" إسرائيل فشلت في غزة "

كتب تسفي بارئيل في صحيفة هآرتس ترجمة عرب48

في البداية ساد الابتهاج. وقال مسؤولون كبار لقد نقلت مصر ليدها هذه المصيبة التي تسمى غزة. وبدا فرح الماكر في أصواتهم. فبعد سنوات طويلة من رفض مصر الاستماع لغزة ولاجئيها، وصلوا إليها في انفجار. الآن ستتولى دولة - وليس إسرائيل- مسؤولية التعامل مع اللاجئين.

وسيتعين عليها الحفاظ على البوابة المنهارة، التي تبدو كتمثال عصري، ومنع مرور المواد المتفجرة والمسلحين، ومراقبة تصرفات حماس، وإلا ستتحمل المسؤولية هي ذاتها. وكان الشعور السائد أن مصر تحولت في نهاية الأمر إلى دولة معادية حقيقية. على شاكلة سوريا. وكما تم تصوير دمشق على أنها مسؤولة عن عمليات حزب الله، ستكون مصر وصية على حماس. وهذا عنوان جيد بالنسبة لإسرائيل أي دولة بدل تنظيم. دولة يمكن في أي لحظة لي ذراعها عن طريق فرض العقوبات، كتلك التي لا تمس فقط مليون ونصف فلسطيني بل 75 مليون مصري.

في الطريق تم نسيان حقيقتين. ليس مصر هي التي اقتحمت الجدار بل قامت بخطوة إنسانية يمكن أن تقوم بها أي دولة في مثل هذه الحالة- حتى لو كانت تلك الخطوة متأخرة. وسمحت لمئات آلاف المسحوقين بالعبور إلى أراضيها من أجل شراء ما لم يتمكنوا من شرائه في غزة خلال شهور طويلة- حوالي سنتين. وبذلك رضخ النظام المصري للضغط الجماهيري، تمام كما يتطلب من أي نظام. لقد أدرك مبارك أن تحفظه الكبير من حماس لا يمكنه أن يبرر الانجرار وراء السياسة الإسرائيلية غير الإنسانية، في الوقت الذي تطالبه الجماهير المصرية بالعمل من أجل إنقاذ الفلسطينيين، بغض النظر عما تصفهم به إسرائيل.

مصر غير مذنبة والتهجم عليها لا يمكنه أن يزيل الحقائق الأخرى، أن حكومة إسرائيل بسياستها الفاشلة، وليس مصر، هي التي فقدت السيطرة في غزة. ومن اعتقد أنه بالإمكان سحق السكان إلى أبعد حد بمنع الوقود والغذاء وإغلاق المعابر أمام التجارة وأمام عبور المرضى، بهدف تشجيع تمرد ضد قيادة حماس، ومن أجل وقف إطلاق الصواريخ- هو بالتالي الذي فقد السيطرة على المعبر. وهو أيضا مسؤول عن ذلك أن غزة يمكنها الآن التزود بكل ما يلزمها لإنتاج الصواريخ والحصول على أموال من أجل تمويل تلك العمليات.

من كان يعتقد أنه يمكنه تجاهل حكومة فلسطينية انتخبت وفقا للقوانين، ومقاطعتها ومعاقبة السكان في المناطق(المحتلة) وجد نفسه أمام سلطة حماس في إقليم واحد؛ سلطة لا تزعزع فقط أمن سكان النقب الغربي وتمس في مكانة دولة كان يتعين عليها حمايتهم- بل أخذ التنظيم لنفسه هذا الأسبوع احتكارا على أي عملية سياسية.

وأظهرت حماس إيهود أولمرت وإيهود باراك كأدوات فارغة، أثناء سلسلة التفجيرات في جدار السجن الغزي.
عقوبات؟ أي عقوبات يمكن فرضها حينما نرى الغزيين، أطفالا ونساء وشيوخا، وهم يمرون بهدوء ودون توتر بين غزة ومصر.
عملية سلام؟ مع من ؟ كم كان محمود عباس مثيرا للشفقة حينما صرح بأنه لا يمكن إجراء مفاوضات على ضوء الأوضاع في غزة، وكأن في الماضي كان هناك عملية سياسية. حتى الأسرى الذين طلبهم لم يحصل عليهم.

هل يستطيع عباس فصل الضفة الغربية عن غزة والتوقيع على اتفاق سلام بحيث يحصل على دولة فلسطينية مقلصة؟ ألم يكن هو الذي تحدث ان مساحة دولة فلسطين لا يجب ان تقل عن 6000 كم مربع بضمنها غزة؟ إلا أنه لا يحكم في غزة في الوضع الراهن.
وحكومة إسرائيل التي قررت العقوبات على غزة، حولت حماس إلى صاحبة الاحتكار للعملية السياسية. وطالما أن الوضع على هذا النحو بإمكان أفيغدور ليبرمان العودة إلى الحكومة.

ما حدث في غزة مؤخرا ليس فقط اختراق جدار فحسب. بل تحول استراتيجي أظهر عورات إسرائيل. فقد انهار مفهوم الحرب على الإرهاب عن طريق حبس منطقة سكنية كبيرة خلف جدار؛ كما أن السياسة التي هدفت إلى إحداث تمرد ضد قيادة حماس قد انهارت؛ وتلاشى احتكار العملية السياسية الذي كان بيد إسرائيل. وأمر خطير آخر: يتجول في سيناء فلسطينيون لتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية ويمكنهم بسهولة عبور الجدار المهدم على طول الحدود مع مصر. وأمام كل ذلك من سينتظر تقرير لجنة فينوغراد.



التعليقات