"فشل في الإمتحان المعاد أيضا"..

-

حسنا فعل رئيس الحكومة المنتظر، بنيامين نتنياهو، إذ استجاب للضغط الجماهيري ولانتقاد وجهاء في ليكود فألغى ترشيحه دانيئيل فريدمان وزيرا للقضاء في حكومته. لكن من المشكوك فيه أن يكون البديل الذي وجده في شخص المحامي الشهير والبروفيسور يعقوف نئمان يعكس توجّها مختلفا.

لقد كان نئمان، وهو الخبير في شؤون الضرائب ومحام تجاري من الرياديين في إسرائيل، وزيرا للقضاء في حكومة نتنياهو الأولى العام 1996، لكنه ترك بعد شهرين لسبب التحقيق الذي أدى إلى تقديم لائحة اتهام ضده لكونه أدلى بشهادة كاذبة وحاول تمويه خطوات قضائية في قضية محاكمة الوزير السابق أرييه درعي. فقد اتهم في إفادته النيابة العامة بحياكة تهمة باطلة ضده لغرض إقصائه عن وزارة القضاء. وقد برّأت المحكمة نئمان، وأعيد إلى حكومة نتنياهو وزيرا للمالية. واستخدمت محاكمته سلاحا ثابتا لدى منتقدي الجهاز القضائي الذين نعتوها بـ "حياكة ملف" من قبل "عصابة سلطة القانون" لوزير لم يتصرف على هواها.

لقد أيد نئمان في السنوات الأخيرة الإصلاحات التي اقترحها فريدمان، وفي ظهوره الجماهيري أشار بصدق إلى المعاناة في التسويف في إدارة المحاكم كمشكلة أساسية للجهاز.

لا يشكّ أحد في اطلاع نئمان الواسع على أمور القضاء وتجربته الغنية (حيث أنه كان أيضا مديرا عاما في وزارة المالية ورئيس لجنة التهويد). وقد أثبت في الماضي أنه مفتوح لتقبّل أفكار مختلفة، حيث أنه حاول في لجنة التهويد المقاربة ما بين المواقف والمصالح للتيارات الدينية المختلفة.

لكن من الصعب تجاهل ما يعكسه ترشيح نئمان ثانية لوزارة القضاء: يفضل نتنياهو وأفيغدور ليبرمان، الذي أوكل إليه تعيين وزير القضاء، أن يضعا في هذا الموقع شخصا "حسب مزاجهم"ومنتقدا شديدا للجهاز القضائي، حيث أنه يشعر بأن بعضا من كبار المسؤولين فيه قد أساؤوا إليه شخصيا. فالحديث يدور، كما في حالة فريدمان، عن تعيين إزاء، ما يبدو كمحاولة لتعزيز السيطرة السياسية على الجهاز القضائي، وليس مجهودا لتحسين الأداء والخدمة الجماهيرية من خلال تفهّم وتعاون بين مؤسسات السلطة. ويبدو الأمر غريبا إزاء معارضة نتنياهو عندما كان في المعارضة لمبادرات فريدمان.

إن حقيقة أن متهما بمخالفات كبيرة مثل ليبرمان هو من يختار وزير القضاء، والذي يقف على رأس اللجنة الوزارية للتشريع واللجنة لتعيين القضاة، يجب استنكارها، وكذلك استنكار موافقة نتنياهو منح المسؤولية للتعيينات لرئيس حزب أدار حملة انتخابية عنصرية ضد المواطنين العرب.

لكن رئيس الحكومة المنتظر، وعلى عكس المرة السابقة كما في حالة فريدمان، والذي صورّت محاولة إبقائه في وزارة القضاء كخنوع من نتنياهو لضغوطات ائتلافية من جهة ليبرمان، لن يستطيع التنصل من مسؤوليته عن التعيين. فنئمان كان وما زال واحدا من الأشخاص المقربين جدا إلى نتنياهو بل إنه يشاركه أسراره الخاصة. فمن يدرك أكثر من نتنياهو مدى الألم الذي سببه له ملاحقوه؟.

يلوّح نتنياهو في اختياره لنئمان بنيته العودة إلى صراعه ضد "النخبة" كما كان في دورته السابقة والفاشلة. وهي بداية تشوبها إشكالية في دورته الثانية كرئيس للحكومة.

التعليقات