الحرب القادمة والردع المفقود..

-

الحرب القادمة والردع المفقود..
تناولت أوريت شوحاط في مقال نشرته في صحيفة "هآرتس" الحديث الذي لم يتوقف منذ وقف إطلاق النار بعد الحرب الأخيرة على لبنان، حول الحرب القادمة. واعتبرت أن الحديث عن "الحرب الكبيرة" هو كناية عن الحرب الشاملة مع سورية. كما لفتت إلى تصريحات رئيس هيئة أركان الجيش المستقيل، دان حالوتس، والتي قال فيها إنه ستنشب الحرب مع سورية في الصيف القادم، بالإضافة إلى المناقشات المتواصلة في داخل هيئة أركان الجيش، والتي تقوم على فرضية الإلتزام بإجراء التدريبات استعداداً للحرب القادمة. وفي الوقت نفسه تشير إلى أن الحرب القادمة لن يكون فيها حسم كلاسيكي، بل إن الجبهة الداخلية سوف تتعرض إلى قصف بكميات هائلة من الصواريخ تطلق من سورية، وعندها لن يستطيع الدولة سوى توفير رجال الإطفاء وخراطيم المياه للمواطنين..

وفي الوقت نفسه تلفت الكاتبة إلى أنه لن يكون بالإمكان تحصين الجبهة الداخلية خلال فترة قصيرة، كما تشير إلى تصريحات أوري ساغي بشأن فقدان مفهوم الأمن لعامل الردع، ولم يعد ذا صلة.

وتتساءل بعد أن جاء الصيف عما إذا كان ذلك الحديث مجرد تقديرات أم نبوءة تحقق ذاتها. واعتبرت تصريحات الرئيس السوري بشأن احتمال وقوع الحرب في حال عدم التوصل إلى اتفاق سلام، هو بمثابة الرد على التصريحات التي لا تتوقف في إسرائيل. حيث بدأت دينامية حرب أخرى قادمة، ومع الوضع المتفجر في الشرق الأوسط فمن الممكن أن تنشب الحرب، حتى لو لم يرغب أحد بذلك.

وتتابع أنه يجلس في الكثير من الغرف العديد من العسكريين يدرسون خطط الحرب، بدلاً من دراسة إمكانيات التسوية السلمية. ".. هنا خطط جديدة، وهناك عروض محوسبة وملونة، وضباط جدد بدلاً من الضباط الذين أفل نجمهم، مع نظريات قتالية جديدة توفر الرد، بحسب مصطلحات الجيش، للمشاكل التي تبينت خلال الحرب الأولى. وبدلاً من رئيس هيئة الأركان الذي كان يعتمد على سلاح الجو، يوجد الآن رئيس هيئة أركان من "غولاني". ومن الممكن الافتراض بأنه يقوم بتدريب القوات النظامية والاحتياط بشكل دؤوب استعداداً للحرب القادمة، بعد أن قرأ كافة التحقيقات، واستخلص الدروس".

وتتابع أن الدرس الأساسي لم يستخلص. فحتى اليوم يعتقد متخذو القرار بأن الحرب كانت ضرورية إلا أن الخلل كان في إدارتها. وأنه تكفي بضعة إصلاحات صغيرة للانطلاق نحو الحرب ثانية. ولذلك فعندما سيسأل رئيس الحكومة رئيس هيئة الأركان الجديد عما إذا كان يستطيع الانتصار على سورية، فهو سيجب، على ما يبدو بالإيجاب.

وفي المقابل تشير إلى تصريحات أوري ساغي، الذي أشغل في السابق منصب رئيس الاستخبارات العسكرية، في إحدى المؤتمرات العسكرية، حيث قال إن هذه النتيجة مشكوك بها، فلن يكون هناك حسم كلاسيكي، لأن مفهوم الأمن لدى إسرائيل، والذي يقوم على الردع، الردع والحسم، لم يعد ذا صلة. وبعد الحرب مع سورية في هذا الصيف، أو في صيف آخر، فإن الواقع الاستراتيجي لن يتغير، ولذلك فمن الممكن تجنب هذه الحرب والانتقال مباشرة إلى الاتفاقيات.

وتضيف أنه من الممكن الافتراض بأن الجيش الإسرائيلي سيعرف في الحرب القادمة كيف يسيطر على "المحميات الطبيعية" لحزب الله والعثور على مطلقي صواريخ الكاتيوشا، ولكن في الحرب القادمة ستتعرض إسرائيل إلى كمية هائلة من الصواريخ، وخاصة بعيدة المدى، والتي قد يكون بعضها كيماوياً، والتي ستطلق من سورية، وليس من بنت جبيل بالتحديد. وستظل الجبهة الداخلية هي نفسها، وربما تكون أكثر ضعفاً، لأن المواطنين استخلصوا العبر، ويدركون أن كل ما تستطيع الدولة تقديمه هو رجال الإطفاء وخراطيم المياه. ربما سيحصنون هذه المرة مستشفى صفد، ولكن هذا كان في الحرب السابقة. فمستشفيات تل أبيب ستكون الآن في خط الجبهة.

"كل من يتحدث عن الحاجة إلى إعداد الجبهة الداخلية للحرب القادمة فهو متوهم، إذا لا يمكن إعداد الجبهة الداخلية خلال نصف سنة، وربما لن يكون ذلك ممكناً. فالتحصين الوحيد للجبهة الداخلية هو التسوية السياسية. فهل يفكر إيهود أولمرت في نومه بكيفية منع الحرب القادمة أو بكيفية إستعادة هيبة الردع المفقودة للجيش؟ وإذا كان يخشى أن يتذكر أنه المسؤول عن الحرب الفاشلة، فربما يكون حقاً يخطط بـ"حملة لاستعادة الكرامة". ولكن إذا كان قد ذوت شيئاً آخر في الصيف الأخير، على سبيل المثال كيف تبدو الحرب العصرية والجبهة الداخلية مكشوفة، فربما يفكر مرتين قبل أن يوافق على قصف مطار دولة مجاورة. وربما أدرك أن الوسائل القتالية المتطورة لا تبعد الجبهة الداخلية، وأن قوة الولايات المتحدة ينبع من كون جبهتها الداخلية بعيدة جداً عن جبهة القتال.

"يحصل أمر غريب جداً منذ الصيف الأخير. فقد مرت شهور منذ الحرب السابقة، ويبدو أنها لم تنته وإنما توقفت للحظة. سنقرأ تقرير فينوغراد ونواصل الحرب. وفي هذه الأثناء نسمع من باكستان وحتى سورية والسعودية أحاديث عن اتفاقيات سياسية، بينما نواصل نحن الحديث عن غال هيرش (قائد كتيبة "أوغدات هجليل" خلال الحرب) وأودي آدم (القائد العسكري لمنطقة الشمال خلال الحرب)، ومن هو المتهم بعدم تطبيق الخطة القتالية"..

التعليقات