"من الغباء عدم مفاوضة حماس"

-

كتب غدعون سامط في صحيفة "هآرتس" تحت عنوان "من الغباء عدم مفاوضة حماس":

[[لا يحتاج المرء أن يكون نبياً كبيراً ليتوقع أن الحوار مع حماس سيكون صعبا وربما عقيماً. ومن الممكن تخمين ذلك بدون الإعتماد على الإستخبارات والأمن، الذين قاموا، كما نذكر، بإعدادنا لهزيمة حماس في الإنتخابات!

كما لم يكن من المفاجئ عدد الهتافات التي جرفها رئيس الحكومة عندما أشاح بوجهه عن زارعي الإرهاب في خطابه أمام الكونغرس الأمريكي، وهو خطاب جرت صياغته بشكل جيد وصقل بأيدي إيلي فيزل. إلا أن الخطوة الإسرائيلية تجاه حماس الفلسطينية تفوح منها رائحة غير جيدة من الإبتذال وفقدان الكياسة والتحجر على ترسبات قديمة وعودة مسيئة إلى دروس الماضي.

والأسوأ هو ما يتضح من "النصوص التوراتية" لقادة إسرائيل والولايات المتحدة تجاه حماس. والخطأ الأساسي، الذي يصل درجة الغباء، هو أن الرفض العميق للحوار مع حماس يسيء للمصالح الإسرائيلية. وتتناقض المعارضة الشديدة لذلك حتى مع تكتيك أولمرت، والتي بموجبها سوف يستنفذ إمكانية المفاوضات مع الفلسطينيين قبل أن يتقدم نحو التعهد الكبير بالإنسحاب من الضفة. كيف ينوي رئيس الحكومة الإقناع بتصريحاته تلك إذا لم تكن مع الحكومة الفلسطينية، وبدون أن يمنحها الفرصة لتقول لاءاتها؟ تماماً مثلما تبدى المأخذ الخطابي في كلامه عن مد يده للرئيس المنتخب، مثلما واظب أولمرت على تسميته بذلك في واشنطن، في حين يرفض أن يصافح يد محمود عباس الممدودة للمفاوضات.

ومن تابع عن كثب التحول السياسي ليتسحاك رابين لن يتأثر بشكل خاص من سيطرة حماس اليوم. وفي تلك الأيام كانت منظمة التحرير الفلسطينية تعتبر لعنة أكبر بكثير، فإيبي ناتان ألقي به في السجن لكونه تحدث مع عناصر الحركة الأولى في المناطق، وتم توجيه تحذير لعازر فايتسمان بأن مصيره سيكون مماثلاً لو كرر فعلته التي قام بها في روما. وأرعدت أصوات كثيرة حول عرفات لكونه شراً مستطيراً، بدرجة ليست أقل من جوقة الرفض الحالية تجاه إسماعيل هنية.

لهيب هذه المعارضة في شعلة القبيلة الإسرائيلية يقضي على أي تفكير آخر. وهي موجهة ضد منظمة وصلت إلى السلطة بطرق قانونية ولن يكون هناك أي اتفاق بدونها. ولذلك، رأت إسرائيل في وثيقة كبار المسؤولين الفلسطينيين في 11/05 أنه لا يوجد اعتراف بإسرائيل في بنودها الثمانية عشر، ولا يوجد فيها تنازل عن حق العودة. وكأنما حصل ذات مرة وأن قامت منظمة تحارب من أجل الإستقلال بالتطوع، قبل بدء المفاوضات، بالتنازل عن كل مبادئها. ولذلك فإن الإقتراحات التي تنص على إقامة فلسطين إلى جانب إسرائيل في حدود عام 1967 كان مصيرها سلة المهملات.

بالنسبة لأفرايم هليفي، رئيس الموساد سابقاً، كانت الوثيقة مهمة، وقال إنه يجب مفاوضة حماس، وأن إسرائيل ليست بحاجة إلى التكرار "الحماسي" بالإعتراف بها. وفي حال جرت صياغة السؤال بشكل معقول، فمن الممكن أن تشير الإستطلاعات إلى غالبية إسرائيلية تؤيد الحوار مع حكومة هنية . الموافقة الأمريكية على إشراك حماس في المفاوضات ستكون مجدية جداً، ولكنها غير ضرورية. أوروبا ستؤيد ذلك، وكنا قد رأينا في السابق كيف تمكنت إسرائيل من ثني الإدارة الأمريكية في مسائل أقل صدقية من التحاور مع قائد وصل إلى السلطة بالطريقة الديمقراطية الحيوية بنظر واشنطن من أجل شرق أوسط جديد.

يجب أن تكون هناك شروط حقيقية معدودة لموافقة إسرائيل. ولكنها امتنعت عن صياغتها، وعن استيضاح إمكانية قبولها. وربما سيكون مريحاً أكثر لهذه الحكومة، مثل سابقاتها- باستثناء رابين وبراك- تصليب موقفها الرافض للمفاوضات.

في الأسبوع القادم سوف تنتهي المهلة التي وضعها عباس لاجراء استفتاء شعبي حول "وثيقة الأسرى"، ولنفرض أنه جرى الإستفتاء وتمت الموافقة على بنود الوثيقة، فهل من الممكن التجرؤ منذ الآن على التكهن بما ستقوله حكومة أولمرت؟]]


التعليقات