الانطباعات الأولى... سريعة ودائمة

يكاد يكون الانطباع الأول الذي يكونه الشخص عن آخر خلال لقائه به للمرة الأولى راسخا في النفس، وله تأثير مباشر على شكل تلك العلاقة فيما بعد، ما إذا كانت ستتطور لأكثر من ذلك إذا كان الانطباع إيجابيا.

الانطباعات الأولى... سريعة ودائمة

يكاد يكون الانطباع الأول الذي يكونه الشخص عن آخر خلال لقائه به للمرة الأولى راسخا في النفس، وله تأثير مباشر على شكل تلك العلاقة فيما بعد، ما إذا كانت ستتطور لأكثر من ذلك إذا كان الانطباع إيجابيا، أم ستتوقف عند حدود المقابلة الأولى في حالة ما إذا كان الانطباع الأول سلبيا، إلا أن هناك وجه آخر للأمر يتعلق بأن الحكم السريع على الآخرين، وتكوين انطباع وقتي وسيئ عنهم قد يكون خطأ، ربما لأنهم لم يكونوا بكامل جاهزيتهم أثناء اللقاء بسبب الشكل العام أو الملامح أو الحالة النفسية والسلوكيات والتصرف العابر.

يكون المرء انطباعا أوليا جيدا عن الآخرين من خلال السلوكيات والشكل الخارجي، وافتراضات ما سيكون عليه الداخل، والحقيقة أن 95% يشكلون رأيهم خلال 10 إلى 40 ثانية من اللقاء الأول، بحسب الدراسات والأبحاث، والتي تؤكد أنهم حالما يخلصون إلى نتيجة حول المرء فإنهم لا يميلون إلى تغيير ذلك الرأي، فمن الصعوبة تبديد الانطباع الأول أو التخلص منه، إلا أن ذلك لا يعني استحالته.

يعقب الانطباع الأول في الغالب تأكيده بالانطباع الثاني، فليس معنى الشعور بالراحة تجاه شخص وأخذ انطباع إيجابي عنه نهاية الأمر، فهناك خطوات تؤكد صحة تلك التوقعات التي كانت حصيلة الانطباع الأول، من خلال رسائل هذا الشخص وتصرفاته ومواقفه وتأكيد التوافق حول بعض المسائل، فمن الممكن أن ينهار الانطباع الأول بسبب التصرفات الخطأ التي تهدم العلاقة كلها، فالانطباع الثاني هو مكمل وضروري لترسيخ ما خلص إليه الانطباع الأول.

ويقول أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة، د. محمود غلاب، الانطباع هو مجموعة من الآراء التي يكونها المرء عن الشخص الذي يقابله، ويمكن للمرء أن يخلف انطباعا من اللقاء الأول، أو بمعنى أدق خلال الدقائق الأولى من التعارف، لافتا إلى أنه حتى يعطي المرء انطباعا جيدا في المرة الأولى سواء في مقابلة عمل أو مع أشخاص عاديين أو خلال لقاءات أسرية، يحتاج إلى بعض الأمور والسلوكيات، منها الاهتمام بالمظهر، والشكل الخارجي، والذي غالبا ما يكون المؤثر الرئيسي في الانطباع الأول، أيضا بث روح الطاقة الإيجابية من خلال الابتسام وروح المرح والدعابة اللطيفة، والبحث عن النقاط المشتركة مع الآخر، محذرا من اتباع مبدأ الجدال خاصة في اللقاء الأول، فهو يعطي انطباعا سيئا.

وتابع غلاب، يجب أن يدرك المرء أن كل شخص سيحكم عليه من وجه نظره الشخصية، سواء تركت له انطباعا أم لا، لذلك عليه أن يحاول أن يكون مؤثرا خاصة خلال الفترة القصيرة الأولى، مشيرا إلى أن الإنسان لا يمكنه إظهار كل جوانبه من خلال لقاء واحد، لذلك يجب أن يدرك الشخص أن البعض سيراه سيئا مهما حاول، وعليه تقبل هذا الأمر والتعامل معه.

هذا وقد كشفت دراسة أسترالية، عن أن الانطباع الأول هو الذي يدوم لفترات طويلة، فخلايا المخ تجعل الأحكام المفاجئة حتى قبل أن تتخذ قرارا واعيا حول الشخص، فعندما يقابل الإنسان شخصا لأول مرة، يصدر أحكاما فورية عن شخصيتهم على أساس كيف يبدو بالفعل، إلا أن الأبحاث الحديثة ترى أنه يتم إجراء هذه الأحكام حتى قبل أن يكون لدينا وقت لتشكيل أو جمع أفكارنا.

اقرأ/ي أيضًا | مقبرة "كوم الشقافة": كنوز الإسكندرية يكتشفها حمار

وقد قام العلماء بجامعة “ملبورن” باستخدام تكنولوجيا أشعة الرنين المغناطيسي (EEG)، لقياس النشاط الكهربائي للمخ بين الأشخاص الذين ينظرون في صور مختلفة، من صور طعام ومشاهد اجتماعية أو سيارات أو أموال، وفي اختبار للمتابعة أظهر العلماء للمشاركين في الدراسة نفس الصورة مرة أخرى، إلا أن هذه المرة سألوا بعض الأسئلة حول كل صورة، مثل كيفية إثارة الظنون لديهم أو كيف تجعلهم يفكرون بشدة في المستقبل؟، حيث توصل العلماء من خلال تحليل صور الأشعة بالرنين المغناطيسي، إلى أن الانطباعات التي أخذها المشاركون في الدراسة، ظلت هي نفس الانطباعات التي اتخذوها أول مرة.

التعليقات