"أين القسام؟"

-

أين القسام، يتساءل المعلق العسكري "أليكس فيشمان" في المقالة الرئيسية في صحيفة "يديعوت أحرونوت".
ويقول: بعد الكشف عن قسم من أسماء مئات القتلى والمصابين في غزة يمكننا أن نلمس شدة الإصابة التي تعرض لها الذراع التنفيذي لحركة حماس. صحيح أن الحديث لا يدور عن مقتل قادة الأجهزة العسكرية، بل عن قادة وحدات في مستوى القيادة المتوسط.
ويضيف: "خبراء مراقبة الأضرار في سلاح الجو، الذين يحللون المعلومات الاستخبارية التي تتدفق من مواقع القصف، يمكنهم الآن تقديم أجوبة جزئية للسؤال الذي يشغل بال الجميع: لماذا لا تطلق حماس آلاف الصواريخ المتواجدة في مخازنها.
ويتابع فيشمان: من بين الأسباب تعرّض مخازن السلاح للقصف، وإصابة المسؤولين عن الانتاج، إلى جانب انهيار جدران المخازن وعدم إمكانية استخراج الصواريخ من تحت الأنقاض. سبب آخر هو أن هول الضربة الأولى أربك القادة وأخرجهم من توازنهم، إلى جانب مقتل القادة الميدانيين وانهيار جهاز الاتصالات، وانقطاع اتصال القادة مع الوحدات.

ويتساءل فيشمان: أين اختفى جنود حماس؟ ويقول: يأتي دورهم حينما يجتاح الجيش الإسرائيلي بريا، ويبدو أن قسما فقد الاتصال مع القادة وقسم آخر خلع البزة العسكرية واختفى بين السكان.

ويقول فيشمان إلا أن ذلك هو نصف الكأس المليئة: فهذا الإنجاز لم يفاجئ قادة الجيش، فهو متوقع حسب التخطيط. وبالأصل- اسم الحملة " الرصاص المصبوب" يهدف إلى إعادة غزة إلى أيام القرون الوسطى. قادة الجيش يقولون بفكاهة أن الحملة ستعيد غزة تماما كما استلمناها عام 1967 ، مليئة بالمواقع الأثرية ومنازل أحادية الطبقة .

ويضيف: إلا أنه بالمقابل هناك نصف الكأس الفارغة، وفي السيناريوهات التي لدى الجيش، تتعافى حماس وتمتص الضربة، إلا أن ذلك يستغرق كما يبدو وقتا أطول مما جاء في مخطط الحرب، لأن الضربة الجوية كانت ناجحة على ما يبدو أكثر مما كان متوقعا في المخطط. ولكن إذا خف الضغط عن حماس ولو قليلا ستتعافى. ويصل القادة إلى وحداتهم ، ويقومون بجمع الصواريخ والجنود والقدرات ويعودون للخطة التي تدربوا عليها.
ويتابع: حماس تجد صعوبة اليوم في إخراج عملية على الشريط الحدودي أو إطلاق نيران مضادة للدبابات. ولكنها مسألة وقت فقط. يوم أمس استلوا سلاحهم السري – الصواريخ ذات مدى 40 كم، والتي لم تلحق أضرار ولكنها علمتنا شيئا عن ضائقة حماس. يطلقون بأي ثمن كي يظهروا أنهم ما زالوا على قيد الحياة ويتحركون.

ويضيف: كان هدف اليوم الثاني للعملية هو الحفاظ على الصدمة في صفوف حماس وتأخير إمكانية التعافي. حتى ا الآن قصف الجيش 300 هدف. بتقديرات جافة أصاب القصف جزءا من المواقع التي يعتبر ضربها تدميرا لفاعلية حماس من ناحية عسكرية. لا يدور الحديث عن استسلام حماس أو انهيار سلطتها بل عن تدمير البنية التحتية التي تجبر حماس على أن تنشغل وقتا طويلا في ترميم ذاتها. وهذا الدمار قد يدفع حماس لأن تدرك أن لديها مصلحة بالتوصل إلى اتفاقية تهدئة طويلة الأمد بالشروط التي تستطيع إسرائيل تحملها.

ويتابع: يتوقع أن تسقط أمطار غزيرة يوم الأربعاء. وهناك خطورة كبيرة أن ندخل مرحلة التراجع قبل مرحلة جني الإنجازات. ما زال لدى الجيش حاليا عدة مفاجآت. أظهر يوم أمس واحدة منها - الهجمة التي دمرت 40 نفقا من بين 200-300 نفقا معروفة، وشلت كما يبدو عمليات التهريب. وبعد الأنفاق – رمز حماسي مميز- هناك رمز آخر لم يصب: الوزراء والقادة الكبار ورؤساء الحركة.

ويتابع: اتخذ وزير الأمن يوم أمس سلسلة قرارات تشير إلى أن إسرائيل لديها وقت غير محدود للعملية: الإعلان عن تأجيل عودة طلاب المدارس. الإعلان عن اقتصاد لساعات الطوارئ، الإعلان عن مناطق أمنية خاصة. باختصار، باراك ينفذ كافة دروس لجنة فينوغراد.
فضلا عن ذلك، أعلن عن تجنيد 6700 جندي احتياط. واضح أن تلك القوات ليست لاحتلال غزة بل لتعزيز القوات النظامية المقاتلة واللوجستية. وبعد أن تنتهي المفاجآت الجوية ستبدأ المفاجآت البرية. ويجب أن نصلي لكي لا تسقط أمطار غزيرة ويكون الوحل عميقا جدا.

يخطط باراك لعمليات طويلة ولكن قسما من الخبراء يرون أنه ليس لديه الكثير من الوقت بعد عطلة عيد الميلاد. حينها يبدأ العالم بالضغط – ويتمخض ذلك– إن رضينا أم أبينا عن آلية تسوية.
لدينا أيام معدودة كي نجيب على السؤال البسيط: ماذا الذي نريد تحقيقه من هذه الحملة وما الذي نحن مستعدون لدفعه مقابل هذا الإنجاز؟

الجواب على السؤال "ماذا نريد" بسيط، وقف إطلاق النار. وكي نوقف إطلاق النار ينبغي التوصل إلى تسوية، وكي نقنع حماس بأنه يجب التوصل إلى تسوية نحن نقوم الآن بتكسير عظامها- ولأننا أيضا نريد ألاّ يكون الثمن باهظا. ولكن لم نقرر بعد أي ثمن نحن مستعدون لدفعه. من المفضل أن نقرر بسرعة كي لا يقرروا من أجلنا.



التعليقات