"من العار أن تكون صهيونياً "

-

من منطلق حرصه على "صهيونية جميلة"، كتب "ميرون بنبنستي" في صحيفة " هآرتس" تحت عنوان"من العار أن تكون صهيونياً كهذا"، مشيراً إلى أن " إستغلال الصهيونية كوسيلة للتذرع بها ولإعداد وتصديق أعمال النهب والتمييز والتزييف " الواعي" للحقائق المثبتة"، أصبح محرجاً ومستفزاً ويعطي أسباباً كافية لـ "كارهي إسرائيل والصهيونية للإعتماد عليها لإثبات ادعاءاتهم"!!

ويسوق مثالاً على ذلك "القرار الصهيوني" لنهب أملاك سكان الضفة الغربية الذين جرى تعريفهم "كغائبين" عن أراضيهم في القدس، وقامت الحكومة بامتشاق سلاحها الصدىء، الذي كانت قد استلته عند قيامها للسيطرة على ملايين الدونمات من الأملاك المتروكة. وقررت اليوم استعماله "لتحرير الأرض". وتذرع نتنياهو بأن ما ينطبق على يافا والرملة وحيفا ينطبق على القدس أيضاً، وهو بذلك يكون صدى للفلسطينيين المطالبين بـ"العودة"، وبالنتيجة فإن هذا القرار قد طرح من جديد قضية "غياب" أو بالأحرى تغييب العرب سكان القدس "الغربية".

وبين سعي الكاتب لتجميل الصهيونية، من منطلق عدم منح "أعداء الصهيونية" الأسباب التي تدعم موقفهم، وعدم إثارة المطالبين بحق العودة، يشير إلى أن "المعطيات واضحة ولا خلاف عليها، وأن ما يقارب 60% - 70% من مساحة القدس الغربية كانت بملكية "غائبين" فلسطينيين، يسكن كثيرون منهم في القدس الشرقية، ولا زالوا يتذكرون بيوتهم في القطمون والبقعة والمالحة. وإذا كان من المسموح لليهود الإحتفال بالإعلان عن "غياب" حاضرين من قبيل السيادة الصهيونية، فإنه يسمح لنظرائهم في المرآة رؤية عودة الغائب كهدف قومي شرعي. أما المواقف التي ترى في العودة إرهاباً يسعى إلى إبادة دولة إسرائيل، ويقابله نهب الأرض بالقوة والإحتيال القضائي وترى في ذلك عملاً صهيونياً نبيلاً، هذه المواقف تلقى قبولاً لدى من عنده القناعة بأن القيم الكونية لا تسري علينا".

ويتابع "سعى الى تجنب هذه المواجهة من قرروا، عام 1968، أن قانون أملاك الغائبين لا يسري على القدس الشرقية. وهم بذلك أرادوا القول أن ما كان متاحاً في عاصفة الحرب عام 1948، ليس مسموحاً عام 1967.وهؤلاء لم يكونوا أقل صهيونية من نتنياهو. بل كانوا أذكى منه: فقد سعوا الى فصل "ملف" 1948 عن الملف الذي فتح عام 1967، وتحويل انتصار حرب الأيام الستة إلى رافعة، لرفع علاقات الإسرائيليين والفلسطينيين الى مستوى جديد، من السلام والمصالحة. وهذا السعي - الطموح - أحبط من قبل الذين يفهمون الصهيونية على أنها ثورة مستمرة ولذلك فهي ايديولوجية تفرض العداوة الأبدية".

" هذه الأجواء تشرعن التمييز المؤيد للعنصرية ضد "العدو" العربي، كما تسمح بتزييف التاريخ. وقد تكشفت الإدعاءات الوهمية للصندوق القومي اليهودي بتفاصيلها، والتي ادعت أن احتلال الأرض كان من أجل الشعب اليهودي. في حين أن المهجرين الفلسطينيين، ومن بينهم عشرات الآلاف من الغائبين الحاضرين من مواطني اسرائيل، لم يتلقوا أي ثمن مقابل أرضهم التي سلمت للصندوق القومي اليهودي. وتلقت الحكومة بدلاً منهم المقابل في الصفقة التي لم تكن قانونية باعتراف رؤساء الصندوق القومي اليهودي أنفسهم".

وتابع: "خلق حلف المجرمين بلبلة متعمدة بين امتلاك الأرض بشكل طوعي من أصحابها العرب في فترة الإنتداب وبين "تحرير الأرض" على يد حكومة إسرائيل. وذلك بسبب مخاوف دافيد بن غوريون من قوة الأمم المتحدة في تلك الأيام، و قرار التقسيم الذي ينص على "عدم مصادرة أراض يملكها عرب في الدولة اليهودية"، ولذلك أراد عن طريق بيعها للصندوق القومي اليهودي تجاوز هذا المنع. ورغم أنه لم يعد هناك حاجة للصندوق الا أنه تكونت آلية من التمييز ضد سكان الدولة العرب".

ويصل الكاتب في نهاية المقال إلى أنه : "يجب استخلاص نتيجتين من "انفجار" الطاقة الصهيونية، الأولى خاصة: إذا كانت هذه هي الصهيونية، فمن العار أن تكون صهيونياً، والثانية هي أنه لا يمكن لمجتمع أن يظل متأسساً على أراضي النهب والإحتيال. وإذا لم تغير الصهيونية أساسها الأيديولوجي، فقد حكم عليها بالزوال".


التعليقات