التجربة النووية عام 79 كانت مشتركة لإسرائيل وجنوب أفريقيا

-

التجربة النووية عام 79 كانت مشتركة لإسرائيل وجنوب أفريقيا
تناولت صحيفة "هآرتس" تقريرا حول تجربة نووية أجريت في المحيط الهندي قبل 30 عاما، وكانت قد كتبت في حينه وسائل إعلام أجنبية أن إسرائيل كان لها دور في التجربة النووية، بالتعاون مع جنوب أفريقيا.

وبحسب التقرير فإن إعادة فحص "الوميض"، الذي التقطته مجسات القمر الصناعي الأمريكي في حينه، بواسطة تكنولوجيا حديثه تؤكد أن الحديث عن تجربة نووية، كما تعزز التقديرات التي تشير إلى دور إسرائيلي فيها.

وجاء في تفاصيل التقرير أنه في أيلول/ سبتمبر من العام 1979 التقط قمر صناعي تابع للاستخبارات الأمريكية، فوق المحيط الهندي، وميضا على بعد مئات الكيلومترات عن شواطئ أفريقيا.

تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي وبريطانيا كانوا قد وقعوا في العام 1963 اتفاقا يقضي بمنع إجراء تجارب نووية في البحر والجو والفضاء. ومنذ العام 1996 تم التوقيع على ميثاق، وقعت عليه إسرائيل أيضا، يقضي بمنع إجراء تجارب نووية في الفضاء والجو والبحر والبر.

وبحسب التقرير فإن وميض الانفجار النووي قصير جدا، وهو يطلق ضوءا بالإضافة إلى أشعة "جاما". وفي حينه أشارت التقديرات إلى أن الحديث عن انفجار نووي، ما لبث أن تأكد بعد بضعة أيام بعدما رصدت محطة رصد سيسموغرافية لرصد الزلازل اهتزازات بحرية.

يذكر أن الرئيس الأمريكي، في حينه، جيمي كارتر قام بتعيين لجنة سرية للتأكد من حقيقة الانفجار. وبحسب اللجنة فإن كافة الدلائل تشير إلى انفجار نووي. وكانت التقديرات تشير إلى أن سفينة تابعة لسلاح البحرية في جنوب أفريقيا قد غادرت منياء سيمونزتاون، بالقرب من كيبتاون، إلى هدف محدد في المحيط الهندي حيث أجريت التجربة النووية في منشأة نووية. وفي المقابل أشارت تقديرات أخرى إلى المنشأة عبارة عن مدفع أطلق قذيفة نووية تكتيكية.

كما تجدر الإشارة إلى أن قمرا صناعيا سوفييتيا كان قد تمكن، قبل سنتين من التجربة المشار إليها، من معاينة حفريات تحت الأرض في صحراء كلاهاري، تشير إلى استعدادات لإجراء تجربة نووية، وعندها قام الاتحاد السوفييتي بإبلاغ الولايات المتحدة التي ضغطت بدورها على رئيس حكومة جنوب أفريقيان جون فورستر، للتوقف عن أي نشاط في المكان.

وأشارت غالبية تقديرات أعضاء اللجنة السرية إلى أن التجربة كانت مشتركة بين إسرائيل وبين جنوب أفريقيا. وأشارت تقديرات أخرى إلى أن التجربة كانت إسرائيلية فقط. وقالت تقديرات ثالثة أن الحديث لم يكن عن تجربة مشتركة، وإنما كان هناك علماء من اللجنة للطاقة الذرية في إسرائيل ومن المفاعل النووي في ديمونا يراقبون نتائج التجربة من إحدى السفن.

وتابع التقرير أن الشبهات بشأن دور إسرائيلي في التجربة كانت تعتمد على نشرات تناولت التعاون النووي بين إسرائيل وجنوب أفريقيا. وكانت الأخيرة قد بدأت برنامجها النووي في العام 1949، وحصلت على المعلومات والتكنولوجيا وأفران تجارب وأبحاث لتوليد الكهرباء من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا. وفي العام 1976 أوقفت الدول الغربية علاقاتها النووية مع جنوب أفريقيا، بعد أن اتضح أن الأخيرة بدأت بتطوير برنامج نووي عسكري. وبحسب مصادر أجنبية فقد بدأ في ذلك الحين يتوطد التعاون النووي لنظام الابرتهايد مع إسرائيل، مثل تبادل المعلومات والزيارات المتبادلة بين الطرفين.

ونشر في حينه أن علماء إسرائيليين قاموا بجولة في جنوب أفريقيا كضيوف على اللجنة للطاقة الذرية. وفي سنوات الستينيات نشرت أنباء مفادها أن إسرائيل قامت بشراء أورانيوم طبيعي من جنوب أفريقيا، وقامت بدورها بتزويد الأخيرة بعنصر التريتيوم الذي يتم إنتاجه في المفاعلات النووية، ويعتبر مساعدا على زيادة شدة التفجير وإنتاج القنابل الهيدروجينية.

وقد أنكرت كل من إسرائيل وجنوب أفريقيا بشدة الادعاءات بشأن التعاون النووية بينهما بشكل عام، وعن التجربة بشكل خاص. وفي آذار/ مارس من العام 1993 اعترفت حكومة جنوب أفريقيا للمرة الأولى بأنها قامت بتطوير أسلحة نووية. وعرضت الحكومة على اللجنة الدولية للطاقة الذرية برنامجها النووي. وفي أيلول/ سبتمبر من العام 1993 نشرت الوكالة الدولية وثيقة تلخص مراحل التطور النووي لجنوب أفريقيا.

وبحسب الوثيقة فإن جنوب أفريقيا استكملت في السنوات 1981 – 1989 ستة أسلحة نووية، وكان السابع لا يزال في مراحل الإنتاج النهائية. وفي العام 1990، بعد أن تقرر نقل السلطة إلى الأغلبية السوداء، أغلقت الحكومة المفاعل النووي، وقامت بتدمير الأسلحة النووية الموجودة بحوزتها، ووضع المواد المتبقية والنفايات النووية إلى مراقبة الوكالة الدولية. وفي العام 1991، وخلافا لإسرائيل، انضمت جنوب أفريقيا إلى الميثاق الدولي لمنع انتشار الأسلحة النووية.

ونقلت "هآرتس" عن مصادر أجنبية أنه يوجد لدى إسرائيل رؤوس صواريخ تعتبر من التكنولوجيا المتطورة في العالم. ويتيح "النموذج الكروي" إطلاق القنبلة من صاروخ أو مدفع. والسلاح النووي من نموذج المدفع يتم إطلاقه من طائرة. ويصل الوزن الكلي للمدفع الخاص بجنوب أفريقيا إلى طن تقريبا، وطوله 1.8 متر، وقطره 650 ميللمترا، في حين تصل شدة التفجير إلى نفس الدرجة التي كانت عليها القنبلة النووية التي ألقيت على هيروشيما.

وادعت جنوب أفريقيا أنها لم تتلق أية مساعدة من أية دولة أجنبية في تطوير سلاحها النووي. كما ادعت أنها لم تقم بإجراء أية تجربة نووية، ولم تشارك أية دولة أخرى في إجراء تجارب نووية. بيد أن نائب وزير الخارجية في حكومة منديلا، عزيز فهد، صرح في العام 1997 بأنه تم إجراء تجربة نووية فعلا في العام 1979، وأنها كانت الأولى والأخيرة. وبحسبه فإن الموضوع النووي كان سريا، وأنه تم تدمير وثائق كثيرة. كما أن هناك تقارير كثيرة تشير إلى وجود علاقات بين علماء من البلدين، إسرائيل وجنوب أفريقيا، وتعاون في عتاد معين.

ونقل عن الجنرال كونستاند فيليون، الذي كان قائدا للقوات البرية في جيش جنوب أفريقيا في السنوات 1976 – 1980، كما أشغل منصب رئيس هيئة الأركان لاحقا، أن بلاده حاولت، بموجب قرار، الحصول على معلومات نووية من الجميع، بما في ذلك إسرائيل.

وبحسب الصحيفة فإن الإنكار الإسرائيلي يأتي بسبب عدم اعترافها بحيازتها لأسلحة نووية. ومع ذلك، وبناء على منشورات كثيرة ووثائق أمريكية، فإنه في العام 1969 توصلت رئيسة الحكومة في حينه، غولدا مئير، إلى تفاهم سري مع الرئيس الأمريكي ريتشارك نيكسون، بموجبه توقف الولايات المتحدة المراقبة المتقطعة على ديمونا، مقابل موافقة إسرائيلية على عدم إجراء تجارب نووية.

تجدر الإشارة إلى أنه منذ العام 1945 تم إجراء أكثر من ألفي تجربة نووية.

التعليقات