية”.

وأشارت هوّاري إلى أنَّه صحيح أنَّ النشاطات هي نخبوية نوعا ما، فشريحة معينة فقط هي التي تشارك وتوجّه النشاطات، على سبيل المثال في النشاط الاخير لإحياء ذكرى النكبة أو بالمظاهرات المقامة خارج الجامعة، هذا الطابع كان واضحًا، فعدد المشاركين كان قليل نسبيا لعدد المشاركين الذي نعهده عادة في النشاطات في القاعات التي توافق عليها ادارة الجامعة، فبرأيي هذه النخبوية ليست نابعة من طابع أبوي إنّما من مكان مسؤولية الكتل السياسة والناشطين تجاه الطلاب العرب.
واختتمت حديثَها مُعبِّرةً عن أنَّ الحل الوحيد لإعادة الثقة بالحراك والنشاط الطلابي في جامعة حيفا هو إقامة جسم موحّد ولجنة طلاب عرب مُنتخبة ولا تكون صورة عن عمل الكتل العربية في الكنيست، وبالتالي أن تكون عُنوانًا معروفًا وواضحًا لتوجُّهات الطلاب، إضافةً لبناء خُطة عمل جَليّة، فهذا هو البديل الأنسب لكي لا يضطر الطالب العربي في الجامعة للتوجه لحركات أو لكتل طلابية إسرائيلية مثل “ستودينتيم پلوس”، وبالتالي لرفع سقف النضال الطلّابي.

ومن حيفا إلى جامعةِ تل أبيب، تحدّثنا إلى الطالب محمود عوّاد الذي نقلَ لنا صورة السنة الدراسة المنتهية والإشكاليات التي دارت حول النشاطات الطلابية العربية مع إدارة الجامعة، فقال عوّاد: “إن التضييق بدأَ من منع أمين عام حركة أبناء البلد (محمد كناعنة) من المشاركة بنشاطٍ لإحياءِ ذكرى يوم الأرض، فبعدَ أن وافقت الجامعة على مشاركته، منعت دخوله إليها للمشاركة بالفعالية المشتركة بين حركة العودة (أبناء البلد)، والجبهة الطلابيّة. وأتى المنع بعد ضغوطات مارستها حركات اليمين في الجامعة، والتي اتهمت محمد كناعنة بالإرهاب، كما قامت إدارةُ الجامعة هذا العام بتحديد النشاطات التي تتعلق بالنكبة إلى يوم واحد فقط، بحجة تزامن أسبوع النكبة مع الأسبوع المخصص لمجلس أمناء الجامعة، إضافةً إلى رفض أمن الجامعة رفع العلم الفلسطيني خلال النشاط المشترك بين الكتل الطلابيّة إحياءً للنكبة، وذلك بحجةِ الحفاظ على النظام العام”.

وتابعَ عوّاد مُلَخِصًا: “إتُّبِعت سياسةٌ جديدة من أجل حجز القاعات والغرف لإجراء الفعاليات والنشاطات داخل الجامعة، وذلك عن طريق نقابة الطلاب، علمًا أنّ نقابة الطلاب جسمٌ منتخب، وليس من حقّها حجز غرف وقاعات لأجسام فاعلة منافسة في الجامعة، فباستطاعتِها منعنا من تنظيم فعالية تكون معارضة بنظرهم لرؤيتهم السياسية ومبادئهم، هذا عدا عن المعاملة السيئة والمماطلة في الردِّ على طلبات الكتل المختلفة، ففي بعض الأحيان تم إلغاء الحجز لقاعة معينة قبل يوم أو يومين من موعد الفعالية”.
 

وبهذا، نكون قد نقلنا لكم جزئًا كبيرًا من الحالة والوضع الذي يعاني منهُ الطلاب العرب الفلسطينيين في الجامعات الإسرائيلية، وبالتالي رغبة الحرم الجامعي "الكامبوس" الإسرائيلي في تقيُّأ ما هو مختلف عن هويتهِ، أو ما يتناقض معها.

 

التعليقات