أبو عصبة: السلطات المحلية لا تهتم بخطط شمولية للعملية التربوية

اعتبر مدير معهد مسار ورئيس قسم التربية في أكاديمية القاسمي، د. خالد أبو عصبة، وهو متابع للشؤون التعليمية والتربوية أن الخلل القائم في المؤسسات التي تعنى بشؤون التربية اللامنهجية يشكل عقبة أساسية في تقدم جهاز التعليم العربي.

أبو عصبة: السلطات المحلية لا تهتم بخطط شمولية للعملية التربوية

اعتبر مدير معهد مسار ورئيس قسم التربية في أكاديمية القاسمي، د. خالد أبو عصبة، وهو متابع للشؤون التعليمية والتربوية أن الخلل القائم في المؤسسات التي تعنى بشؤون التربية اللامنهجية يشكل عقبة أساسية في تقدم جهاز التعليم العربي.

وقال أبو عصبة في حديثه لـ"عرب 48" إن "الأمر لا يتوقف على وجود بنايات ومراكز وموظفين لهذا الغرض، بل السؤال المطروح ما هي السياسة والرؤية التربوية والكوادر المهنية في هذه المؤسسات لتأدية الدور بالتعاطي مع أبناء الشبيبة والدور الذي يجب أن تطلع به في بناء الشخصية واستكشاف المهارات والمواهب وصقلها وبناء قيادات شبابية".

*هل لك أن تعرف لنا باقتضاب ما هي التربية اللامنهجية وما هو الدور المنوط بها تربويا؟

عصبة: هناك علميًا تعريفات عديدة، فالبعض يرى بها عملية قائمة بحد ذاتها والبعض الآخر ينظر بأنها متممة للتربية المنهجية الرسمية، إلا أنه وفي كل الحالات يمكن تعريفها على أنها تربية مكملة في بناء شخصية الناشئة بشكل متكامل بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وذلك من خلال برامج وفعاليات يشارك فيها أبناء الشبيبة بشكل منظم على أساس اختيار فردي حر وفق شخصيته وميوله الذاتية.

*هل ترى أن المؤسسات المنوط بها هذا الدور تقوم بدورها في ظل ما يعانيه أبناء الشبيبة من فراغ وتفشي الآفات المجتمعية وأبرزها العنف والجريمة؟

أبو عصبة: هذه إحدى القضايا التي يجب التعامل معها... استغلال أوقات الفراغ من قبل أبناء الشبيبة. مع الأسف تشير المعطيات إلى شح البرامج والفعاليات التي تجذب هذه الفئة العمرية إلى تلك المؤسسات، ويعود ذلك إلى عدة أسباب: عدم وضوح الرؤية، ولا أعمم بالطبع، لدى من يدير هذه المؤسسات، حيث يطرح سلة فعاليات لا يهتم بها الشباب ولا تلامس متطلباتهم المعاصرة، كما لا يتم استشارتهم والأخذ بعين الاعتبار رغباتهم في كيف يريدون هم استغلال أوقات فراغهم، ثانيا: التكاليف المادية العالية للاشتراك بالبعض من هذه الفعاليات، وثالثا: نمطية الفعاليات خالية من أي جذب لأبناء الشبيبة، ورابعًا: غالبا ما تكون معدة لفئة معينة وليس لجميع الفئات والشرائح. وخامسًا متناولية هذه المؤسسات من ناحية البعد الجغرافي للأحياء البعيدة، أضف إلى ذلك عدم وجود مواصلات عامة في البلدات العربية بشكل يضمن الوصول بسهولة إلى هذه المؤسسات.

يمكن إضافة أسباب وعوامل أخرى كثيرة تحول دون استغلال أبناء الشبيبة لأوقات الفراغ بشكل مجد ونافع، الأمر الذي يقود الشباب للبحث عن بدائل لقضاء أوقات فراغهم في المقاهي وما شابه، وسهولة وقوعهم فريسة وانزلاقهم إلى العنف والإجرام.

*هناك من يرى أن التعليم اللامنهجي لا يقل سوءا عن التعليم الرسمي بحيث يقتصر على مجرد تقديم سلة خدمات والتعاطي فقط مع أوقات الفراغ لدى أبناء الشبيبة وغياب للكوادر المهنية ؟

أبو عصبة: أولاً، يجب الإشارة إلى ضرورة التأكد من وجود مثل هذه المؤسسات والأطر في جميع بلداتنا العربية وأن تكون منتشرة في جميع الأحياء، بحيث تكون هناك متناولية لوصول أبناء الشبيبة من الجنسين إليها، ومن ثم السؤال هل تقوم بدورها أم لا؟

أعتقد أن المؤسسات والأطر غائبة أو مغيبة في العديد من بلداتنا. القضية ليست فقط بوجود بناية أو مؤسسة، القضية ما هي السياسة التربوية لهذه المؤسسات وأهدافها ووفقًا لذلك سلة الخدمات التي تقدمها لجمهورها. حين نكتفي باعتبار هذه المؤسسات على أنها مؤسسات خدماتية بالمفهوم الضيق، دورة هنا وفعالية هناك، فإن هذا يعني تقصيرها بالقيام بدورها، فالتربية اللامنهجية كما ذكرنا سابقًا هي شاملة ومركبة تهدف إلى بناء شخصية الناشئة والتعامل مع كافة المناحي التثقيفية والتربوية وخلق وعي قادر على تطوير القدرات والمهارات القيادية لدى فئة الشباب.

واقعنا بالتعليم المنهجي الرسمي يحمل بصيص أمل في الجانب التعليمي التحصيلي إلا أنه ما زال فاقدا لدوره التربوي التثقيفي، وهذه هي نفس الحالة بالتعليم اللامنهجي، هناك البعض من الفعاليات والنشاطات، إلا أنه تبقى ناقصة إذا لم تكن متشابكة مع التعليم المنهجي وتساهم في تغيير وبناء وتنمية مجتمعية.

أنه علينا أن نقوم بتطوير كوادر مهنية تعمل في هذه المؤسسات وتأخذ دورا رياديا وقياديا في إدارة برامجها، وكذلك نحتاج إلى كودار مهنية أكثر لإدارة التعليم اللامنهجي في إطار التعليم الرسمي المنهجي، فهناك حيز غير مستغل في هذا الإطار.

*هناك أيضا مهتمون يرون أن موضوع الوعي الوطني وموضوع الانتماء ليس فقط شبه مغيب بل في بعض المؤسسات يستغل أبناء الشبيبة للترويج للخدمة المدنية؟

أبو عصبة: صحيح، وهذا ما أشرت إليه سابقًا بأن القضية ليست بفعاليات ونشاطات بسيطة هنا وهناك، إنما القضية بالنظر لى عملية التربية وبالذات اللامنهجية كعملية خلق وعي فردي وجمعي من خلال عملية تثقيفية ونشاطات على شكل بناء وتنظيم حركات شبيبة، ليست مؤسساتية، وعملية تثقيفية ممنهجة من خلال ندوات ومحاضرات وحواريات على مدار السنة في مجالات مختلفة.

*برأيك هل السلطات المحلية تتحمل مسؤولية التقصير حيث غالبا ما نرى تعيينات لوظائف على أساس انتخابي وليس لاعتبارات مهنية؟

أبو عصبة: نعم نعي جميعًا كيف تعمل السلطات المحلية وما هي همومها. فالسلطة المحلية تبحث عن أي مورد تستطيع من خلاله تثبيت المنتخبين في مراكزهم وأماكنهم، ولا يهمهم بالضرورة وجود رؤية شمولية للعملية التربوية وكيفية تطبيقها. السلطة المحلية العربية ضعيفة من حيث الإمكانيات المادية والمدخولات، لذا سيبقى مستوى الخدمات متدن، فالقليل الذي تستطيع الحصول عليه يستثمر بصراع البقاء على كراسيهم.

التعليقات