ما حصل للجيش "قصة غامضة وحزينة في تاريخ إسرائيل"...

ما حصل للجيش
اعتبر معلق الشؤون الأمنية في "هآرتس"، أمير أورن، اليوم الثلاثاء، أن ما حصل مع الجيش الإسرائيلي في هذه الحرب "هو واحدة من القصص الغامضة الكبرى والحزينة في تاريخ دولة إسرائيل".

وأضاف: على الورق، وخلال التدريبات، يبدو كل شيء واعدًا. لكن في الميدان فإن هذا الوعد يتلاشى، تمامًا مثل منتخب البرازيل في المونديال. وأكد أنه في مستويات الجنرالات والسياسيين الإسرائيليين بات من المشكوك فيه العثور على مسؤول إسرائيلي واحد "لن يخرج من هذه المعركة مع ندوب وجراح ومع معاناة شديدة من جراء نزف سمعته".

وبرأي "أورن" فإن قيادة المنطقة الشمالية العسكرية الإسرائيلية أصيبت بصدمة الحرب، وهي ما يطلق عليها اسم "عارض بنت جبيل"، وفي أعقاب ذلك فقد أضاعت أسبوعًا...

وكشف "أورن" أن اجتماع الكابينيت أمس بحث بديلين أساسيين هما برأيه بديل صغير وبديل متوسط، ما يعني أنه ليست هناك خطة كبيرة بعد الآن. وأضاف: البديل الصغير هو "تكثيف العملية الدائرة الآن". والبديل المتوسط "أوسع بقليل، من حيث عدد القوات ومساحة المنطقة القتالية". وقال: "هاتان الخطتان ليس في مقدورهما بتر أيدي حزب الله وإنما في مقدورهما فقط تقييده بالسلاسل ومحاولة إخفاء المفتاح".

من ناحيته رأى المراسل السياسي للصحيفة، ألوف بن، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، يخوض الآن معركة على الوعي في إسرائيل والعالم. "إنه يسعى لأن يجعل الشعور بتفويت الفرصة شعورًا بالنصر".

وفي رأي "بن" فإن ما ينقص إسرائيل في هذه الحرب هو "صورة انتصار" تنحفر عميقًا في الذاكرة وتساعد في صوغ الوعي. وتساءل: "ماذا ستكون هذه الصورة؟ في مكتب رئيس الحكومة يقولون إنها ستكون صورة جنود القوة الدولية الذين سينتشرون على "الخط الأزرق" من الجانب اللبناني وفي معابر الحدود من سوريا إلى لبنان... لم يفكر أحد بذلك قبل ثلاثة أسابيع، ولكن الآن يبدو أن هذا هو كل هدف الحرب الإسرائيلية".

أمّا المعلق العسكري زئيف شيف فقال إنه لا مهرب عند هذه النقطة من التوصل إلى نتيجة مفادها أن الإدارة الإستراتيجية للحرب إلى الآن هي إدارة فاشلة. والإثباتان البارزان على هذه الإدارة الفاشلة هما أن القوات البرية للجيش الإسرائيلي لم تسهم عمليًا في إيقاف حرب الاستنزاف وأن حزب الله واصل حرب الاستنزاف القاسية ضد مواطني إسرائيل ومدنها حتى اللحظة الأخيرة (قبيل وقف إطلاق النار المؤقت). ومن غير الواضح أيضًا أية قوة دولية ستقام في لبنان.

لكن "شيف" يمضي قائلاً إنه يجوز أن يحصل "تغيير في هذه النتيجة في الأيام القادمة، إذا ما أقرّ الكابينيت الأمني برامج معينة، وإذا ما استخدم الجيش الإسرائيلي بصورة صحيحة وحدات الاحتياط أيضًا على أساس الدروس والأخطاء التي حصلت في بداية الحرب".

في موازاة ذلك يرى المعلق العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، أن استمرار القتال والسيطرة على منطقة متصلة نظيفة من حزب الله في جنوب لبنان، هما الرافعة. وقصف سلاح الجو هو المكبس. ويفترض بكلا الأمرين معًا "أن يؤديا إلى وقف إطلاق نار بشروط مريحة من ناحية إسرائيل".
ويتابع "فيشمان": "يجب على إسرائيل أن تحرص على أن تجري مناقشات مجلس الأمن على خلفية عمليات عسكرية إسرائيلية كبيرة في لبنان، وعلى خلفية انجازات عسكرية إسرائيلية مثبتة في الميدان". و"بغير ذلك سيكون من الصعب اتخاذ صيغة قرار يضمن تغييرًا جوهريًا، بعيد المدى، في الحدود الشمالية".
أما المعلق العسكري لصحيفة "معاريف"، عمير ربابورت، فرأى أن إسرائيل دخلت المرحلة النهائية من "الحرب على حزب الله". ويضيف: الآن أصبح واضحًا خلافًا لأي شك، بأن حزب الله لن يدمّر في هذه الحرب. لكن الولايات المتحدة ستهتم في مجلس الأمن بإتاحة المزيد من الوقت أمام إسرائيل... "الهدف المحدّث خلال هذا الوقت هو إنشاء حزام بعمق عدة كيلومترات وعرض حوالي 70 كيلومترًا على طول الحدود الشمالية يكون نظيفًا من مواقع حزب الله، وكذلك إلحاق خسائر أخرى بحزب الله".

ويؤكد هذا المعلق أن الهدوء النسبي هو استراحة فقط. كما يؤكد أن قصف الصواريخ من طرف حزب الله من شأنه أن "يتجدّد بقوة أكبر عندما يزج الجيش الإسرائيلي قسمًا من قوات الاحتياط التي جندها إلى لبنان. وهذه ليست إمكانية نظرية فقط. وبالإمكان الاستدلال على إشارات واضحة إلى التوسيع الكبير للعمليات البرية من خلال تركيز قوات الجيش على طول الحدود الشمالية".وكان لافتًا تركيز التعليقات على ما أسمته "خيبة الأمل الأميركية" من إسرائيل.

وفي هذا الصدد كتب زئيف شيف يقول: "يفضل عدم إلقاء التهم على الأميركيين، فليسوا هم الذين خيبوا أمل إسرائيل وإنما إسرائيل هي التي خيبت أملهم من ناحية إستراتيجية، عندما لم تفلح في أن تزوّد الإدارة الأميركية بأوراق عسكرية. ولذا بدأوا بممارسة الضغط على إسرائيل لتغيير الاتجاه".
أما أمير أورن فكتب يقول: "صحيح أن هناك تقاربًا بين الحكومتين الأميركية والإسرائيلية، لكن نسيج العلاقة بينهما غير متساوٍ. ثمة من يطلب إذناً، وثمة من يصادق. ثمة من يثير توقعات وثمة من يخيّب الأمل".
وأضاف: "المشكلة الأميركية في الوقت الراهن هي أن القتال يمكن أن يتوقف بصورة مفاجئة قبل الأوان، وبالتالي فإن التهديد سيتجدد بسرعة... (الرئيس الأميركي جورج) بوش خائب الأمل. لم يصوّر لنفسه الجيش الإسرائيلي على هذا النحو، وهو الجيش الشديد القوة والعزم والأحابيل، والطافح بالسلاح الأميركي".

التعليقات