مدرسة "حوار"، نموذج للتعليم البديل وغير التقليدي

انطلقت مدرسة "حوار" للتعليم البديل بمبادرة مجموعة من الأهالي، إذ أرادوا بداية أن يؤسسوا إطاراً تعليمياً يضمن لأبنائهم إطاراً غير تقليدي، وقالت قندلفت إن "الفكرة انطلقت من الحاجة إلى بناء إطار بديل يختلف عن المدارس التقليدية

مدرسة

طالب في مدرسة حوار

يعود الطلاب إلى صفوفهم بعد نهاية الفسحة بلا جرس يدق ليعلن عن نهايتها، وينتهي الدرس أيضاً بلا جرس يعلن عن وقت نهايته وبداية درس جديد، وليس الجرس والامتحان وحده هو المفقود في مدرسة 'حوار' للتعليم البديل في مدينة حيفا، بل وكافة مميزات المدارس الرسمية والأهلية المتبّعة في كافة البلاد مفقودة، إذ تؤكد مديرة جمعية 'حوار' التي تدير المدرسة، إيمان قندلفت، أن الهدف من وجود المدرسة هو بناء مؤسسة تعليمية بديلة، تختلف عن المدرسة التقليدية، وعن الجرس تحديداً قالت إن لا وجود له في منازل الأطفال، وبالتالي لا ضرورة له في المدرسة أيضاً. وتعد مدرسة 'حوار' للتعليم البديل، النموذج العربي الوحيد في البلاد للتعليم البديل في هذا الشكل المستقل نهائياً.

التأسيس والبلدية والاعتراف

انطلقت مدرسة 'حوار' للتعليم البديل بمبادرة مجموعة من الأهالي، إذ أرادوا بداية أن يؤسسوا إطاراً تعليمياً يضمن لأبنائهم إطاراً غير تقليدي، وقالت قندلفت إن 'الفكرة انطلقت من الحاجة إلى بناء إطار بديل يختلف عن المدارس التقليدية، ويمنح الطالب في المدرسة حرية التفكير ولا يجعل منه متلقّي معلومات فقط'. وفي العام 2001 تأسست جمعية 'حوار' التي اتخذت من إقامة مدرسة للتعليم البديل هدفاً رئيسياً لها.

ورفضت وزارة المعارف الإسرائيليةـ في العام 2002 إقامة المدرسة باستقلالية تامّة، ممّا أدى بالمدرسة لتكون بإدارة مشتركة ما بين بلدية حيفا وجمعية 'حوار'. وقالت قندلفت إنه 'في العام 2004 بدأت الفجوات ما بين أهداف بلدية حيفا وتفكيرها من جهة، والجمعية والأهداف التي تأسست من أجلها المدرسة من جهة أخرى تتسّع أكثر وأكثر، وأرادت البلدية أن تقتل الفكرة فتوجّهنا للمحاكم التي منحتنا الترخيص واعتراف كمدرسة مستقلة بشكل كامل في العام 2012 فقط.

وقالت قندلفت، إن 'نضالنا جاء دفاعاً عن الفكرة التي تأسست المدرسة لأجلها، وهي إتاحة الفرصة للطلاب بأن يحظوا بمستوى تعليمي معيّن من التعليم التربوي، وترتكز على كون الطالب مفكّراً أيضاً وليس فقط متلقياً'.

المدرسة تعيد تعريف أهداف العمل التربوي

ومن الجدير ذكره، أن عدد طلّاب المدرسة لا يتعدّى الـ150 طالباً، وفي المقابل يدرس في الصف الواحد 15 طالباً فقط، مقابل 40 و 45 طالباً في المدارس العادية. وعقّبت مديرة المدرسة، إيمان داوود على هذا بالقول إن 'الحد الأقصى من طلّاب في الصف الذي من الممكن أن نصل إليه لن يتعدّي الـ22 طالباً، فأكثر من هذا ستفقد فكرة التعليم والتربية في 'حوار' معناها وخصوصيتها.

وتعيد المدرسة تعريف أهداف العمل التربوي، فقالت قندلفت إن التطبيق 'جاء من خلال إعادة تعريف العلاقة بين المعلّم والطالب أولاً، والتشديد على أن المعلّم ليس مزوّد معلومات فقط، والطالب ليس متلقّي، بل مُشارك في العملية ذاتها ومفكّر يستنتج بذاته المعادلة، بالإضافة إلى العمل التربوي الاجتماعي والسياسي وبناء قيّم سياسية ومجتمعية غير محدّدة بالمنهاج، وبناء شخصية مبادرة تبحث وتقترح'.

أمّا مديرة المدرسة، إيمان داوود، فقالت لـ'عرب 48' إن 'الهدف من إقامة حوار هو بناء إطار بديل، لذلك بالنسبة لنا ليس المهم فقط هو الطالب، بل تجهيز المعلّم الذي تخرّج من الإطار التقليدي ليكون ملائماً للتعامل مع طلّاب مدرسة بديلة، وهذا ليس بالأمر السهل خاصة أن الجامعات والكليّات تدرّس على أساس أن الطالب هو المتلقّي وعلى المعلّم أن يلقنه المعلومات، وهذا ما نرفضه رفضاً باتاً، بالنسبة لنا المعلّم والطالب شركاء في تمرير المعلومة'.

مدرسة تدرّب الطالب على أن يكون مفكراً وليس متلقياً فقط

الأجواء التي يتربّى فيها طلّاب مدرسة حوار، تختلف أيضاً، ومن الجدير ذكره أنه لا وجود للامتحانات في المدرسة، وبانتقالهم إلى المدرسة الثانوية تتغيّر عليهم الأمور كلياً. وتؤكد قندلفت من خلال حديثها ولقاءاتها مع الخرّيجين من المدرسة أن التأقلم مع المدرسة الثانوية وأجواءها ليس صعباً على الخرّيجين، وللمساعدة قامت 'حوار' بإجراء بعض الامتحانات في العام الأخير قبل توجّه الطالب للمدرسة الثانوية ليتم تجهيزه للثانوية وكي لا يكون الامتحان غريباً عليه'.

وحول السؤال عن الخط الذي ينتهجه معلّمو هذه المدرسة البديلة، قالت المديرة داوود إن 'ما نحاول صنعه هو عكس أن يكون هناك نهج ثابت، نحن نحاول بناء نظام تربوي لا يخضع لقوانين ثابته، بل هي طريقة التعليم التي تعتمد على الطالب قبل المعلّم وبالتالي المعلّم هو موجّه ليس أكثر، والطالب باحث ومفكّر'.

مشكلة التمويل والأقساط المرتفعة

وعلى الرغم من نجاح الفكرة واتّساعها، إلّا أن مشكلة التمويل كانت وما تزال الخطر الأكبر الذي يهدد هذه المؤسسة البديلة، إذ لا تحصل 'حوار' على تمويل من أي جهة كانت، وقالت قندلفت إن '60% من تمويل المؤسسة هو من الأقساط التي يدفعها الطلّاب، ويصل القسط للطالب إلى حوالي 13 ألف شاقل في السنة الواحدة، ونحن نعلم أن هذا كثير جداً ولكننا لا نملك بديل حيث تموّل الجمعية 40% من نفقات المدرسة وهو ليس بالأمر السهل خاصة أن نفقات المدرسة تصل إلى حوالي 3 مليون شاقل في العام الواحد'.

والمستقبل ليس غامضاً إذ لا تقف طموح الفكرة على مدرسة واحدة في مدينة حيفا، وقالت قندلفت إن 'الطموح هو توسيع الفكرة لبناء شبكة مدارس بديلة، وليس مدرسة واحدة، واستمرارنا ونجاحنا في حيفا هو مؤشر على أهمية توسيع الفكرة وانتشارها، حيث ندرس الآن فكرة إقامة مدارس شبيهة في بلدات مختلفة على غرار نموذج حيفا'.

وختمت قندلفت حديثها قائلة إن 'سعادة الطالب هي نجاح المدرسة'. 

 

 

 

التعليقات