ليوان: عام على محاولة إنعاش السوق القديمة بالناصرة

عامٌ مضى على افتتاح مشروع ليوان في البلدة القديمة بالناصرة، هم ثلاثة شركاء تعاونوا سويًا لإحياء البلدة القديمة في الناصرة طوال العام المنصرم.

ليوان: عام على محاولة إنعاش السوق القديمة بالناصرة

(عرب 48)

عامٌ مضى على افتتاح مشروع ليوان في البلدة القديمة بالناصرة، هم ثلاثة شركاء تعاونوا سويًا لإحياء البلدة القديمة في الناصرة طوال العام المنصرم، اثنان منهم من الناصرة وثالثة من ألمانيا وجدت في البلاد ما جعلها تبقى لتستثمر جهودها هنا رغم التحديات.

المشروع النوعيّ في البلدة القديمة عملَ على إحياء المئات من الفعاليات الثقافية والأدبية والفنيّة والموسيقيّة طوال العام المنصرم، وضمن عدد كبير من المشاريع ذاتيّة التنفيذ والدعم استطاعوا تحقيق جزء يسير مما كانوا يصبون إليه، ألّا وهو إعادة الحياة للبلدة القديمة وفتح المتاجر من جديد.

عام من محاولات إنعاش السوق

أعربت إحدى المبادرات لمشروع ليوان، سالي عزام، عن سعادتها بما حققه ليوان من إنجازات خلال العام المنصرم، وقالت لـ'عرب 48' إنه 'حلم قد تحقق وقد استطعنا إحياء فعاليات متنوعة، منها الضخمة وأخرى المتواضعة، ومع شرائح مختلفة من النساء والأطفال والأجانب، محاضرات ثقافية وأدبية، مناقشات روايات وأفلام، أمسيات موسيقيّة، وبهذا عملنا على احتضان فعاليات متفاوتة ومتباينة مع الناس، ما اعتبره أحد النجاحات التي استطعنا تحقيقها، فالنجاح ليس كم الأشخاص الهائل الذي يأتي إلينا ولا هو الربح الماديّ من المشروع، بل هو ما تشعر به الناس اتجاه هذا المكان وانتمائهم وحبهم لليوان، وهذا هو دافعنا للاستمرار والبقاء: الناس'.

وتابعت أنّ 'مشروعنا في ليوان هو بداية نحو إحياء البلدة القديمة في الناصرة، بمساعدة الجيران والمجتمع النصراويّ، هدفنا الكبير إعادة فتح كل المحال التجاريّة المغلقة قاطبةً، فالسوق هو جوهرة الناصرة، ونحن كشباب وجيل صاعد نريد المحافظة على هذا الإرث وتمرير قيم الحفاظ عليه لأطفالنا وأبنائنا، ولقد استطعنا أن نبرهن أنّ الناس تستطيع القدوم إلى البلدة القديمة إذا وجدت فيه حاضنة ثقافيّة وبرامج مستحقّة، وأن سكان الناصرة مستعدون للقدوم إلى البلدة القديمة والعودة إليه'.

'بالرغم من هذا لا أنكر الصعوبات التي واجهتنا في اقناع الناس أنّ البلدة القديمة هي آمنة، وأنّهم يستطيعون القدوم ليلًا، خاصةً النساء والفتيات اللواتي لم يدخلن البلدة القديمة من ذي قبل، وهذا ما تغلبنا عليه من نظرة سلبيّة مسبقة حول السوق، واجهنا أيضًا فئات من الناصرة لم تدخل البلدة القديمة قط، وآخرين أمضوا سنوات طوال لم يزوروها، وقد نجحنا في إعادتهم لهذا المكان وإقامة ارتباط بينهم وبين البلدة، فالبلدة القديمة تستحق أن نتواجد بها ونستثمر من أجلها بعدة طرق، ما أرى به مستقبلًا مثمرًا للبلدة، ولهذا أدعو إلى أن تحذو المصالح الأخرى حذو ليوان في افتتاح محال تجارية وثقافية هنا، فأنا وشركائي في ليوان نؤمن بالتعاون والشراكة والاتحاد من أجل إعادة إحياء البلدة القديمة دون منافسة سلبيّة، فنحن هنا موجودون من أجل البلدة القديمة، التعاون بيننا وبين الشركاء الآخرين في البلدة القديمة حتمًا سيعود بالفائدة علينا جميعًا وعلى كافة المحال، أما التفكير بالمصالح الشخصيّة الضيقة فهو لا يحقق مصلحة البلدة'، وفقًا لعزّام.

كسر الصورة النمطيّة

ويلخّص أحد المؤسسين الثلاثة لليوان، سامي جبالي، في حديثة لـ'عرب 48'، الصعوبات التي واجهها 'أولًا بالتعتيم على البلدة القديمة والحياة بها، فالمحال مغلقة والحياة ميّتة ومهجورة ولذلك وجود مشروع أو مصلحة أمر ليس بيسير وهيّن، أما الصعوبة الثانيّة فهي صعوبة تقبّل الناس لنا وفهمهم لما نفعله هنا في السوق القديم، بكوننا نحملُ مشروعا غير عاديّ في البلدة القديمة، فكان من الغريب أن نجلب البرامج الثقافية إلى البلدة القديمة بدلًا من أن يذهبوا هم إليها خارجَ السوق، ولكننا استطعنا أن نكسب محبة الجيران وأهل البلدة، ولكننا نريد التقرب منهم أكثر وأكثر، هذا ما نصبوا إليه'.

وأفاد جبالي بأنه 'عدا عن أننا استطعنا إدخال شرائح من الناصرة إلى البلدة القديمة وكسر الصورة النمطية لديها عن السوق، بأنه معتم، متسخ، غير آمن، ولكنهم حين أتوا لاحظوا العكس، فالسوق نظيف، وآمن ومضاء، وللمعلومة: حولنا 15 بيتًا للضيافة منذ سنوات، ولا بدّ أنّ ليوان كان تحديًا كبيرً بالنسبة لنا، حمل معه الصعوبات والمفاجآت، بكل طاقتنا وقوتنا عملنا وقد وجدنا ثمارًا لما زرعناه، بعد كل أمسية أو ندوة ثقافية أو فنية، وقد فاقت هذه السنة توقعاتنا'.

وتابع متأملًا: 'رؤيتنا مستقبلًا تأتي من خلال مراحل متعددة وطويلة، لدينا طموح أن تفتتح المحال هنا في سيباط الشيخ بالبلدة القديمة بشكلٍ نوعيّ وبديل، محال ليست عادية كما هو متعارف، كالمتاحف والمعارض والأشغال اليدويّة ومتاجر منتوجات طبيعيّة، هذه هي المشاريع البديلة التي نحتاجها هنا'.

واختتم جبالي بدعوة سكان الناصرة والمنطقة للاحتفال بمرور عام على افتتاح مشروع ليوان في البلدة القديمة، يوم غد الجمعة 7 تموز/ يونيو، بمعرضٍ لوحات لفنانين وفنانات من الناصرة: منهم طارق شريف، طارق صفدي، داهود حايك، بشارة مطر، جهينة قندلفت، فكري بطحيش، مبدا ياسين، جانيت بشارة، وغيرهم، مع منصة مفتوحة من الارتجالات الشرقية والغربية..
وبعد غد السبت 8 تموز لعرضٍ موسيقيّ لفرقة تريو غسان، هيثم وهشام – عرض مميز لمجموعة معزوفات من الموسيقى البديلة والإكسبريمنتال.

لماذا البلدة القديمة؟

سيلكي وونر ألمانية الأصل، تقيم حاليًا بالبلدة القديمة بالناصرة، هي إحدى مؤسسات مشروع ليوان، اختارت أن تستثمر هنا طاقتها في جذب السكان المحليين والسائحين على حدٍ سواء، لأنّها رأت المجتمع في البلدة القديمة بالناصرة مجتمعًا تشاركيًا، معربةً: 'المجتمع هنا مبني على الشراكة والقرب من بعضهم البعض، وهذا غير موجود في مجتمعات أخرى، وهذا أمر رائع'.

واستطردت: 'أنا أعمل على جذب الناس كافة إلى هنا رغم ما يسمعونه من الإعلام عن المشاكل السياسية بأنّه عالم ثالث وخطر كما يعرفون عنه، بعض أصدقائي أتوا لزيارتي دون الاكتراث لأي شيء سوى رؤيتي، بعد الزيارة الأولى تابعوا المجيء مرّات أخرى. أصبحوا يفهمون أكثر ما أفعله هنا ولماذا أنا موجودة هنا، حتى أن صديقتي ستأتي للمرة الثالثة إلى البلاد لتمضي 3 شهور في البلدة القديمة، وغيرها كثر ممن رأوا في المكان والأجواء ما يلامسهم وما هو قريب منهم'.

يستمر ليوان في مسيرته بإعادة إحياء البلدة القديمة بعدة سبل، منها جذب السائحين لتعريفهم إلى الروح الفلسطينيّة للمدينة والسياحة الثقافيّة بها، ومنها جذب سكان الناصرة للعودة إلى رحم مدينتهم عبر برامج ثقافية مختلفة، وبهذا مراحل عدّة طويلة تنتظر البلدة القديمة لتعود نابضة بالحياة من جديد كما يريدها ويراها هؤلاء الشبان الثلاثة.

التعليقات