تقوم المخيمات الصيفية بدور هام في تربية الأطفال وتنميتهم والنهوض بهم إلى مستوى أفضل، نظرا لاهتمامها بالجوانب البدنية والنفسية والعقلية والاجتماعية.
وباشرت المؤسسات المحلية من بلديات ومجالس وجمعيات أهلية وأحزاب سياسية كما في كل عطلة صيفية ضمن الفعاليات اللامنهجية بتنظيم المخيمات الصيفية للأطفال وأبناء الشبيبة، ويظهر كما في كل عام بعض الإشكاليات في مثل هذه النشاطات من حيث ارتفاع أسعار اشتراك الطلاب فيها في ظل أوضاع اقتصادية صعبة مما يحرم الكثير من الأطفال من المشاركة في مثل هذه الفعاليات والتي تحول بعضها إلى مشاريع ربحية، ناهيك عن إشكالية المضامين حيث تظهر هشاشة الكثير من المخيمات التي تتعاطى مع أوقات الفراغ لدى الأطفال وأبناء الشبيبة في تغليب برامج الترفيه على حساب المضامين مع التأكيد أن هناك مخيمات توفق بين المضامين الثقافية والتربوية والترفيه.
إدريس: 'الأهم طبيعة الإدارة والبرامج والمضامين والقدرة المهنية على تمريرها'
استعرض مسؤول قسم الرياضة في مجلس عبلين المحلي وأحد المنظمين للمخيمات الصيفية، عوني إدريس، في حديثه لموقع 'عرب 48' أهمية المخيمات الصيفية وإشكالياتها، وشدد على أهمية توفير المستلزمات المهنية واللوجستية لإدارة المخيمات الصيفية.
وأوضح أن 'الالتزام بقوانين ومعايير الإدارة السليمة يجب أن ينطبق على كل أشكال المخيمات الصيفية، لكن يبقى الأهم طبيعة الإدارة والبرامج والمضامين والقدرة المهنية على تمريرها، فهناك مخيمات رياضية، وهناك مخيمات ذات مضامين وطنية وسياسية وأخرى ترفيهية صرف دون أي مضامين، لكن التوجه الأمثل أن تكون هناك جهات منظمة للمخيمات تجمع بين كل هذه المركبات، وأعتقد أن هذا النوع هو أفضلها'.
وشدد على أن 'هناك جهات تجارية منظمة للمخيمات وتتعاطى فقط لسد أوقات الفراغ لدى الطلاب المشاركين دون التشديد على المضامين، وهناك مخيمات ذات رسالة توعوية وتثقيفية تستخدم الجوانب الترفيهية والورشات لتمرير مضامين رسالة ثقافية أو وطنية، وهذا يتطلب ويعتمد المهنية والرؤية السليمة في رسم البرامج وإعداد الطواقم المهنية القادرة على تمرير البرامج بطريقة إبداعية غير مملة، وذلك ضمن أجواء حيوية تدمج بين الترفيه والمضامين، وهذا يتعلق أولا بالغاية والهدف الذي ترسمه الجهة المنظمة. نحن من جهتنا نسعى دائما للتثقيف والتربية الوطنية ومنها تنظيم زيارات للقرى المهجرة وعرض الأفلام ذات الصلة والمحاضرات والورشات الإبداعية'.
عبد الحليم: 'بعض المخيمات أشبه بالسوق'
أشار مركز قسم الشبيبة ومركز المخيمات في المركز الجماهيري بقرية كفر مندا، محمد عبد الحليم، إلى 'وجود عراقيل ومحدودية العمل في برامج المخيمات الرسمية الممولة من وزارة التربية والتعليم'.
وقال لـ'عرب 48' إن 'المخيمات الصيفية التابعة للمؤسسات المحلية في البلدات العربية تشرف عليها إدارة الشباب والمجتمع التابعة لوزارة التربية والتعليم، وهي ممولة من الوزارة، من الصف الأول ابتدائي حتى الصف الثالث، باشتراك رمزي للطالب لا يتجاوز 50 شيكلا. لا شك أن مثل هذه المخيمات تنحى بغالبية برامجها إلى الترفيه من سباحة ورياضة، والكثير من المخيمات تحولت إلى أشبه بالسوق، لكن الأمر يبقى متعلقا بالقيمين على المخيم من إدارة ومشرفين لتمرير بعض المضامين الثقافية وأمور من التراث الفلسطيني، لكن تبقى مضامين بسيطة وهشة وليست بالعمق القيمي لأنها محظورة. نحن من جهتنا نعمل على القيم التربوية الاجتماعية العامة'.
التفاوت بالأسعار وحرمان أبناء العائلات المستورة
وحول التلاعب بالأسعار من بعض الجهات المنظمة للمخيمات، قال إدريس، إن 'هناك جهات تجارية وربحية تحرم الكثيرين من أبناء العائلات المستورة من حق المشاركة كسائر الطلاب في المخيمات رغم ضعف البرامج والمضامين، وكذلك بعض المخيمات وبسبب تكلفتها الباهظة تحرم الكثير من الطلاب أبناء العائلات كثيرة الأولاد من المشاركة، والمطلوب فرض رقابة شديدة على تلك المخيمات، وعلى الأهل ان يكون لديهم الاطلاع على طبيعة البرامج والجهة المنظمة ومتابعة سير المخيمات حيث البرامج والمضامين ووسائل الأمان والوقاية، لأن هناك للأسف بعض الأهالي يريدون أن يخرج أولادهم من البيت فقط لسد أوقات الفراغ علما أن المخيم الصيفي الجاد هو فرصة تربوية وتثقيفية لا يجدها الطالب في الأطر الرسمية'.
عكري: 'مراعاة المضامين بقوالب إبداعية'
شدد أحد المشرفين على مخيم الهوية، المربي ذياب عكري، على أهمية التربية الوطنية والرسالة التي تقدمها مثل هذه المخيمات. وقال لـ'عرب 48' إن 'مخيم الهوية ينظمه حزب التجمع الوطني الديمقراطي سنويًا منذ انطلاقته عام 1996 واخترنا اسم الهوية للمخيم لما تعنيه من بُعد قومي وطني وإنساني للأقلية الفلسطينية التي بقيت على أرضها بعد التهجير والنكبة الفلسطينية 1948'.
وأضاف: 'نحن نعمل من خلال مخيم الهوية على الحفاظ والتمسك بهويتنا العربية الفلسطينية ونقف بوجه المخططات العنصرية التي تستهدف تمزيقنا بمنهجية خبيثة لتجعل منا طوائف وحمائل .مخيم الهوية هو شكل من أشكال الدفاع عن الوجود من خلال إحياء الذاكرة الوطنية الجماعية للأقلية الفلسطينية التي تتعرض لمحاولات شطب وتزييف لدى الأجيال الناشئة من خلال تزييف التاريخ والجغرافيا. مخيم الهوية هو الحاضنة الابرز لتعليم أطفالنا تاريخ الوطن وزرع روح الانتماء والكبرياء الوطني والعمل على بناء جيل يحمل هموم وآلام وتطلعات شعبه لمستقبل وطني قومي مغاير لما تريده لهم المؤسسة الصهيونية'.
وأكد أن 'ما يميز مخيم الهوية عن باقي المخيمات الصيفية كونه يضم أطفالا من كل بقاع هذا الوطن، من الجليل إلى النقب، حيث يلتقي الأطفال ليتعرفوا على مميزات وتراث أبناء جلدتهم من مناطق مختلفة .أضف إلى ذلك، مخيم الهوية لا يسعى للربح المادي فسنويًا نستوعب أطفالًا من عائلات مستورة يمنعهم وضع عائلاتهم المادي الصعب من الالتحاق بالمخيمات الصيفية فيكون مخيم الهوية بيتهم الدافئ .مخيم الهوية سنويًا يشكل لمئات العائلات عنوانًا لتعليم أطفالهم تاريخ وجغرافيا الوطن، والتعرف على الشخصيات والقيادات العربية والفلسطينية والأممية'.
التعليقات