حفظ التراث الفلسطيني: حول أهمية الأرشفة والتوثيق

وتتجلى أهمية التوثيق والأرشفة في حفظ المذكرات والأوراق والوثائق كافة من عوامل التعرية (التلف، الرطوبة ...) أو الضياع، كما تعد الوثيقة أحد مصادر المعلومات المهمة، ومن خلالها يتم تكوين قاعدة معلوماتية أقرب إلى الدقة.

حفظ التراث الفلسطيني: حول أهمية الأرشفة والتوثيق

من صفحة المركز على "فيسبوك"

تعمل العديد من المؤسسات الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة عام 1948 والضفة الغربية وقطاع غزة والشتات، على حفظ ما يمكن حفظه من الإرث الفلسطيني المدون، مقابل محاولة الاحتلال طمس معظم الجذور الثقافية والتراثية والسياسية للشعب الفلسطيني.

ويعتبر الكثير من الناشطين في مجال الأرشفة والتوثيق، أن "مركز أبحاث منظمة التحرير الفلسطينية"، الذي أنشئ في بيروت، كان أول محاولة مؤسسية لجمع تراث فلسطين الوثائقي، غير أن الاجتياح الإسرائيلي للمدينة عام 1982، جعل جميع الوثائق التي عمل المركز على أرشفتها وحفظها تنتقل إلى رفوف المستودعات والمخازن الإسرائيلية، بعد نهبها.

علما بأن منظمة التحرير الفلسطينية، لم تطالب، في ظل المفاوضات التي أجرتها مع الاحتلال في أوسلو وما أعقبها من اتفاقية عام 1993، بشكل رسمي، السلطات الإسرائيلية بإعادة ما نهبته من وثائق ومستندات، وأشارت مصادر إلى أن العديد من المراجع التي سرقت خلال الاجتياح الإسرائيلي لبيروت، متواجدة بالفعل على رفوف مكتبة جامعة حيفا، غير أنها ليست متاحة للجميع.

وتتجلى أهمية التوثيق والأرشفة في حفظ المذكرات والأوراق والوثائق كافة من عوامل التعرية (التلف، الرطوبة ...) أو الضياع، كما تعد الوثيقة أحد مصادر المعلومات المهمة، ومن خلالها يتم تكوين قاعدة معلوماتية أقرب إلى الدقة، وذلك باعتبار الوثائق هي ذاكرة الشعوب، وأحد المصادر التاريخية المهمة.

ودفعت القيمة العظيمة للوثائق والمحفوظات، بما تحمله من معلومات، والطلب المتزايد عليها من قبل الأكاديميين والباحثين، إلى تأسيس العديد من المراكز المتخصصة في التوثيق والأرشفة.

وبالتزامن من الثورة التكنولوجية الحاصلة، والمدى المفتوح لشبكة الإنترنت، وعلى ضوء سهولة أرشفة الوثائق والمصادر الأولية رقميًا، وإدراكًا بأن الوثائق هي ذاكرة الشعوب، وأحد المصادر التاريخية، التي توفر للباحثين مجالا أوسع لتقديم الأطروحات الأكاديمية، اتجهت العديد من المؤسسات والمراكز، إلى تطوير سبل حديثة للأرشفة والترقيم.

وفي هذا السياق، أنشأ مجموعة من الشباب الفلسطيني في إيطاليا، مؤسسة عربية فلسطينية للأرشفة، مركز "التوثيق" الفلسطيني، في العاصمة الإيطالية روما عام 2015، "بهدف حفظ وحماية الذاكرة التاريخية، السياسية والثقافية الفلسطينية، وذلك من خلال عملية الأرشفة، التوثيق، الإنتاج، الترجمة والنشر"، كما أوضح عضو الهيئة الإدارية في المركز، خالد القيسي، في حديثه لـ"عرب 48".

الأرشفة... والرواية الفلسطينية

وعن دور الأرشفة في خدمة الرواية الفلسطينية في مقابل الرواية التي تسعى الحركة الصهيونية وأصدقاؤها إلى تسويقها، قال القيسي إن "قناعتنا هي أن دور الأرشفة في تعزيز الرواية الفلسطينية مهم، إلّا أنه يُمارَس بشكل غير مباشر؛ عملية الأرشفة والتوثيق للوثائق وللإنتاج السياسي والثقافي الفلسطيني هدفه الأساسي حفظ الذاكرة والتاريخ النضالي لشعبنا في الداخل والمنفى، أي أنه يركز على صيانة هويته".

وأوضح القيسي "أمّا بالنسبة لخدمة الرواية الفلسطينية، خاصة في الخارج، فذلك يأتي عبر توجيه الباحثين وكل من يلجأ للمركز إلى اعتماد معايير ومصداقية لا تتناقض مع حقوق شعبنا المشروعة، غير القابلة للتصرف".

وأضاف أن "هذا الدور يتم ممارسته على المستوى الأكاديمي، الذي يشكل بالنسبة لنا أرض معركة لا تقل أهمية عن الميادين النضالية الأخرى".

وعن مساهمة مركز التوثيق في ذلك، أشار عضو الهيئة الإدارية في المركز إلى أنه "هناك، إلى جانب الأرشفة، عملية إنتاج وترجمة هدفها توفير معطيات وتحليلات موضوعية للجمهور الفلسطيني وحركات التضامن في الخارج، تشمل عدّة لغات، تتم بشكل ممنهج وسيتم العمل على نشر الإصدارات الأولى مع بدايات العام القادم".

حول مواد الأرشيف

وأكد القيسي أن أرشيف المركز يشمل اليوم بضعة آلاف وثيقة، معظمها باللغة العربية والإيطالية، أنتج وأصدر معظمها ما بين الخمسينات والتسعينات من القرن الماضي، تشمل دراسات، بيانات، كراسات، مجلات".

وختم القيسي بالقول: "بالرغم من أن عملية التجميع ما زالت في مراحلها الأولى، وتتطلب طاقات وإمكانيات كبيرة، إلّا أنه رغم ذلك، وهنا يرجع الفضل لكل من ساهم وتبرع بمواد ووثائق، عدد وثائق الأرشيف يزداد يومًا بعد يوم. ابتدأنا بعملية فهرسة ورقمنة للمواد، وخلال الأسابيع القادمة ستبدأ عملية رفع قوائم محتويات الأرشيف كي تصبح متاحة للباحثين عبر موقعنا الإلكتروني".

التعليقات