كيف تؤثّر مواقع التّواصل الاجتماعيّ على علاقاتنا العاطفيّة؟

كشفت دراسة أميركية حديثة أنّ استخدام وسائل التّواصل الاجتماعيّ في النّشر حول العلاقات العاطفيّة من شأنه أن يساهم في الإضرار بها لا نفعها، إذ يؤثّر بطريقة سلبيّة على رضا الشّريك ويضرّ بمشاعر العلاقة المقرّبة الّتي تربط بين الطّرفين.

كيف تؤثّر مواقع التّواصل الاجتماعيّ على علاقاتنا العاطفيّة؟

توضيحية (Pixabay)

كشفت دراسة أميركية حديثة أنّ استخدام وسائل التّواصل الاجتماعيّ في النّشر حول العلاقات العاطفيّة من شأنه أن يساهم في الإضرار بها لا نفعها، إذ يؤثّر بطريقة سلبيّة على رضا الشّريك ويضرّ بمشاعر العلاقة المقرّبة الّتي تربط بين الطّرفين.

واعتمدت الدّراسة، الّتي أجراها مجموعة باحثين وباحثات في جامعتي "كارنيجي ميلون" و"كانساس"، على المنهجيّة متعدّدة الدّراسات في رصد تنامي العلاقة بين العالمين الحقيقي والافتراضي وما تنتجه من تداعيات تنعكس على علاقة الشريكين، وتقسّمت إلى خمس دراسات جانبيّة، لتعقد مقارنة بعد جمع النتائج بين آثار التعبير عن المشاعر علانيةً على العلاقات الحميمة، وبين مدى الشعور بالرضا في سياقات الإنترنت، بالمقارنة مع التعبير عن الرضا والحب في غياب الإنترنت. كذلك قارنت الدّراسة بين مستويات العلاقات العاطفية والرومانسية مقابل علاقات الصداقة فقط.

وبيّنت نتائج الدّراسة المنشورة في العدد الأخير من مجلّة "بلوس وان" العلميّة، أنهّ مشاركة الشّريك لمعلوماته الشّخصيّة وتفاصيل علاقته بشريكه، وتفاصيل شخصية قد لا يعرفها بشكل خاصّ تساهم في إشعاره بأنّه "مستبعد"، أو في درجة أقلّ من الأولويّة في سلّم الشّريك، وإحساسه بأنّ خصوصيّة علاقتهما أو تفرّدها لم تعد كما كانت من قبل، أو الشعور بالإهمال.

في المقابل، أظهرت الدّراسة أنّ نشر الإنسان صورة تجمعه بشريكه يساهم في زيادة المشاعر الحميمة الّتي تنتج الرّضا، ا يعمل على تقوية صحة العلاقة بينهما في ظل ما يحمله ذلك من مظاهر الرعاية والاهتمام بشريك الحياة، خاصّة وأنّها تساهم في زيادة الشّعور بالأمان العاطفيّ في العلاقة؛ كذلك بيّن الباحثون أنّ تجنّب المشكلة الأولى قد يتمّ تحقيقه من خلال إضافة الشّريك لقائمة من تصلهم التّفاصيل الشخصية أوّلًا، او إخباره بها قبل النّشر على وسائل التّواصل الاجتماعيّ لعامّة الأصدقاء.

(Pixabay)

وتعدّ هذه الدّراسة الأولى من نوعها في بحث تأثير مواقع التّواصل الاجتماعيّ على العلاقات العاطفيّة، إذ كانت معظم الأبحاث السّابقة في تأثيرات كشف الأشخاص عن طبيعة العلاقات الحميمية عليها أُجريت في البُعد الواقعيّ دون دراسة منهجيّة لتأثيرات الواقع الافتراضيّ في الشّبكة.

وانقسمت الدّراسة بمنهجّيتها إلى خمس دراسات، بحثت الأولى مدى مشاركة الفرد للمعلومات الشخصية، أمّا الثّانية فاعتمدت لى جمع بيانات من المشاركين وشركائهم لقياس مدى تأثير نشر المعلومات الشخصية على الإنترنت - دون علم مسبق من شريك الحياة - على حميمية العلاقة.

أمّا الّدراسات الثّالثة والرّابعة والخامسة فاعتمدت على طريقة بحث مختبريّة، أي بالاعتماد على خلق ظروف وإرسال رسائل وهميّة عبر مواقع التّواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك"؛ فانقسمت الدّراسة الثّالثة إلى نمطين، بمشاركة 132 شخصًا يرتبطون بعلاقات رومانسية لأكثر من 3 أشهر، حيث قام المشاركون في القسم الأول من الدّراسة بنشر معلومات حول ما فعلوه في العمل، ومشاعرهم تجاه حياتهم اليومية، كما نشروا صورًا لهم.

في المقابل، قام المشاركون في القسم الثّاني بنشر منشورات أقل إفصاحًا عن المعلومات الشّخصية والحميميّة، مثل الحديث عن الطقس ونشر روابط لمقالات إخبارية، دون كشف الكثير من المعلومات عن الشريك أو العلاقة أو عن الشخص نفسه.

ووجد الباحثون في هذه الدّراسة أنّ تضمّن المنشورات لمعلومات عن شريك الحياة قبل إعلام الشّريك بها، كان مؤشرًا لضعف حميمية العلاقة، وأظهرت رضا أقلّ لشريك الحياة بالنسبة لطبيعة العلاقة التي تجمعهما؛ في المقابل، حجين كانت هذه المنشورات تتضمّن إشارة لشريك الحياة في المنشور، كان يقلّ شعور الشّريك بأنّه مهجور أو مهمَل، أو أن خصوصيته انتُهكت وبذا يكون تأثير المنشورات السلبيّ على العلاقة أقل.

(Pixabay)

وبحثت الدّراسة الرّابعة آثار زيادة عدد مَن يخبرهم الشخص بمعلومات شخصية عنه على العلاقة الحميمية، معتمدةً على إعداد رسائل وهميّة يتمّ إرسالها إلى الشريك وإخباره مرّة أنّها أرسلت لهم وحدهم، ومرّة أنّها أرسلت لأشخاص آخرين (4 أو 19 أو 21 شخصًا آخرين)، ومن ثمّ سؤاله عن شعوره ليتبيّن أنّ مشاركة الرسالة نفسها مع أشخاص آخرين يزيد من شعور الشريك بانتهاك الخصوصيّة وتراجع حميميّة العلاقة بينهما.

أمّا الدّراسة الخامسة، فقد بحثت وسائل الحماية من الآثار السّلبية المرصودة لمواقع التّواصل الاجتماعيّ على العلاقة، عبر تجربة أنواع مختلفة من المنشورات الّتي تجعل الشّريك جزءًا منها ومن المعلومات الّتي تنشر على وسائل التواصل، مثل نشر صورة من حدث ما ومشاركة بعض المعلومات عنه. ووجد الباحثون أن نشر مثل هذه الصورة والتعليقات يجعل شريك الحياة يشعر بأنه ليس كمًّا مهملًا، وبأنه يمثِّل قيمةً لشريك حياته.

وفي السّابق، تطرّقت دراسة أجرتها جامعة "بوسطن" الأميركية، إلى خطورة استخدام مواقع مثل "فيسبوك" و"تويتر"، مبيّنةً أنّه قد يضرّ بالزّواج ومتوقّعةً أن يكون ضمن القضايا البارزة الّتي تسبّب فشل العديد من الزّيجات، خاصّةً بسبب انهيار منظومة الخصوصيّة.

التعليقات