"تقرير": شباب يُتابعون المُتابعة!

حراكٌ شبابيٌّ فعّال ووعيٌّ نشطٌ حرَّكَ ويُحرك ساحات الإعلام الإجتماعيّ حتى هذه اللحظة، متفاعلًا مع الأحداث والمستجدّات من جهة، ومُنظمًا، مبادرًا ومقررًا الخروج من دور السائح مُضيء الشموع تضمانًا من جهةٍ أُخرى، لينفضَ عنهُ أجنحةَ “وليّ الأمر”، الذي لم يختارهُ، يُبايعهُ ويُوَكّلهُ أحد.

حراكٌ شبابيٌّ فعّال ووعيٌّ نشطٌ حرَّكَ ويُحرك ساحات الإعلام الإجتماعيّ حتى هذه اللحظة، متفاعلًا مع الأحداث والمستجدّات على الأرض من جهة، ومُنظمًا، مبادرًا ومقررًا الخروج من دور السائح مُضيء الشموع تضمانًا من جهةٍ أُخرى، لينفضَ عنهُ أجنحةَ “وليّ الأمر”، الذي لم يختارهُ، يُبايعهُ ويُوَكّلهُ أحد.

فشهدت الأيام الأخيرة احتدامًا في النقدِ الموجه للجنة المُتابعة العليا لقضايا الجماهير العربية في الداخل الفلسطيني، وذلك من خلال شبكات التواصل الاجتماعي ومستخدميها، تزامنًا مع ما نشهدهُ من عدوانٍ إسرائيلي على الشعب الفلسطينيّ. حتى وصلت موجة الانتقادات المظاهرات الشعبية  التي باتت تهتف بشكل واضح وصريح ضدَّ اللجنة، فاعليتها، آلياتها وشرعيتها!

نقد “جسم” لجنة المتابعة، هو ليسَ أمرًا عارضًا، ولا يقتصرُ على شريحة واحدة من المجتمع العربي الفلسطيني، بل أن ما ينطق بهِ الشباب من خلال منشوراتهِم هو ذاته ما يتسأله ويعتقدهُ جزءٌ واسع من مجتمعنا. ولأهميّة الموضوع، تحدّثنا مع عددٍ من الناشطين/ات حوله، عن آرائِهم واعتقادِهم عن آلية عمل اللجنة، فاعليتها والبدائل لها، تعاونَ بعضهم وتحفَّظَ بعضهم الآخر.

وفي هذا الصدد قالت الناشطة والصِحافيّة مُنى عُمري إنَّهُ لم يعد بإمكان لجنة المتابعة محاكاة الشارع الفلسطيني في الداخل وعلى عدة مستويات. الحراكات الشبابية مثلا، أوجدت طاقة لا يمكن للمتابعة تأطيرها او خنقها، فالفعل بالشارع يتجاوز سقف المتابعة، هذا يعني أنها وصلت إلى طريق مسدود.

وحول إدارة لجنة المتابعة، أشارت عُمري إلى أنَّهُ من الضروري أن تكون تكنوقراط، يديرها أشخاص ذوو كفاءات وتعود بالفائدة على مشاريع المتابعة، وبالطبع مع خلفيات سياسية، وذلك ليتمكن هؤلاء من قراءة المشهد السياسي والعمل لما يفيد مصلحتنا الوطنية كشعب يرزح تحت الاحتلال!.

وأردفت: “هذا لا يمكن أن يُطبَّق من دون إعادة هيكلة لجنة المتابعة وإجراء انتخاباتٍ لاختيار أعضائها بشكل مباشر من الجمهور، مع الأخذ بعين الاعتبار جيدًا التحدّيات المفروضة علينا، أهمُّها الترميم ونشر الوعي وبناء قاعدة صلبة تضمن استمرارية  للتحديث بما تمليه المصلحة الوطنية!”.

أما عن التمثيل المجتمعي في المتابعة فقالت عُمري: “يجب أن نضمن قبل كل شيء مقاعد للحراكات الشبابية، ومقاعد للنساء، وبالطبع الأحزاب، بالتالي يستطيع كل شخص الترشح، ليكون عضوًا في لجنة المتابعة، لكن هذه المرة من دون وعودات التغيير"، نريد أن نرى برامج سياسية تُلبي احتياجات المواطن ولا تغلق الأفق أمامه، وحسبها نصوت!”.

واختتمت الناشطة عُمري حديثها بالقول: “أنا كشابة فلسطينية أعيش في دولة احتلال أرى أن لجنة المتابعة تُفَعِّل "خطابًا سياسيًّا" على حجم قدرتها هي، قدرتها في دفع الثمن إذا كانت مستعدة أصلا لتدفع ثمن رفع سقفها ليُحاكي الحراكات الشبابية في الشارع، فالخوف على حاويةِ قمامة فيما يتصدى الناس في الشارع لقنابل الغاز، هو هزيمة!”.

وفي حديث مع الناشط محمد عبد القادر عبّرَ عن أنَّ أهمية لجنة المتابعة تنبُع من أنها يجب أن تكون في الحد الأدنى، الجسم التنظيمي الشامل للجماهير العربية الفلسطينية في إسرائيل. إذ أن وظيفة هذا الجسم هي تمثيل مصالح وأهداف هذه الجماهير في المستوى السياسي - الاجتماعي، ويتوجب على لجنة المتابعة تنظيم وتفعيل النضال الجماهيري الوحدوي للأقلية العربية الفلسطينية بكافة القضايا وعلى رأسها معركة البقاء والصمود وصقل الهويّة العربيّة والفلسطينيّة في أرضنا.

وعن شرعية المُتابعة قال عبد القادر: "كون اللجنة مركبة من الأحزاب والحركات السياسية والشعبية، تشمل أعضاء الكنسيت ورؤساء السلطات المحلية والهيئات التمثيلية الوحدوية القطرية، يتوجب أن تمثّل طروحاتها وأفكارها إرادة الجماهير، وهذا هو مصدر شرعيتها ووجودها، فشرعية اللجنة تكمن بتعدديتها جماهيريّاً، والتحدي الأكبر يكمن في كيفية صياغة طروحات مشتركة على أرض الواقع، تحاكي بدورها نبض الشارع ومستجداته في ظل السياسات السلطويّة الممنهجة الهادفة لضرب وحدة الأقلية العربية الفلسطينية في إسرائيل سواء من مخططات التجنيد والاقتلاع والتهميش".


وحول ثقة وتعويل الشارع على اللجنة يقول عبد القادر: "إن الخلافات الضيقة تحتل مساحة كبيرة جدًا من نقاشات لجنة المتابعة، عِوضاً عن التركيز على الأولويات السياسية، لهذا، وبناءً على متابعة مباشرة أعتقد أن الشارع الفلسطيني وللأسف لا يعوّل كثيراً على لجنة المتابعة، على الرغم من محاولة اللجنة العمل بحسب نبض الشارع إلا أنها لا تنجح بنسب مُرضية بسبب عدم وجود استراتيجية نضاليّة موحدّة. نجاح اللجنة موجود ولكنه محدود جدًا في مواكبة الشارع والحراكات الشبابيّة".

أما عن قضية التمثيل فاستطرد عبد القادر: "إن لجنة المتابعة فعلاً هي جسم يجمع كافة الشرائح السياسية في البلاد، لكن لا يمكن أن يعبّر عنّا جسم يغيب عنه، (أو يغيّب) التمثيل النسائي والشبابي والطلّابي، لا يمكن أن يعبّر عنا مصالحنا جسم تعلوا به أحياناً أصوات طائفية تضرب وحدة جماهيرنا (الذي يخدم السلطة التي تحاول نقل الصراع الى ديني عوضاً عن سياسي) ، والأهم من ذلك لا يمكن أن يعبر عنا جسم يكاد يتقبّل الطروحات الديمقراطية الليبرالية التي تُنادي بتهميش البعد الطبقي للصراع".

واختتم عبد القادر حديثه بالقول: "لهذا، لا ينكر أحد أهمية وجود لجنة المتابعة، لكن يجب أن تتفعّل بالطرق الصحيحة وعلى رأسها بناء استراتيجية نضاليّة موحدّة مع آليات واضحة تحاكي الوضع الآني مرتكزة على الأولويات السياسية للجماهير العربية".

الناشطة وعد غنطوس لم تبتعد كثيرًا عمّا أدلى به عُمري وعبد القادر، فبدأت حديثّها بالقول: "في السنوات الأخيرة تحاول المُتابعة قمع الحراكات الشبابية في فلسطين الـ48، لذلك أنا مع مقاطعة نشاطات اللجنة، خاصة الأخيرة والتي أتت لتحاول محاكاة الشارع ولم تنجح"، وتابعت غنطوس: "المسألة ليست بدكتاتورية، اللجنة أتت لتُمثّل الشارع، وعندما لا يعد بمقدورها تمثيله، فلتتخلى عن هذا الدور ولتقف جانبًا، وتتوقف عن قمع الحَراكات الشبابيّة بهدف التهدئة العبثيّة!".

وعن توقّعات لجنة المتابعة من الشارع قالت غنطوس: "يجب على اللجنة ألّا تتوقع بعد، أنَّ بمقدورها تحديد رد فعل الجماهير وتوقيته بحسب معاييرها وبرنامجها الخاص!، ليسَ هناك أي جسم يستطيع أن يُملي على الجماهير والشباب متى يحق لها أن تغضب وكيفية الغضب وشروطه، كما يجب عليها ألّا تتوقع بعد أن تقوم الحراكات والجماهير بتقبُّلِها، في نفس الوقت التي تقوم هي ذاتها بمحاربة هذهِ الأجسام "الشرعيّة والطبيعيّة!".
أما حول آلية عمل اللجنة فتابعت غنطوس: "أجا الوقت، لانتخاب لجنة متابعة تُمثّل الشارع، الشباب، النساء والجماهير كافّة، أجا الوقت، لِيتَوقف من لم ننتخبه عن إقرار ما يحلو له وما لا يتلاءم مع نبض الشارع".

وأنهت غنطوس حديثها قائلة: "اتخاذ القرارات بشكل أبوي من قبل أشخاص يُمثّلون أو لا يُمثّلون أحزاب في اللجنة، هو أمر بات متطرف، لأن الحراكات الشبابية مكوّنة أصلا من أشخاص ينتمون لهذهِ الأحزاب، وإن دلَّ هذا على شيء فهو يدل على أن "أعلام لجنة المُتابعة" لا تُمثّل الشارع!، ويعطيها العافيّة!".

في الواقع، ربما سيعتقد البعض أن هذهِ الآراء هي خاصّة ومن الممكن حصرها في الأفراد ذاتهم، لكن الحقائق التي بيَّنها استطلاع الرأي الذي أجراه مركز "مدى الكرمل"، أظهرت نسبًا مرتفعة كما وصفها بيان المركز، تُوضّح أزمة الثقة بين لجنة "المنتخبين" أي لجنة المُتابعة كما يصفها السيّد محمد زيدان (رئيسُها) وبينَ الشارع والجمهور!

وأفاد استطلاع مركز "مدى الكرمل" أن 41% من المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل يرى أنَّ  لجنة المتابعة تقوم بمهمة إحياء المُناسبات الوطنيّة بدرجة قليلة جدا أو إطلاقا لا، ويرى 59% أن "المتابعة" تقوم بمهمة تحسين مستوى التعليم والحالة الثقافية بدرجة قليلة أو قليلة جدا. وكذلك في مواضيع قيادة النضال من أجل القضايا الاقتصادية كالبطالة، والفقر، وتحسين مكانة المرأة، وبمهمة تمثيل الجماهير العربية في المحافل الرسمية الإسرائيلية، وفي طرح القضية الفلسطينية بصورة مكثفة في المحافل الدولية، كما يكشف الاستطلاع، أن أغلبية المجتمع الفلسطيني في إسرائيل (78%) يريد انتخاب رئيس أو أعضاء "المتابعة" بصورة مباشرة.


وفي تعقيب لرئيس لجنة المتابعة العليا السيّد محمد زيدان، على ما ورد في التقرير، قال زيدان: "نحن نتعامل مع الأحداث الجارية بشكلٍ سريع، حيث دعونا لمظاهرتين في أم الفحم وكفر مندا، فنحن لا نستطيع أن نقيم كل يوم فعالية مركزية، فنبارك وندعم أي نَشاط أو فعالية لأي حزب، تيّار أو حراك موجود على الساحة".

وحول التمثيل في لجنة المُتابعة قال زيدان: "إن للتمثيل في لجنة المتابعة له قوانين وضوابط ونظام داخلي، فمن يُمَثَّل في اللجنة هي الأطر المُعترف بها والمُسجَّلة، وللشاب أن يكونوا ضمن إطار مُعيّن ليكون مُمَثَّلين في اللجنة، وبالنسبةِ للتمثيل الشبابي والنسائي فهو بيد الأحزاب والتيارات، فهم من يقررون من يمثلهم في المتابعة ولست أنا كرئيس اللجنة، حيث كنت قد طلبت منهم العمل على هذا الموضوع من قَبِل".

أما عن عملية الانتخاب المباشر للمتابعة فعبَّرَ زيدان عن صعوبة إقامة انتخابات مباشرة في الوقت الحالي، وليسَت هنالك جاهزيّة لإجراء مثل هذهِ العمليّة، وأضافَ زيدان: "من الممكن أن تُخلَق أزمة قيادة بين ممن انتُخبوا للكنيست وممن انتُخبوا للمتابعة في حال إجراء انتخابات مباشرة للجنة".

التعليقات