22/11/2016 - 17:32

مصاروة: أدب أي أمة صورة صادقة تعكس وضعيتها... لكن!

أثرت الشاعرة والإعلامية والباحثة إيمان مصاروة المكتبة العربية بالداخل ورفدتها بغير المألوف وكسرت الروتين، فقد جمعت بين الجمالية والفكرة والإيقاع الموسيقي في أجمل الإبداعات الشعرية والأدبيّ، عليها ما عليها ولها ما تقول.

مصاروة: أدب أي أمة صورة صادقة تعكس وضعيتها... لكن!

مصاروة في ندوة بجامعة النجاح بنابلس

أثرت الشاعرة والإعلامية والباحثة إيمان مصاروة المكتبة العربية بالداخل ورفدتها بغير المألوف وكسرت الروتين، فقد جمعت بين الجمالية والفكرة والإيقاع الموسيقي في أجمل الإبداعات الشعرية والأدبيّ، عليها ما عليها ولها ما تقول.

عرب 48: أولًا، كيف تصفين لنا المشهد الثقافي والأدبي العام بالداخل؟ وهل هناك حركة ثقافية ونقدية كشرط ضروري في تطوير الإنتاج الإبداعي؟

في منطقتنا هنالك نهضة أدبية كبيرة بسبب تشجيع المؤسسات الثقافية للظاهرة الأدبية في فلسطين، وهي لا تقل بشيء عن النهضة التي تشهدها دول عربية أخرى، بل  إن إسهام الفلسطينيين في الأدب العربي فعال وكبير ساعد على رقيّ هذا الأدب في العديد من المناحي، كالشعر والرواية والقصة وغيرهم من الأصناف الأدبية الأخرى والمتعددة، والأسماء الفلسطينية التي رفدت الساحة الأدبية العربية بعطائها أكثر من أن تحصى حتى يومنا هذا، وما يميزها أنها من الداخل الفلسطيني .

ونحن شعب مبدع ومتميز وصاحب بصمة في الإبداع والفن والموسيقى والعلوم المختلفة، خاصة وأن المعاناة هي من تحرك منابع الإبداع من المبدع وتفجر مكنوناته الذاتية، فالإبداع لا يأتي من فراغ، إنما هو حصيلة تراكمات وتجارب كما هو قرين بالألم، بحيث تفتح مساحة من التعبير والتحليق والقول في المجال الذي يكتب فيه صاحبه، لأنه يريد ذلك بعيدًا عن التفكير إلى ما سيقوله الناقد إن وجد إلى جانبه أو لا .

ولا بد من الإشارة هنا إلى أن النقد الأدبي أو الناقد وظيفته المتابعة والكشف عن أصالة الأدب الجيد من عدمه ورصد خطواته، بحيث يحلق مع تحليق النص ليكتشف جوانب النضج الفني والتجديد في النتاج الأدبي الذي يتابعه، ما يشكل رافدًا أساسيًا وهامًا لتطور النتاج الإبداعي.

عرب 48: هل هناك علاقة متفاعلة و تبادلية بين المثقف والسياسي بما تقتضيه الضرورة عمومًا والوضعية الخاصة لعرب الداخل على وجه الخصوص؟

الشاعر والمثقف الحقيقي هو من يعيش هموم شعبه لحظة بلحظة، وبالتأكيد، كان حضوري ظاهرا في الأحداث الأخيرة التي نشرت فيها عشرات القصائد على شبكة التواصل الاجتماعي وفي المواقع الإلكترونية والمكتوبة، أيضًا، والشاعر إنسان يتأثر بما يدور حوله من مشاهد الحياة ويبعث فيها روحه لتقطف من صورها ومشاهدها منها وما أوجع، فيعيد رسمها كما يراها، وكما تتسلل لعاطفته وموهبته الشعرية.

وهذا يفتح آفاقًا أكبر تفوق الشعر والوصف لتصل إلى التحفيز نحو المشاركة الحقيقية في اتجاهات أدبية أخرى، من شأنها أن تترك بصمة للشاعر الإنسان أو الأديب الإنسان، وربما تضيف للواقع أشياء أخرى تخدم المجتمع وتسهم في إنجاح مسيرتنا القومية وتخفف من معاناة البعض، لا سيما ونحن نقبع تحت قيد الاحتلال وقهره الذي يستدعي أن نواجهه بكل ما أوتينا، فالكلمة لا تقل أهمية وحرصًا على الوطن من السلاح في الميدان، فكلنا يناضل بطريقته ولا بد من كلمة حق تقال هنا: الوطن ثم الإنسان وهذا بالتأكيد ينطبق على عرب الداخل الفلسطيني 48.

عرب 48: كيف لك أن تعرّفي لنا من هو الكاتب والمبدع حقًا، وما هي أهم مقومات وعناصر الإنتاج الإبداعي؟

الشاعر والكاتب والمبدع الجيد هو من اجتمع فيه المجمل التعبيري للإنسان، بحيث يستطيع التعبير عن مشاعر صادقة تخرج بدفقات لقوة انفعال وتفاعل المبدع أو الأديب مع ما يجري في محيطه بأرقى الأساليب الإبداعية على اختلاف أشكالها، ليصل إلى حالة التجلي الروحاني الأدبي، الفني، الإبداعي، بأسلوب آخر مرتبط باللغة والتعبير وما يعكس الهم العام الذي يعيش فيه الكاتب، وهنا استشهد بما قاله هوليم هازلت: إن أدب أي أمة هو الصورة الصادقة التي تنعكس عليها أفكارها.

إن الأدب فن جميل، يحدث متعة للروح وسموًا للقلب ويجد الكاتب فيه متنفسه ويعبر به عن مشاعره ونبض قلبه وخلجات روحه، ولكن هذا التعريف غير دقيق، لأن الأدب له أغراض وأنواع ومشارب بعضها لا يُكتب على هوى القارئ أو خارج أفق توقعه، دون أن يفقد جودته وجماله، وإن عدنا إلى المبدع الحقيقي، فهو من يجب أن تجتمع في شخصه القدرة على التعبير وتقديم كل ما هو جديد ومميز، حاملًا للثقافة والمعرفة الواسعة، مرتكزًا على النقد البناء ومستقلا برأيه، مستعينًا بالاستعارات والنظر إلى الأمور بطريقة مختلفة، مجرّبًا بكل ما لم يطرق من إبداع من قبل.

عرب 48: طافت مؤخرًا ظاهرة منح الأوسمة والألقاب الوهمية "لمبدعين" من شعراء وكتاب وغيرهم بسخاء دون التقيد بأدنى معايير الإبداع إذا جاز التعبير، كم هذه الظاهرة صحيّة وكم يمكن أن تضر بمستوى الإنتاج الإبداعي؟

من يتحمل مسؤوليتها حاملو شعار الثقافة ومسؤولو المؤسسات والمنتديات الثقافية في الداخل والخارج، بمن فيهم نقادنا وأدباؤنا وشعراؤنا الكبار الذين يجاملون بل يسيرون وراء ثلة من مدعي الثقافة والأدب وممن لا علاقة لهم بالمشهد الثقافي الذي أصبح فيه الكثير من السلبيات رغم الحراك الذي تشهده الساحة الثقافية في الوطن من شماله إلى جنوبه ولم يكن في السابق هذا الحراك وفي أوج أدب المقاومة، ويعود ذلك لأسباب عديدة، منها الانفتاح على العالم العربي وعصر التكنولوجيا ومواقع التواصل، وإلى آخره من أسباب.

وبدون أدنى شك، فإننا نواجه الكثير من المعوقات في مسيرتنا الأدبية وكل ذلك، كما أعلم أن لا ميزانية كافية لاتحاد الكتاب والمؤسسات الثقافية الرسمية الأخرى، وهذا بالتأكيد ينعكس سلبًا على مبدعينا، في الوقت الذي كثرت فيه المسميات الثقافية هنا وهناك والعمل الفردي دون التنسيق وانعكست قضية الشللية والعلاقات غير المنصفة، ما أدى إلى تراجع الحركة الثقافية بمستواها رغم الحراك الثقافي الواسع الذي تشهده الأراضي الفلسطينية والعالم العربي، حيث يقف مبدعونا الكبار متفرجين لأن الدعوات ترسل بصورة شخصية وليست رسمية.

عرب 48: لقد أشار البعض، مؤخرًا، إلى ظاهرة التكريمات السخية دون أدنى معايير التي تقوم بها بعض الجهات السخية بمنح أوسمة ودروع ليست في مكانها كما اعتبر البعض.

ما طرحته في سؤالك هو صحيح تمامًا، ولعل سبب ذلك ظاهرة المحسوبية. على سبيل المثال، قد تكون هناك مؤسسة ما أو جهة أدبية تدعم أديبًا أو أديبة لعلاقة شخصية لا صلة لها بالأدب، بل مجرد تلميع لهذا الأديب أو تلك الأديبة. علينا تكريم العلم والعلماء والأدب والأدباء وتقدير المعلم والمعلمة والأديب والأديبة وأن نقدّس العلم والعلماء ونجلهم ونحترمهم ونضعهم في مكانتهم اللائقة بهم وأن نكون قدوة لغيرنا.

التعليقات