"على أولمرت أن يستغل الظروف التي نشأت"..

-

إنطلاقاً من أن الإنسحاب من الجزء الأكبر من الضفة الغربية يكفي لحل القضية الفلسطينية (بدون التطرق إلى القضايا الأساسية القدس واللاجئين والمستوطنات)، كتب عوزي بنزيمان في صحيفة "هآرتس" داعياً أولمرت إلى استغلال الظروف التي نشأت اليوم، وفي الوقت نفسه مشيراً إلى ما يبدو أنه تناقض بين أقوال أولمرت في قمة شرم الشيخ، وبين عدم توصله إلى النتائج التي تفهم من أقواله، بشأن الإنسحاب من جزء من الضفة الغربية.

كما لا يغفل الإشارة إلى انزعاج المقربين من أولمرت من حديث الرئيس المصري عن نيته تجديد الحوار مع حماس وضرورة توحيد الصف الفلسطيني. علاوة على خشيته من أن يتضح أن خطة خنق حركة "حماس" في قطاع غزة مقابل رفع حركة "فتح" على الأكتاف"، هي وهم إسرائيلي استراتيجي آخر.

وقال إنه بعد حرب 1967، ثبت موشي ديان الشعار "شرم الشيخ بدون سلام، أفضل من سلام بدون شرم الشيخ". ولم تذهب نشوة النصر بعقل وزير الأمن فقط، وإنما بعقول عدد من الشعراء الغنائيين. ومضت عقارب التاريخ بتكتكاتها، وديان، هذه المرة في منصب وزير الخارجية، يخترع شعاراً جديدا "إسرائيل لا تستطيع أن ترفض اليد العربية الممتدة للسلام"، وبهذا الشعار أقنع مناحيم بيغين بالتنازل عن سيناء، وبضمن ذلك شرم الشيخ، والتوقيع على اتفاقية سلام مع مصر.

وتابع أن رئيس حكومة إسرائيلي آخر، هو إيهود أولمرت، زار المدينة السياحية المصرية، وكشف مرة أخرى عن البلبلة والتناقض الإسرائيليين. وألقى أولمرت خطاباً واضحاً، إلا أنه أبقى المستمع مستغرباً بشأن عدم استنتاجه النتيجة العملية التي تستخلص من أقواله هو نفسه.

ولم يتأتئ رئيس الحكومة أول أمس عندما أعلن للفلسطينيين أن إسرائيل لا تريد أن تحكمهم، في الوقت الذي تقوم فيه قوات الاحتلال بتنفيذ الاعتقالات في الضفة الغربية.

وبحسبه فقد استطاع الشريط الصوتي لغلعاد شاليط إشاحة الأنظار عن أقوال أولمرت في قمة شرم الشيخ، حيث قال للفلسطينيين:" كرئيس حكومة إسرائيل أقول لكم إنه لا يوجد لدينا رغبة في حكمكم، ولا إدارة حياتكم، ولا يوجد لدينا النية باتخاذ القرارات بدلاً منكم". وقال أيضاً:" لن يكون هناك حل آخر سوى حل الدولتين اللتين تعيشان إلى جانب بعضهما البعض بسلام وأمن. نحن نريد تحقيق هذا الهدف من أجلكم، ومن أجلنا، ومن أجل المنطقة. سنقوم بذلك بجدية وإصرار واخلاص".

وكتب أنه يجب مطالبة أولمرت بالتصرف بموجب موقفه. وهو يقف الآن كرئيس حكومة، وبيده الصلاحية من أجل تنفيذ رؤيته. لا يوجد معنى آخر لأقواله سوى التعبير عن الجاهزية للانسحاب من الجزء الأكبر من الضفة الغربية، وتركها وقطاع غزة للفلسطينيين لإقامة دولتهم المستقلة.

وبحسبه فإن البرنامج الأيديولوجي الذي يتكيف مع التنازل عن مناطق فلسطينية تم احتلالها عام 67 قائم في رؤيته، فماذا يمنع أولمرت من تنفيذ ذلك؟

"لقد كشر القادة الإسرائيليون المتعاقبون منذ العام 1967 بوجه خصومهم، أو محاوريهم، في الجانب الفلسطيني: أحمد الشقيري كان مهرجاً، وياسر عرفات كان ماكراً، ومحمود عباس "صوص بلا ريش". وتعكرت الأجواء التي تدير فيها إسرائيل الصراع مع الفلسطينيين، والآن يجد أولمرت نفسه مضطراً إلى رفع مكانة أبو مازن وتقديم بوادر حسن نية له، والتي رفضها في السابق".

وتابع أنه في حال لم يستخلص أولمرت الدرس المطلوب، فسوف يحن غداً إلى اللحظة التي يفوتها اليوم. وكان مقربون منه قد عبروا عن خيبة أملهم من خطاب الرئيس المصري، حسني مبارك، في شرم الشيخ، والذي طالب فيه بتوحيد الصف الفلسطيني، وأعلن عن نيته تجديد الحوار مع حماس. ومن الممكن أن يتضح أن خطة خنق "حماس" في غزة ورفع "فتح" على الأكتاف كوهم آخر في أيام الإستراتيجية الإسرائيلية مقابل الفلسطينيين.

ويؤكد مرة أخرى بنزيمان على أهمية استغلال الظرف الحالي، بقوله إنه يجب على أولمرت أن يصغي لأقواله هو نفسه (وليس الفلسطينيين)، والعمل بموجب ذلك، وإلا سوف يسجل في التاريخ كمهرج أو مموه..

التعليقات