"حماس كوت وعينا"

قال رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، في جلسة الطاقم الوزاري المصغر، إن على إسرائيل ألا تتصرّف كأنها فقدت بقايا عنفوانها وكرامتها. لكن الحكومة تصرفت هكذا بالضبط. حيث أنه وبرغم القرار التكتيكي – أن المعابر لا تفتح إلا بعد إعادة غلعاد شاليط - فإن حكومة إسرائيل قد خنعت لإملاءات حماس في الجزء الجوهري للصفقة، بالأساس في الموافقة العامة لإطلاق سراح مخربين وقتلة بالجملة.

"شاليط أولا" هو إذن ليس أكثر من شعار، هدفه خداع الجمهور وادعاء هالة مزيّفة من الإحترام لركوع مخز ويحمل أخطارا عظيمة أمام منظمة إرهابية دموية، أقسمت ألا تضع سلاحها حتى إبادة الدولة اليهودية.

لقد قامت دولة إسرائيل، من بين ما قامت لأجله، لإعادة الكرامة إلى شعب إسرائيل أيضا - الذي اضطر إلى الركوع مئات السنين وأن يعيش كأقلية ملاحقة بين الشعوب. حتى لو أن الكرامة الوطنية لم تظهر كهدف من أهداف عملية "الرصاص المصبوب" المعلنة، فإنها ذات أهمية معنوية في نظر سكان النقب المقصوفين دون هوادة وكذلك في نظر الكثيرين من المقاتلين والمواطنين. وقد حظي تصريح إيهود براك وقيادة جيش الدفاع بأن أهداف العملية قد "تحققت كاملة"، وبسبب مركّب الكرامة الوطنية أيضا، بتأييد عارم.

إذا كانت الأهداف قد تحققت، فعلى رئيس الأركان ووزير الأمن أن يفسّرا من أين تستمد حماس – علما أنها مهزومة – هذه القوة للإملاء على إسرائيل لإطلاق سراح القتلة بالإضافة إلى تحديد فترة التهدئة. وإذا كان جيش الدفاع قد انتصر، فلماذا تدفع الحكومة ثمن المهزومين؟

أجل، إن وعينا قد كوي، بينما وعي حماس بقي على حاله قبل الحرب، بل إنه ربما قد زاد قوة.

إن من يقرر إطلاق سراح مئات القتلة فإنه يهدر دم أولئك الذين سيقتلهم القتلة في المستقبل، وهو (بهذا) إنما يشجّع الإختطاف ويرفع سعر تحرير المخطوفين. ولذا فإن القرار ليس معقولا بشكل كبير. وعلى من يدّعي رئاسة الحكومة، بنيامين نتنياهو، أن يعلن عن هذا وأن يشكّل ضغطا جماهيريا لمنع تنفيذ القرار.

يفضل نتنياهو، كما يقول المقربون، أن تنجز الحكومة الحالية هذه الصفقة. لكنه، وكمن يدعي تاج القيادة القومية، يجب ألا ينجرّ، مثل الحكومة الحالية، وراء مجموعات ضغط تفضل المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، وتفضل الحالي على الآتي. وعليه في الأساس تجاهل الإعلام المتجمّل الذي يرى مصلحته الأهم في البث عظيم المشاهدة.. (الرايتنغ).

إن الثبات لدى نتنياهو ليس قويا بشكل خاص، فقد سبق أن أطلق سراح أحمد ياسين عندما كان رئيسا للحكومة. كما أنه صوّت في حكومة أريئيل شارون إلى جانب صفقة إلحنان تننباوم الغريبة (تسيبي ليفني صوتت ضد). ما فتئ حزب الله يخطط لاختطافات أخرى (من ناحيته، فإن الحساب على اغتيال عماد مغنية ،مثلا، لم يغلق بعد) وكذلك حماس. وعليه فمن الممكن أن تحصل عمليات اختطاف في عهد نتنياهو. ولذا، فإن إبداء موقف مبدئي وصلب الآن من شأنه أن يبعث إلى المنظمات الإرهابية أن الإختطافات في دورته لا جدوى فيها.

إن الجو العام الذي أدى بحكومة أولمرت إلى قبول إملاءات الإرهاب ينبع من سيطرة الفردانية المتطرفة - "ألفرد (غلعاد شاليط) هو فوق أي مصلحة قومية أخرى" - على مجمل القيم الإسرائيلية. ووقف هذا التوجه المشرذم يجب أن يكون واحدا من الأهداف المركزية لحكومة نتنياهو.

التعليقات