"متحركين" تخترق حواجز الاحتلال

عبد الباري: “في تلك الليلة كان القصف شديدا وسقطت قذيقة على بيتنا مما أدى لإنهياره بالكامل وانقطاع تيّار الكهرباء في الحي الذي أسكنه واضطررنا إلى النزوح إلى بيت أقاربنا خلال القصف أنا والعائلة، ولم يتسنّ لي آنذاك الاطمئنان على عبدالله ومهاتفته، وحتّى قبل استشهاده كان أمرا صعبا للغاية الإتصال به

الشهيد عبدالله عمارة الذي كان ناشطا في "متحركين" واستشهد خلال العدوان الأخير على غزة

 "متحركين" هي مجموعة شبابية مستقلة تعمل دفعًا على إحقاق الحق السياسي والإنساني لأبناء الشعب الفلسطيني، في حرية الحركة والتنقل من أجل تعزيز الهوية الوطنية الفلسطينية الجمعية. التحم ناشطو المجموعة إيمانًا منهم بحقهم، بصفتهم أبناء للشعب الفلسطيني الواحد من مختلف أماكن تواجده، في التواصل جغرافيًا ومعنويًا، وبقدرتهم شبابًا، على المساهمة إيجابيًا في إعادة التصرف كشعب واحد، في بناء وتشكيل وتعزيز الهوية الفلسطينية الجمعية الواحدة، وذلك من خلال إحداث التغيير والتأثير تجاه الحق المسلوب في الحركة والتنقل. ونشأت مجموعة "متحركين" عام 2014 ضمن برنامج " شباب من أجل التغيير" بالشراكة مع المؤسسات التالية: جمعية الشباب العرب - بلدنا، مؤسسة الرؤيا الفلسطينية، الشبكة: شبكة السياسات الفلسطينية وهيئة خدمات الأصدقاء الأمريكية - (الكويكرز) في غزة.



 وفي حديث خاص أجراه "عرب 48" مع ناشط في المجموعة الشاب خليل غرّة ابن قرية جت في الداخل الفلسطيني، سُئل عن كيفيّة التواصل بين أفراد المجموعة واستهلّ حديثه قائلا: “تقريبًا بشكل يومي توجد اتصالات بين أفراد المجموعة حول تنظيم العمل وتقسيمه، ومتابعة آخر المستجدات والحفاظ على تتابعية واستمرارية في العمل بين الشباب الفلسطيني، في كافة المناطق. برنامج "متحركين" مبني على أساس ثلاث لقاءات قطرية سنوية، بالإضافة إلى لقاءات تدريبية حول أمور عينية مختلفة، مثلًا في اللقاءات القطرية يصعب على المشاركين من غزّة الوصول إلى الداخل أو الضفة الغربية فيكون اللقاء معهم عبر تقنية "الفيديو كونفيرانس" أو السكايب على مدار يومين أو ثلاثة أيام كاملة حسب البرنامج، وفي أغلب الأحيان كانت الكهرباء في غزّة غير متوفرة وقد نضطر إلى التوقف وانتظار عودة الكهرباء. إضافة إلى ذلك هناك تواصل عبر صفحات التواصل الاجتماعي وعبر الإنترنت وكل الوسائل المتاحة. في كل مرة لدينا لقاء قطري نقدم طلب تصاريح للمشاركين من غزّة كي يتمكنوا من القدوم إلى الضفة الغربية أو خارج البلاد ودائمًا تُواجه بالرفض، سمحوا فقط لأربعة أشخاص المشاركة في اللقاءات".


 وفي لقاء آخر مع الناشطة تمارا تميمي لـ”عرب 48” من رام الله في الضفة الغربية عقّبت على فكرة المجموعة وأهم مشاريعها وأكدت: “فكرة المجموعة والحراك هي فكرة سامية ونقيّة أكثر من أن تبقى تحت منظومة سياساتية في ظل جمود المجتمع المدني الفلسطيني ككل”. وأضافت تميمي: “إننا نتحرك في ظل الواقع المرير الذي فرضه الإستعمار الصهيوني علينا، والذي يعيشه شعبنا الفلسطيني بأكمله. والمتمثل بسحق الهُوية الجمعية الوطنية وسلخنا عن بعضنا البعض، رفضنا ونرفض التسليم بالأمر الواقع أو حتى الاعتياد عليه" على حدّ تعبيرها.

وأضافت: "من هنا انطلق المشروع المتمثّل بـ60 شابّة وشابا والمقسم لثلاث مناطق جغرافية، 20 شخصا من كل من غزة والضفة والداخل. واتخذنا القرار في البحث على حق التنقل، ونعمل، في سنتنا الثانية على التوالي، كمجموعة متناسقة وطيدة بعد مؤتمر عقدناه في رام الله الأسبوع المنصرم على مسارين، بحيث يكون هناك تخطيط حول أشكال المرافعة والمناصرة على المستويين الدولي والمحلي بخصوص القضية المركزية وهي انتهاك حق الفلسطينيين في حرية الحركة والتنقل وتأثيره على الهُوية الوطنية الفلسطينية الجمعيّة. بالإضافة إلى ذلك قمنا بإطلاق حملة إعلاميّة في أوائل شهر أيّار (مايو) على شبكات التواصل الاجتماعية من قبل أفراد المجموعة أجمع مفادها: “18 أيّار أنا رح أكون في غزة، مين ييجي معي؟”، وهذه الحملة كانت هادفة وممتازة لتعريف المجتمع الفلسطيني ككل على مشروعنا الذي نحمله ونطمح إلى تطويره”.

 وعلى نفس السياق أفاد غرّة: “الهدف من النشاط هو تسليط الضوء على الانتهاكات الصارخة التي يمارسها الاحتلال بحقنا في سلبه منا حرية الحركة والتنقل وتأثير ذلك على الهُوية الجمعية. وكنشاط أول رسمي لجميع طاقم المجموعة قمنا بتصوير ثلاث مناطق (غزّة، الناصرة ونابلس) وكان ذلك خلال جولات قاموا فيها نشطاء من متحركين، وبعد ذلك قمنا بجمع هذه الفيديوهات في فيلم واحد، وأعلنا عن جولة فلسطينية في غزّة والناصرة والضفة لاستقطاب أكبر عدد من المشاركين في النشاط. شخصيًا لأول مرة كنت واقفًا أنشد النشيد الوطني الفلسطيني "موطني" من قلب حيفا وعلى الشاشات معي إبن غزّة وإبن الضفة، وهكذا افتتحنا النشاط الذي تلاه عرض الفيلم وبعض الكلمات حول متحركين لأن هذه الفعالية كانت فعالية الإنطلاقة” .

وذكر أنه في مسيرة العودة الأخيرة في لوبية من هذا العام قام ناشطو “متحركين لأجل فلسطين” في الداخل بحمل ألواح إسمنتيّة اللون، والسير بين المتظاهرين بشكل يقسم المسيرة لنصفين بحيث ترمز هذه الفعاليّة لجدار الفصل العنصري الذي خلقه الاحتلال لمنعنا من حقنا في حريّة التنقل، ما لفت اتبهاهم وأثار إعجاب المتظاهرين في الفكرة بشكل واضح وملموس”.

 

 

 ومن غزّة هاشم الصامدة قال الناشط علي عبد الباري: “تنشط  "متحركين" حاليًا من خلال كتابة الأوراق السياساتية حول موضوع الهُوية وانتهاك الحقّ في حرية الحركة والتّنقل، وتُسلِط الضّوءَ على الحواجز المنتشرة في الضّفة وجدار الضمّ والتوسع، والداخل بعلاقاته بالمحيط، وتُعرِّف بالتقسيمات وبطاقات الهوية والجنسيّة التي يحملها الفلسطينيون أينما تواجدوا، وكيف تنتهك إسرائيل الحقّ الإنساني والسّياسي في الحركة والتنقل لتقديمها لاحقًا إلى جمهور هدف معين، منها المؤسسات الوطنية الفلسطينية والأُطر الدولية ذات الشأن”.

وأكد عبد الباري: “على صعيد غزة بالذات قمنا بوضع لافتات في الشوارع وتوزيع منشورات على الناس للتعرّف علينا، وكنّا نعقد اجتماعتنا مع ناشطينا في الداخل والضفة عبر “السكايب”، وفي 3 لقاءات مع كل الطاقم خرج ناشطو غزّة لمناطق الضفة وغيرها عبر تصاريح من المؤسسة الإسرائيلية وذلك بعد عناء، فمثلا في اللقاء الأول والثاني شخص واحد، وفي المرة الأخيرة خرجت ناشطتان فقط".

وفي ظل العدوان الأخير على غزة استشهد الناشط في “متحركين” عبدالله عمارة إثر قصف على بيته في مجزرة الشجاعيّة بتاريخ 20 تموز 2014. وذكر عبد الباري ذلك الحدث قائلا: “في تلك الليلة كان القصف شديدا وسقطت قذيقة على البناية التي أسكن فيها  وانقطاع تيّار الكهرباء في الحي، ولذلك اضطررنا النزوح إلى بيت أقاربنا خلال القصف أنا والعائلة، ولم يتسنّ لي آنذاك الإطمئنان على عبدالله ومهاتفته، وحتّى قبل استشهاده كان أمرا صعبا للغاية الإتصال به رغم أني حاولت ذلك مرارا وتكرارا بسبب انقطاع التيار، وكان خبر استشهاده عن طريق اتصال تلقّيته من رفيقي خليل وأنا في بيت أقاربي، هذه الحادثة بالذات أثّرت فينا جميعا كطاقم وخصوصا كجسم جديد متناسق في أوئل ازدهاره، فخبره وقعنا علينا جميعا كالصاعقة، له الرحمة ولأهله الصبر والسلوان”.








التعليقات