"الوصاية على القدس"..

-

كتب الصحفي الإسرائيلي نداف شراغاي في صحيفة "هآرتس" اليوم، الأربعاء، مؤكدا على موقف رفض تقسيم القدس، باعتباره أن المدينة تشكل الصمغ الذي يوحد الشعب اليهودي. وبينما يهاجم كبار المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، ويتهمهم بالاستعداد للتفريط بأجزاء من القدس، ويعتبر أنهم ليسوا أوصياء على المدينة، مثلما أن أبو مازن ليس الوصي الوحيد عليها، فإنه ينطلق من شبه الإجماع الإسرائيلي الرافض لما اعتبره "تسليم كنز الشعب اليهودي".

كما يحذر من أي محاولة لتدويل الصراع على المدينة، لأن التدويل بحسبه لن يكون في صالح إسرائيل. وفي الوقت نفسه يطالب نتانياهو بالإعلان عن رفضه الاعتراف بأية اتفاق يتم بموجبه تقسيم القدس.

فيقول إن الجميع يقسمون اليوم يمين الإخلاص لمدينة القدس؛ فتسيبي ليفني التي تتباحث بشأن تقسيم القدس طولا وعرضا مع الفلسطينيين، وشاؤل موفاز الذي يعلم بذلك منذ أكثر من سنة ولا يزال ملتصقا بمقعده في الحكومة، وكذلك إيلي يشاي. إلا أن ما يغضب بحسبه هو أن الذي يحكم تصرفاته الالتصاق بالسلطة وليس بالقدس، وأيضا الذي يدرك أن تقسيم القدس هو خطير ويزيل الصمغ الذي يوحد الشعب اليهودي منذ أجيال، يتعلق بتبريرات رسمية.

ويتابع أن إيهود أولمرت يفتقد إلى المصداقية للتفاوض حول القدس، وليس فقط بسبب الشبهات الجنائية التي تحوم فوق رأسه وكون أيامه في السلطة باتت معدودة، وإنما لأن أحدا لم يخوله تسليم ما يعتبر "كنز الشعب اليهودي" وتحطيم أحد أعمدة الأساس للمشروع الصهيوني.

ويضيف أنه ربما تدرك هذه المجموعة أن أبو مازن ليس الوصي الوحيد على القدس من جانب العرب، وأنه يجب إدخال الأردن ومصر والمغرب وربما السعودية إلى صورة المفاوضات. وهي لا تدرك، في المقابل، أنها ليست الوصية على القدس من جانب الشعب اليهودي. وهي "ديمقراطية" عندما يكون الحديث عن دول عربية، ولكنه لا يخطر ببالها أن تشرك الشعب اليهودي والديانة اليهودية في المحادثات، إذا لم نشأ الحديث عن الأمر الأولي، وهو استفتاء عام يتم في إطاره توضيح معنى تقسيم القدس.

ويحذر مما أسماه موافقة أولمرت على إدخال دول الرباعية الدولية، الولايات المتحدة والأمم المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي، حتى بمكانة مستشار، إلى صورة المفاوضات حول القدس، لكون ذلك يفسح المجال لتدويل الصراع حول المدينة، وهو بمثابة انتحار علني. فالتدويل في الشرق الأوسط ليس ذا فاعلية، وحتى لو كان كذلك فهو لا يعمل لصالح إسرائيل. و"هكذا في لبنان، حيث تعاظمت قوة حزب الله إلى مقاييس جيش صغير تحت مظلة المراقبة الدولية. وهكذا كان في العام 1948 عندما قررت الأمم المتحدة تدويل القدس، وحددتها في القرار 181 كـ"جسم منفصل"، ولم ترد عندما فرض الحصار على السكان اليهود في المدينة. وهكذا كان عندما فرضت كونداليزا رايس المراقبين من القوات الدولية على معبر رفح، فقد هربوا عندما سيطرت حماس على غزة... هل يجب التذكير بالضربات التي تعرضت لها القوات الدولية في بيروت والعراق؟"، على حد قوله.

ولفت إلى أن مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة سابقا، دوري غولد، قد أشار مؤخرا إلى أن كل تنازل إسرائيلي في القدس يضعف الموقف الأمريكي بشأن مكانة إسرائيل في القدس. وهو يذكر كيف استغلت الولايات المتحدة حق الفيتو في مجلس الأمن من أجل رفض مبادرة فلسطينية لإدانة البناء الإسرائيلي في جبل "هار حوما" (أبو غنيم). وبحسبه فإن اليوم، ليس فقط أنه من الصعب تصور فيتو كهذا، وإنما تبادر الولايات المتحدة إلى تقديم شكاوى حول البناء الإسرائيلي في القدس.

ويتابع أنه لا يقول أحد للجمهور عن الإمكانية المتوقعة، بأن من يسلم القدس الشرقية، سوف يدفع الثمن بـ"الفائدة المركبة" في القدس الغربية. ويدعي في هذا السياق أن عشرات آلاف الفلسطينيين سوف يغادرون القدس الشرقية إلى الغربية من أجل المحافظة على حقوقهم كمواطنين، ومن الممكن أن يؤدي ذلك إلى هجرة عشرات آلاف اليهود من المدينة، لأن القدس الغربية ستصبح مدينة حدودية مكشوفة أمام العمليات بالأسلحة الخفيفة من خلف الحدود التي تبعد عشرات ومئات الأمتار فقط عن الخط الذي يعيش فيه اليوم ما يقارب 250 ألف يهودي.

وينهي بالقول إنه لم يعد هناك فروق بين ليكود نتنياهو وبين كاديما والعمل، وبضمنها القدس. إلا أنه يطالب نتانياهو بالحد الأدنى المطلوب منه وهو إعلان أنه "لا ينوي احترام الاتفاقيات التي تؤدي إلى تقسيم القدس، وأن الخط الأحمر في القدس لن يعود أخضر".

التعليقات