"وقف إطلاق النار منع وقوع هزيمة أكبر"..

-

كتب رون بين يشاي في "يديعوت أحرونوت" أن ميزان حرب لبنان الثانية لا يشير بالتأكيد إلى انتصار الجيش الإسرائيلي، وحتى بالنقاط، فهم أقرب إلى الخسارة منه إلى الإنجاز لدى الأخذ بعين الإعتبار المعاناة المتواصلة للجبهة الداخلية. وبرأيه فإن الهزيمة تنتفي نظراً إلى قرار مجلس الأمن والتطورات المتوقعة، والتي اعتبرها إيجابية، في لبنان نفسها بعد الحرب.

وقال إن ما حصل للجيش الإسرائيلي في الواقع يشبه الهزيمة التي مني بها الجيش الأمريكي في فيتنام والعراق، وتلك التي مني بها "الجيش الأحمر" في أفغانستان. حيث وقفت الجيوش النظامية عاجزة أمام المقاتلين ولم تتمكن من بلورة تكتيك قتالي ناجع أمام الفيتكونغ والمجاهدين.

وبرأي بن يشاي هناك الكثير من التهور في الإدعاءات التي تسود في إسرائيل، والتي ترجع الفشل في تحقيق أهداف القتال البري إلى القصورات والإخفاقات في تفعيل الجيش من قبل المستوى السياسي والقيادة العليا للجيش، لكون هذا الإدعاء يستخف بقدرات وتفوق الخصم!!

"ليس الأمر كذلك. وبرأيي فإن وقف إطلاق النار منع وقوع هزيمة أكبر بكثير في القتال البري".

ويتابع أنه حتى لو لم يكن ذلك مريحاً، يجب الإعتراف بحقيقة أن الجيش لم يحقق الحسم، ليس بسبب القيادة الفاشلة، وإنما لأن حزب الله كان أكثر نجاعة وتصميماً.

وبرأيه، فقد طور وطبق حزب الله طريقة قتالية تعتمد بالحد الأقصى على التفوق الطبيعي له كميليشيا شعبية، تعمل في داخل البيت الطبيعي. وصمم حزب الله ساحة القتال المستقبلية من خلال الفهم العميق لنقاط ضعف الجيش، واستعد بشكل يتيح لخلايا صغيرة الاختباء والمباغتة في الزمان والمكان الذي يختارونه وهم يحملون الصواريخ المضادة للدبابات، التي مكنتهم من إصابة الدبابات والبيوت التي جعلتها قوات المشاة مآوى لها. ينضاف إلى ذلك كله، المعلومات التكتيكية التي جمعها عناصر حزب الله عن الجيش أثناء القتال!

كانت المعلومات التي جمعها مقاتلو حزب الله أفضل بكثير من تلك التي كانت لدى الجيش، وذلك لأن جمع المعلومات اعتمد على الرؤية المباشرة والنواظير على الأرض وعلى بعد لا يزيد عن عشرات الأمتار عن الجيش، في حين أن معلومات الجيش كانت تأتي من طائرات الإستطلاع (بدون طيار) ووسائل متطورة أخرى، لم تنجح في الزمن الحقيقي في معاينة مطلقي الصواريخ والخلايا التي تنتقل من خندق إلى آخر.

كما اهتمت كل خلية بجمع المعلومات في الساحة التي تعمل فيها، سواء من أجل إطلاق دقيق أو من أجل محاربة الجنود في داخل القرية. وفي المقابل دخل الجيش إلى القرى وتجول فيها يخبط خبط عشواء، وذلك لأن الجيش لم يقم بجمع معلومات من ساحة القتال بشكل منهجي.

وبحسب بن يشاي، يجب الإعتراف بأن قادة حزب الله ومقاتليه كانوا على استعداد للتضحية بحياتهم من أجل تنفيذ المهمة، في حين أن قادة الجيش ووزراء المجلس الوزاري كانوا يصابون بحالة من الهستيريا في مرة كان يجري إبلاغهم بوقوع إصابات، وحاولوا منع وقوع خسائر وكأن ذلك هو الهدف العسكري، الأمر الذي أدى إلى إصدار أوامر كثيرة متناقضة ومتغيرة. وكانت النتيجة أن الرغبة في منع وقوع إصابات أدت إلى وقوع المزيد منها!

ويخلص بن يشاي إلى القول:" علينا أن نقول لأنفسنا بمرارة: نجح حزب الله لأنه قاتل بصورة أنجع بكثير من الجيش في منطقة جبلية، ومن خلال جاهزية مطلقة للتضحية. ولا يوجد للجيش، مثل الأمريكيين والروس، تكتيك قتالي يتيح مواجهة مقاتلين متفوقين في طريقة حرب العصابات يتسلحون بأسلحة جيش حديث".

وبرأيه فإن الفشل هو فرصة، من أجل إصلاح جذري. فالمطلوب هو تجنيد شامل للدولة على المستوى النظري والمادي، لكي يطور الجيش ويطبق بسرعة طريقة عمل ووسائل قتالية خاصة واستخبارات ميدانية تكتيكية ناجعة، لضمان نتائج مختلفة في الجولة القادمة.

التعليقات