"هآرتس": "يتوجب على الجيش أن ينتزع انتصارًا"!

في الوقت الذي انشغلت فيه معظم تعليقات الصحف الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، بالتعقيب على قرار الحكومة اللبنانية نشر الجيش اللبناني في الجنوب، دعت افتتاحية صحيفة "هآرتس" قيادة الجيش إلى بذل كل ما في مستطاعها من "أجل انتزاع النصر" في هذه الحرب التي توشك أن ترتسم كـ"هزيمة حارقة" في الوعي العام، على حدّ تعبيرها.

ومما جاء في هذه الافتتاحية: "ليس متأخرًا بعد أن نطالب الجيش بألا يبقي دولة إسرائيل، عند انتهاء الحرب، مهزومة ومنكشفة أمام أية عصابة إرهابية قد ترابط على جميع حدودها وتوجه صواريخ ضد سكانها".

وتابعت "هآرتس": "رغم الجهود التي يبذلها رئيس الحكومة وجنرالات الجيش الإسرائيلي لتعداد الإنجازات العسكرية، فإن الحرب تقترب من نهايتها، بينما تتراءى في نظر المنطقة ونظر العالم وحتى في نظر الجمهور الإسرائيلي كهزيمة حارقة ذات إسقاطات حبلى بالأمور المصيرية. فإن المعيار الذي ستقاس فيه نتائج المجابهة، هنا وفي الخارج، هو عدد الصواريخ التي سقطت في العمق الإسرائيلي، ووتيرة سقوطها التي لم تنخفض وإنما تسارعت في أيام القتال. وفي أعقاب نتيجة كهذه لا شكّ في أن إيران ستبذل جهدًا لأن تزود بالصواريخ ليس فقط حزب الله، وإنما أيضًا كل منظمة أو مجموعة تسعى لقصف إسرائيل الضعيفة بالصواريخ".

وختمت بالقول: "الآن في لحظة متأخرة لكن حرجة من هذه الحرب، من واجب الجيش الإسرائيلي أن يقترح، يوصي، يدفع، ويطالب بإذن سياسي- فلديه أصلاً إذن شعبي- بأن ينتزع الانتصار من بين فكيّ الهزيمة القريبة".
قال ألوف بن، المراسل السياسي لصحيفة "هآرتس"، إن قرار حكومة لبنان من يوم أمس القاضي بنشر جيشها في جنوب لبنان هو من ناحية ظاهرية "إنجاز كبير لإسرائيل". فمنذ انسحاب الجيش الإسرائيلي في أيار/ مايو 2000 "طالبت إسرائيل بأن تطبّق حكومة بيروت سيادتها حتى الحدود".
لكنه زعم أن "موافقة حزب الله على برنامج رئيس حكومة لبنان، فؤاد السنيورة، تدلّ على إشارات تعب لدى قيادة هذه المنظمة".

وقال بن إن ثمة عدة أسئلة تظل مفتوحة، ومنها: هل سيتم نزع سلاح حزب الله؟ وإذا لم يتم نزعه، ماذا سيكون مصير صواريخه؟ ومن سيمنع تسرّب السلاح من إيران وسوريا إلى مخازن نصر الله؟ وماذا سيحصل للقوة الدولية "القوية"، التي طالبت إسرائيل بإرسالها إلى لبنان؟.

وتوقع أن تكون هذه الأسئلة في مركز مباحثات المبعوث الأميركي ديفيد وولش اليوم في بيروت.

وبرأي بن فإن القرار اللبناني اتخذ على خلفية تطورين: "من جهة وصول الاتصالات الدبلوماسية لبلورة قرار مجلس الأمن ونشر القوات الدولية إلى طريق مسدود، ومن جهة أخرى تهديد إسرائيل بتوسيع العملية البرية للجيش الإسرائيلي".

من ناحية أخرى أشار بن إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلي، إيهود أولمرت، أعطى الإذن يوم أمس للجيش الإسرائيلي بأن يجلب إلى الكابينيت "خطة لاحتلال جنوب لبنان حتى الليطاني وحتى للعمل فيما وراء النهر في هضاب النبطية. لكن البحث في الكابينيت تقرر ليوم غد (الأربعاء). وفي مكتب أولمرت فسروا ذلك بأن الجيش طلب مهلة للاستعداد الجيّد لذلك، وأن رئيس الحكومة سيتفحص التطورات في الساعات الـ24 القادمة قبل أن يبلور موقفه".
وأكدّ أنه سيتضح اليوم "ما إذا كان في نية أولمرت إرسال القوات البرية قدمًا نحو الليطاني أو أن يكون إعلان الحكومة اللبنانية مقدمة لوقف إطلاق النار".

من جهته رأى جاكي حوجي، معلق الشؤون العربية في صحيفة "معاريف"، أن إعلان حكومة لبنان هو اقتراح دراماتيكي. وأضاف: مع أنه تحوم حول الإعلان علامات سؤال كثيرة "فليس في استطاعة إسرائيل عدم اختباره بجدية. إذا رفضته فستواصل الغرق في الحرب وإذا وافقت عليه ستضع على المحك نوايا حكومة لبنان".

وبرأي هذا المعلق فإن علامة السؤال الكبرى هي حول "الموقف العلني لحزب الله. فحتى الآن لم يسمع صوت حسن نصر الله، وهو الشخص الحاسم".

وتابع: "ظاهريًا يدور الحديث عن هزيمة لحزب الله. فعند بدئها بشنّ الحرب أعلنت إسرائيل أن هدفها هو تغيير أصول اللعب وإبعاد حزب الله عن الحدود. لكن الصورة التي تنازل بها حزب الله بسهولة عن جنوب لبنان تثير الشبهة".

وقال إن الإعلان اللبناني هو "نتيجة مبادرة فرنسية هادئة، ومساعدة أميركية وسعودية. المبعوث السري بين أربع عواصم كان سعد الحريري، رئيس "تيار المستقبل" في البرلمان والمقرّب من السنيورة".

وامتدح حوجي رئيس الحكومة اللبنانية، فؤاد السنيورة، معتبرًا أنه "مفاجأة الأيام الأخيرة". واستطرد قائلاً: لقد وجه السنيورة نقدًا حادًا لإسرائيل لكنه لم ينجرّ لإساءات عربيدة ضدها. في الوقت نفسه لسع سوريا وإيران. ولجم اقتراحًا لوزير الخارجية السوري وليد المعلم دعا إلى توجيه تحية إلى حزب الله. وختم: "الحديث يدور عن وطني حقيقي، ليس من النوع الذي يسعى (حسن) نصر الله إليه، وإنما من ذلك النوع الذي لو كان لديه نفوذ، لكان يستأهل أن نعقد الصفقات معه".

أما سمدار بيري، معلقة الشؤون العربية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فقد رأت أن خطة حكومة لبنان هي "مناورة غير محكمة". وفي رأيها فإن "الموافقة الفورية للرئيس اللبناني (إميل) لحود، الذي يدير لبنان لصالح سوريا، والموافقة غير المشروطة لحزب الله والمقولة بأن "جيش لبنان مستعد، جاهز ومزوّد"- كل هذه الأمور ينبغي أن تثير لدينا شكوكًا كبيرة".

وادعت بيري أن "من تأمل أمس الوجه المحتقن لرئيس حكومة لبنان يستطيع أن يدرك بأنه يستصعب تصديق أن حزب الله والأسد والإيرانيين أصبحوا حمائم سلام بين عشية وضحاها".

التعليقات