رئيس لجنة التحقيق المكلفة بالتحقيق في الحرب على غزة يشبه إسرائيل بالأبرتهايد

ريتشارد غولدستون، يهودي عمره 71 عاما من جنوب أفريقيا، زار إسرائيل مرات عديدة. ابنته الصغرى تسكن في القدس طوال 11 عاما، يُعرّف نفسه بأنه صهيوني،

رئيس لجنة التحقيق المكلفة بالتحقيق في الحرب على غزة  يشبه إسرائيل بالأبرتهايد
ريتشارد غولدستون، يهودي عمره 71 عاما من جنوب أفريقيا، زار إسرائيل مرات عديدة. ابنته الصغرى تسكن في القدس طوال 11 عاما، يُعرّف نفسه بأنه صهيوني، عمل 7 سنوات مديرا لشبكة "أورط" العالمية، وترأس على مدى 25 عاما على جمعية أصدقاء "الجامعة العبرية في القدس" في جنوب أفريقيا.

ولكن كل ذلك لا يسعفه هذه الأيام، لأن غولدستون هو الرجل الذي عُين من قبل الأمم المتحدة ليرأس لجنة التحقيق حول أعمال الجيش الإسرائيلي خلال حملة "الرصاص المصبوب"، وكذلك أعمال حماس التي قادت إلى الحرب.

في الأسبوع الماضي أنهى غولدستون زيارة إلى غزة، وقد اضطر إلى دخولها عن طريق مصر بسبب رفض إسرائيل السماح لأعضاء اللجنة الدخول إليها.

ويقول" لا يمكنني الحديث عما رأينا أو عما تحدثنا عنه، لأن ذلك سيظهر في التقرير الذي سينشر في أيلول سبتمبر". ويضيف: " كنت مشدوها من حجم الدمار، وأنا قلق من تأثير الحصار على مليون ونصف إنسان".

لم تسمح إسرائيل لأعضاء اللجنة، الذين طلبوا الاستماع إلى شهادات ضحايا هجمات حماس في جنوب البلاد، بالدخول إلى إسرائيل. غولدستون وفي خطوة غير مسبوقة، وبـتأييد الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، سيستمع إلى شهادات الضحايا في جنيف الشهر القادم.

ويقول في مقابلة هاتفية أجريت معه هذا الأسبوع وهو في مكتبه في لاهاي في هولندا: "أفهم الحساسية الإسرائيلية إزاء الأمم المتحدة. أعتقد أنهم تصرفوا معهم بشكل غير منصف. ولكنني اعتقدت أن هذه المرة ستكون مختلفة، لأن إسرائيل تحصل على الفرصة التي تطلبها منذ سنوات طويلة، فرصة عرض اداعاءاتها أمام الأمم المتحدة. ولكنني خائب الأمل لأن إسرائيل لم تنتهز هذه الفرصة".

»لمن توجهتم في إسرائيل؟

"توجهت إلى السفير الإسرائيلي في جنيف وأرسلت خطابا لرئيس الحكومة نتنياهو. مكتب رئيس الحكومة لم يكلف نفسه بإبلاغي بوصول الرسالة. كان ذلك قبل نحو شهر".

» الأمم المتحدة لديها توجه سيء نحو إسرائيل، من ضمن ذلك القرار الذي دمغ الصهيونية بالعنصرية؟

"أنا أفهم ذاك، ولكن القرار ألغي. يجب أن نتذكر أنه حينما نتحدث عن المجلس العام للأمم المتحدة، نحن نتحدث عن منظمة تمثل المجتمع الدولي برمته، ويقلقني أن إسرائيل تعزل نفسها أكثر فأكثر.

» هل ترى تشابها بين سياسة إسرائيل الحالية ودول أخرى في الماضي.

"نعم. أعتقد أن توجه حكومة جنوب أفريقيا في حقبة الأبرتهايد كانت مشابها".


» وهل تعتقد أن إسرائيل تقود نفسها إلى عزلة دولية؟

"نعم"

غولدستون يعرف ما تعني العزلة الدولية. لقد كان قاضيا في جنوب أفريقيا في حقبة الأبرتهايد، وبعد ذلك أصبح شخصية بارزة في القضاء الدولي، وشغل من ضمن مناصب كثيرة، منصب المدعي العام لجرائم الحرب في المحكمة الدولية في لاهاي، وعالج قضايا في ويوغوسلافيا السابقة وروندا.

» ما هدف اللجنة؟ هل تفكرون في إحالة أحد إلى القضاء؟

" لا. هذا ليس تحقيقا جنائيا. الفكرة هي تقصي الحقائق وتقديم تقرير فيها للأمم المتحدة. سيكون للجنة توصيات، ولكن من دون قرارات من مجلس الأمن لن تكون هناك محكمة مخولة في البت في الموضوع. آمل أن تجرى تحقيقات شفافة في إسرائيل.

» هل قبلت المهمة بشكل فوري؟

في البداية لا. لأن التفويض للجنة في البداية كان يقتصر فقط على أعمال إسرائيل. لم أكن على استعداد للقيام بذلك بناء على قرار الأمم المتحدة، ولكن الأمين العام قال أنه على استعداد لمنحي تفويضا بالتحقيق أيضا في أعمال الفلسطينيين، واعتقدت انه اقتراح لا يمكنني رفضه.
ويضيف: "لذلك أنا خائب الأمل لأننا أردنا الوصول لإسرائيل ومقابلة الضحاياـ ورؤية الأضرار وفحص التأثيرات على مئات الآلاف في جنوب البلاد الذين اضطروا للعيش تحت هذا التهديد. أردت رؤية هذه الأشياء في إسرائيل، والحديث عنها بشكل علني، ولكن لا يمكننا القيام بذلك. ما سنقوم به وعلى أحسن وجه ممكن هو إحضار هذه المواد إلى المكتب في جنيف. سنحضر الشهود من إسرائيل للحديث إلينا هناك.

هل توجهتم لأناس في هذا الشأن؟

هذا الأمر قيد التنفيذ في هذه المرحلة، وقد أجرينا عدة اتصالات . يتوقع أن يحصل ذلك في مطلع يوليو/ تموز.

» هل تعرف لماذا تتخذ إسرائيل تلك الخطوات وترفض إتاحة المجال لكم بالدخول إليها؟

لا أعرف ولكن يمكنني التخمين. السبب الوحيد هو القرار الأول الذي كان من جانب واحد، ولكن الجميع يتجاهلون حقيقة أنه في نهاية الأمر حصلنا على تفويض مواز للتحقيق بأعمال حماس".

» ماذا يمكن أن تربح إسرائيل من هذا التحقيق الذي تديره؟(في حال تعاونت)

أعتقد أن ذلك سيعني انفتاحا من قبل إسرائيل. هذه فرصة لعرض مواقفها وآرائها، وكذلك عرض الأخطاء التي قامت بها علنيا. أعتقد أن ذلك أمر هام لدولة ديمقراطية. أقرأ أكثر فأكثر انتقادات لإسرائيل، وخاصة في أوروبا- وأعتقد أن ذلك سيحسن وضع إسرائيل، على الأقل في الديمقراطيات الأخرى في العالم".

» حماس غير معروفة في العالم، ولكن إسرائيل هي دولة معروفة ومعرفة على أنها ديمقراطية. رغم ذلك، افهم منك أن حماس تعاونت مع التحقيق بينما إسرائيل لا؟
"أوافق. هذه هي المفارقة. حتى لو قررت الحكومة الإسرائيلية عدم التعاون، أنا مستغرب من عدم سماحهم لنا بالدخول إلى إسرائيل على الأقل، بشكل غير رسمي، وإجراء تحقيق حر".

» ولكن هل يعترف قادة حماس بخطئهم حينما تحدثهم؟ بالأعمال غير القانونية التي ينفذونها؟ بإطلاق الصواريخ؟

"كل ما يمكنني قوله هو أنه كان لدي نقاش مفتوح بشكل واسع معهم. ولا يمكنني الدخول في التفاصيل".

»هل يمكن للتحقيق أن يكون خطوة نحو المصالحة بين الشعوب

"قطعيا نعم. ليس لدي شك في أن ذلك يساعد عملية السلام. أعتقد أنه كلما كان هناك مزيد من الانفتاح سيكون هناك أملا أكثر للمصالحة. وهذا أحد الأسباب الذي من أجله قررت أن أجري تحقيقات شعبية. هذه ليست «لجنة الحقيقة والمصالحة»، ولكنني أعتقد أنه سيكون جيدا بشكل كبير لكافة الأطراف في الشرق الأوسط رؤية وجه، والاستماع إلى أصوات الضحايا في الجانبين".

»يبدو أنك مرتبط حسيا بما يحصل في إسرائيل؟
"هذا صحيح. ترعرعت في بيت كان الموضوع الإسرائيلي في أجوائنا، ونتحدث عن ذلك حول الطاولة في وجبة العشاء. أعتقد ان الدافع الأساسي لي هو القيام بشيء، حتى لو بسيط، من أجل عملية السلام".

يرى غولدستون أن الطريق إلى السلام ما زالت بعيدة، بالأساس بسبب قيادة الشعبين. "يوجد مشاكل لدى القيادة الإسرائيلية الحالية، وهناك مشكلة في الاحتراب الداخلي افي فلسطين".

» في الماضي قلت أنه بالرغم مما رأيت، في نهاية الأمر أنت إنسان متفائل؟
"لست متأكدا أنني كنت سأقول نفس الشيء اليوم. ولكن بشكل عام أنا إنسان متفائل. من تجاربي، الغالبية الساحقة من الناس في العالم هم متعقلون. ربما بعض التفاحات الفاسدة تسبب هذا الحجم من المشاكل".


التعليقات