إسرائيل تلعب بالنار من جديد...

-

إسرائيل تلعب بالنار من جديد...
كتب عاموس هرئيل في صحيفة "هآرتس":


[[ في مساء اليوم الأخير من السنة الخامسة للحرب في المناطق (الضفة والقطاع)، يبدو أن الحرب ستستمر لفترة طويلة أخرى. فالتهديدات التي أطلقها الطرفان يوم أمس- الأول بالعودة إلى الإغتيالات والثاني إلى الخطف- تعبر عن تغييرات مؤقتة في طابع الصراع وساحته، ولكن ليس نهايته. وكانت شعبة العمليات في هيئة الأركان العامة للجيش قد طرحت مؤخراً فكرة الإعلان عن إنتهاء أحداث "المد والجزر" (الإسم العسكري للحرب) في نهاية خمس سنوات من الحرب مع إستكمال تنفيذ فك الإرتباط، إلا أن هذه الفكرة ستنتظر طويلاً!

بعد يومين من الضغط الإسرائيلي، بدا هذا الأسبوع للحظة أن الفصائل الفلسطينية قد رفعت العلم الأبيض. فالدمج بين تجديد الإغتيالات وقصف المكاتب والمخارط ونصب بطاريات المدفعية على حدود قطاع غزة، قد دفعت حماس إلى الإلتزام بوقف ضجيج القسام فوق سديروت، وكذلك الجهاد الإسلامي بدا كأنه يدرس مواقفه من جديد!

ولكن من سارع إلى الترحيب بما انتهت الأمور إليه، قد نسي شيئين مهمين؛ الأول أن حماس تتحرك من إعتبارات سياسية داخلية (أولها إدراك أن رأي الجمهور في القطاع يعارض حالياً تجديد الحرب مع إسرائيل)، وأن لحماس يوجد إمكانيات عمل أخرى، فبعد ساعات معدودة من تهديدات وزير الأمن، شاؤل موفاز، بتصفية قادة حماس، ردت حماس عبر إعلامها بتوزيع شريط يوثق إختطاف الإسرائيلي ساسون نورائيل قبل وقت قصير من قتله من قبل خاطفيه في رام الله!

وتشهد الصور على أسلوب العمل الذي تخطط له حماس قريباً، كما تشهد على نقل مركز ثقل الإرهاب من قطاع غزة إلى الضفة الغربية. وفي الوقت الذي يخلد فيه سكان القطاع إلى الراحة واستغلال المزايا الاقتصادية التي قد تجلبها خطة فك الإرتباط، لم يتغير الوضع كثيراً في الضفة، لأن غالبية مدن الضفة تقع تحت المسؤولية الأمنية الإسرائيلية، ومن السهل على السلطة الفلسطينية الرد على الإدعاءات الإسرائيلية التي تحملها المسؤولية عن عمليات تخرج منها.

خلايا الإرهاب التابعة لحماس في الضفة، والتي توقفت عن العمليات في الثمانية شهور الأخيرة من التهدئة، تعود تدريجياً إلى نشاطها. ولوحظت العلامات الأولى في الخليل والآن تنضم رام الله. وبالرغم من عدم وجود معلومات مؤكدة بهذا الشأن، لن يكون مفاجئاً إذا كان الخاطفون على علاقة غير مباشرة بالشيخ أبراهيم حامد، الرجل الخفي الذي يقف على رأس الذراع العسكري لحماس في منطقة رام الله. وحامد يشدد في الإنتقاء والتصنيف (للعناصر) وإعتماد فترة طويلة بين العمليات، مما ساعده على التملص من إعتقال الشاباك طوال سنوات. وفي صيف 2002 وخريف 2003 خرج من المخبأ في لحظات حاسمة وبادر إلى "عمليات نوعية" رفعت من مكانة تنظيمه في نظر الجمهور الفلسطيني.

كان الرد الأولي بعد نشر الشريط المصور، أمس، هو أن الحديث يدور عن عملية بـ "أسلوب عراقي"، ولكن التنظيمات الفلسطينية عملت في الإختطاف منذ السبعينيات، وتم إمتشاق هذا السلاح من حين لآخر، بالرغم من تأثيره على الرأي العام الإسرائيلي، فاختطاف شرطي حرس الحدود نيسيم طوليدانو في كانون أول/ديسمبر 1992، جعل رابين يتخذ قراره بإبعاد 400 من ناشطي حماس والجهاد إلى لبنان. واختطاف الجندي في وحدة غولاني نحشون فاكسمان في تشرين أول/أوكتوبر من العام 1994، ترك إنطباعاً ليس أقل حدة من جميع العمليات الإنتحارية التي حدثت في تلك الفترة.

ومن الواضح أن الهدف هو تحرير الإسرى، فالفلسطينيون يدعون مؤخراً أن إخلاء قطاع غزة يستوجب أن تطلق إسرائيل سراح جميع أسرى قطاع غزة. وكان كبار قادة حماس، مثل الشيخ حسن يوسف ومحمود الزهار، قد أشاروا إلى إستخدام عمليات الإختطاف في خطاباتهم في الأسابيع الأخيرة.

وبسبب عدم إكتمال جدار الفصل، في منطقة القدس أساساً، فإن الفرصة للقيام بعمليات إختطاف لا تزال كبيرة، فهناك إٍسرائيليون كثيرون على علاقات تجارية (وجنائية أحياناً) مع فلسطينيين من الضفة. وتقوم الشرطة الفلسطينية أسبوعياً بإخراج إسرائيليين يدخلون المدن الفلسطينية بدون مصادقة الجيش الإسرائيلي. ولذلك فإن نشر الشريط يوم أمس يثير العديد من التساؤلات الخطيرة: هل كان أمر منع النشر من قبل الشاباك حول عملية الإختطاف عاملاً في خلق صعوبة في التفاوض لإطلاق سراح نورائيل؟ لماذا إستغرق الأمر أربعة أيام حتى وصلت معلومات حقيقية حول مكان وجوده؟ لم يكن واضحاً متى تم تصوير الشريط ومتى تم إعدام الإسرائيلي وبأية ظروف؟

إزاء الهبوط الحاد في إطلاق صواريخ القسام من القطاع، وفي ظل التهديدات بالقيام بعمليات إختطاف، يواصل الجيش الإسرائيلي حملة "المطر الأول". مر يومان ولم تقع عمليات إغتيال، ولكن مقابل ذلك يتواصل قصف سلاح الجو في غزة وتتواصل موجة الإعتقالات في الضفة. وقد أطلقت يوم أمس قذائف المدفعية باتجاه بيت حانون للمرة الأولى، حتى الآن في مناطق مفتوحة، كرد على صاروخ أطلق على سديروت. ويهدف هذا الضغط، ضمن ما يهدف إليه، إلى تشويه صورة حماس التي بادرت إلى جولة العنف الحالية، في نظر السكان الفلسطينيين، ولكن في مرحلة معينة فهذا الضغط سوف يؤدي إلى نتائج معكوسة ويثير الغضب مجدداً على إسرائيل.

في مثل صباح هذا اليوم قبل خمس سنوات بالضبط، صعد أرئيل شارون إلى جبل الهيكل. وأشعلت زيارته تلك سلسلة من الأحداث العنيفة، لم يتوقعها سوى قلة قليلة.

بطاريات المدفعية هي سلاح دقيق جداً، كما يقول الخبراء العسكريون للتهدئة، أحياناً ليس أقل دقة من قنبلة تلقى من طائرة! (إشارة الى القنبلة التي تزن طناً ونصف والتي ألقاها دان حالوتس على حي سكني وأدت إلى قتل أكثر من 15 فلسطينياً غالبيتهم من النساء والأطفال-المترجم) وفي ظل إستخدامها، وفي ظل تهديدات موفاز، يبدو أن إسرائيل تلعب بالنار من جديد...]]






التعليقات