"تعزيز قوة المعتدلين وعزل المتطرفين"..

-

تنظر هيئة تحرير "هآرتس" إلى أن الظروف الأخيرة التي نشأت في الضفة الغربية وقطاع غزة، هي بمثابة فرصة لتعزيز قوة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وبدء المفاوضات حول الحل الدائم، وسط إبداء بعض التسهيلات في الضفة الغربية، وفي الوقت نفسه تشديد قبضة الحصار على قطاع غزة، ومواصلة الحرب على قادة حماس، رغم كون الصحيفة تقر بأن سياسة ما يسمى "تقوية المعتدلين وعزل المتطرفين"، التي اتبعتها حكومة أولمرت بدعم أمريكي، قد أثبتت فشلها في قطاع غزة، وتلقت ضربة قاصمة. بيد أن الصحيفة تعتقد أن تعزيز قوة عباس هو مصلحة إسرائيلية من أجل البدء بمفاوضات الحل الدائم معه.

فقد كتبت هيئة تحرير "هآرتس" أن سيطرة حماس على قطاع غزة ما كان يجب أن تفاجئ أحداً، فقد كانت الدلالات على الأرض تشير إلى ذلك. كما تشير إلى أن سياسة "تقوية المعتدلين وعزل المتطرفين"، التي مارستها حكومة أولمرت بدعم أمريكي، قد تلقت ضربة قاصمة، فالمقاطعة الاقتصادية والسياسية لحماس والحكومة الفلسطينية، لم تضعف الحركة بنظر الفلسطينيين، ولم تدفعها إلى تليين مواقفها.

وتابعت الصحيفة أن النتيجة الآن هي كيان "معاد" على الحدود الجنوبية، برئاسة مجموعة مسلحة تعارض وجود إسرائيل وترفض الاعتراف بها. وهنا يكمن الفرق بين حركتي حماس وفتح، التي يترأسها رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، الملتزم بعملية السلام ويسعى إلى المصالحة التاريخية بين الحركة الوطنية الفلسطينية والصهيونية، أما حماس التي تنظر إلى القضاء على إسرائيل كواجب ديني، فهي تسعى إلى وقف إطلاق النار في أحسن الحالات، على حد قول الصحيفة.

وبحسب "هآرتس" فإن عباس ليس "الرجل القوي" الذي كانت تتمنى إسرائيل أن يكون على رأس السلطة، ويمنع الإرهاب ويفرض النظام في مناطق السلطة. إلا أنه في هذه الظروف التي نشأت، فإن عباس يبقى الأمل الأخير لإجراء عملية سياسية تؤدي إلى تسوية بشأن تقسيم البلاد، وإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.

كما قالت الصحيفة أنه يوجد مصلحة لإسرائيل في ألا تسير الضفة الغربية في أعقاب قطاع غزة. وحتى يتحقق ذلك، فعلى حكومة أولمرت أن تغير فوراً، ومن الأساس، نظرتها إلى إدارة العلاقات مع الفلسطينيين، لأن الأحداث التي وقعت في قطاع غزة تؤكد أنه لا تكفي التصريحات الفارغة من أي مضمون بشأن مساعدة "المعتدلين" أو إطلاق الوعود بـ"التسهيلات".

وبرأي الصحيفة فإنه على الحكومة الإسرائيلية بتركيبتها الجديدة، مع إيهود براك كوزير للأمن، أن تضع سياسة جديدة تؤدي إلى تعزيز قوة عباس، وفي الوقت نفسه تؤكد للفلسطينيين أن "الاعتدال مفيد" وأن هناك بديلاً لحماس وتفكك السلطة. وهذه السياسة يجب أن تشمل تجميد الاستيطان، وتفكيك "البؤر الإستيطانية"، وتحويل أموال الضرائب الفلسطينية المجمدة، وتسهيل الحركة في الضفة الغربية.

وتابعت الصحيفة أن الخطوات التي ستتخذ لتحسين حياة الفلسطينيين في الضفة، يجب أن تترافق مع تجديد المفاوضات حول الحل الدائم، من أجل عرض "أفق سياسي" حقيقي، وليس فقط تصريحات ضبابية. وهذه المفاوضات يمكن تعزيزها بتوجهات إسرائيلية إيجابية أكثر تجاه مبادرة السلام العربية، التي ستوفر الغطاء الإقليمي لإحياء العملية السياسية. وبشكل مواز، مواصلة الضغط على قادة حماس في القطاع، وأن يكون التعامل معهم مشتقاً من ممارساتهم على الأرض، مع تجنب التورط العسكري في القطاع.

كما كتبت الصحيفة أن أولمرت الآن أمام اختبار في أزمة أمنية سياسية خطيرة، تتطلب من إسرائيل الانفتاح والمرونة، وعدم تفويت الفرصة، التي قد تكون الأخيرة في التوصل إلى تسوية مع الفلسطينية، والانشغال بكسب الوقت وإرضاء الشركاء اليمينيين في الائتلاف، مثلما فعل حتى الآن.

التعليقات