غلاء المعيشة في إسرائيل... وتخوفات المواطنين العرب

يشكل غلاء المعيشة أعباء إضافية على المواطنين العرب، وذلك على الرغم من ارتفاع الحد الأدنى للأجور إلى 5000 شيكل عام 2017، إلا أنّ هذا لا يكفي لسداد المتطلبات اليوميّة، مثل استئجار شقة ومصروف المواصلات الخاصة والعامة، والتعليم والملبس والمأك

غلاء المعيشة في إسرائيل... وتخوفات المواطنين العرب

يشكل غلاء المعيشة أعباء أخرى على المواطنين العرب، وذلك على الرغم من ارتفاع الحد الأدنى للأجور إلى 5000 شيكل عام 2017، إلا أنّ هذا لا يكفي لسداد المتطلبات اليوميّة، مثل استئجار شقة ومصروف المواصلات الخاصة والعامة، والتعليم والملبس والمأكل والتأمين ودفع فواتير المياه والكهرباء، وغيرها الكثير من المصروفات.

بشكلٍ عام، فإنّ الفقر في إسرائيل يختار البلدات العربيّة رغم تنوع المناطق الجغرافية، الشمال، الجليل، والجنوب، وذلك بسبب التمييز العنصري الذي تنتهجه الدولة تجاه المواطنين العرب. وسكان النقب هم الأكثر فقرًا من بينهم، حيث أنّ 53.3% من المجتمع العربيّ تحت خط الفقر، فمن جهة الحد الأدنى للأجور لا يتلاءم مع مستوى المعيشة الباهظ للأسرة، ومن جهة أخرى، فجزء كبير من المواطنين العرب لا يتلقون الحد الأدنى للأجور... وهو ما يزيد الهوة عمقًا.

هل حقًا هناك غلاء معيشة؟

عن تلاءم الراتب الشهريّ للفرد مع الحدّ الأدنى للأجور، قال الخبير الاقتصادي، د.سامي ميعاري، إنّ هناك تأثيرًا للأسعار في كل سنة على الدخل الحقيقي للفرد والعائلة، ما يؤدي إلى دخول العائلة في دائرة الفقر، ولكن ما يحدث في السنتين الأخيرتين، هو ارتفاع في الأسعار، فغلاء المعيشة في إسرائيل كان مؤشره في السنة الأخيرة سلبيًّا (أي لم يرتفع)، وبالتالي لم يكن هناك تضخم مالي إيجابي في الأسعار، ولكن من جهة أخرى، فقد كان هنالك تضخم مالي في أسعار العقار وأسعار المنازل، مع الاشارة إلى أنّ العقارات لا تدخل في مؤشرات أسعار المستهلك.

وتابع ميعاري، 'ارتفع مؤشر الفقر في المجتمع العربيّ بمعدل 1.5٪ ، وهذا الحدث مرّ مرور الكرام دون التطرق له بشكل جدّي، لا على المستوى السياسي ولا على المستوى الاجتماعيّ المدني رغم خطرهِ'.

أسباب شعور المواطن العربيّ بغلاء المعيشة

'أحد مسببات الفقر في المجتمع العربيّ هو أولاً نسبة تشغيل المواطنين العرب المنخفضة، مع أنّ النساء العربيّات دخلن بشكل أكبر إلى سوق العمل في السنتين الأخيرتين. ولكن على الرغم من ذلك، فالارتفاع لم يحصل تغييرًا جديًّا'، قال ميعاري مستطردًا أنّ نسبة البطالة ارتفعت في السنة الأخيرة بالمجتمع العربي، وتصدرت المغار وسخنين وأم الفحم قائمة أكثر المدن بطالةً في إسرائيل بشكل عام، ما يدل على عدم التغيير الجدي في تشغيل النساء والرجال، وبالتالي انخرطت العائلات العربية بشكل أكبر في عمق الفقر وتدهورت حالتهم الاقتصادية.

وأضاف ميعاري أنّ المجتمع العربيّ يعاني من نسبة فقر عالية ترافقها نسبة بطالة عالية، خاصةً حين نتحدث عن فئة الشباب، وذلك بسبب أنّ المجتمع العربيّ هو مجتمع فتيّ، أي 60% منه حتى جيل 40 عامًا، ولكن بالمقابل، هذا المجتمع الفتيّ قابل للانخراط والتورط بشكل أكبر في حالات العنف، ومع ظاهرة البطالة والفقر العالية يتجه الشبّان إلى استعمال العنف بكافة أشكله، وهذا هو سبب تفوق نسبة العنف في المجتمع العربيّ على المجتمع اليهوديّ.

أمّا السبب الثاني، فهو جودة العمل المنخفضة في المجتمع العربيّ وتدني الأجور، فالمجتمع العربيّ هو مجتمع عامل، إذ لم يحدث أي تغيير جوهري بما يتعلق بتشغيل الرجال بالمهن والحرف ذات الدخل والمردود المالي الكبير في السنة الأخيرة، وبالتالي بقي المجتمع العربي بدائرة الفقر، بل وأدى إلى تعميق الفقر مع دخول الفئات القريبة من خط الفقر إليه.

معطيات ممتازة اقتصاديًا !

بحسب المعطيات الاقتصادية في السنة الأخيرة، كان وضع إسرائيل جيّد جدًا وفق منظمة دول التعاون الاقتصادي OECD، وكانت نسبة البطالة العامة في إسرائيل هي 4.6% فقط، وهذا صحيح كما أفاد ميعاري، قائلاً: هذه النسبة طبيعيّة ولا تشكل خطرًا على اقتصاد الدولة، وفي السنوات الأخيرة، نسبة الفائدة المصرفية في إسرائيل كانت شبه قريبة من الصفر، وكانت نسب التضخم المالي قريبة من المؤشر السلبيّ، مع حدوث نمو اقتصاديّ وصلت نسبه إلى الجيّدة جدًا.

وهنا يُطرح السؤال، كيف يمكن أن تكون المعطيات والمؤشرات الاقتصاديّة في إسرائيل جيّدة نسبةً لباقي دول العالم ولكن عندما نتحدث عن اقتصاد الأقليات القومية والمجموعات الاثنية نرى أن المعطيات مقلقة ومخيفة جدًا نسبةً إلى الاقتصاد الكليّ؟.

أجاب ميعاري: 'هذا يثبت أنّه بالفعل بحدوث نمو اقتصادي وتغيير بمستوى دخل الأفراد في اسرائيل، ولكن ثمار هذا النمو الاقتصادي كانت فقط موجودة في الفئة الثرية في إسرائيل، وهي شريحة العُشر الثريّ، أي كبار الأثرياء في إسرائيل، ولكن الشريحة الفقيرة في إسرائيل -التي ينتمي لها العرب والمتدينون اليهود- ازداد وضعهم سوءًا، فمعدل الدخل لدى شريحة الأثرياء وصل 58,000 شهريًا، بينما معدل الدخل للفقراء وصل إلى 4,600 شاقل، وهي فجوة كبيرة بين الشريحتين، ما يثبت انحياز الاقتصاد الإسرائيليّ وألاعيبهِ لفئة الأثرياء على حساب الفقراء'.

التعليقات