"لا يوجد سياسة ضبابية لإيران ولا تخجل بإظهار إنجازاتها النووية"..

-

كتب تسفي برئيل في صحيفة"هآرتس" مؤكدا أن العقوبات الدولية لن تردع إيران عن مواصلة برنامجها النووي، خاصة وأنها تتبع الشفافية ولا تخجل بإظهار إنجازاتها في هذا المجال.

ويتناول بشكل ساخر ما يسمى بـ"المجتمع الدولي" على اعتبار أنه مصطلح خال من أي مضمون. فالمجتمع الدولي لم يمنع الحرب على العراق، على حد قوله، ولم يتمكن من وضع حد للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، ولم يطبق قرارات الأمم المتحدة في لبنان، ولم يمنع وقوع فظائع في دارفور.

وبحسبه فإن أجهزة الطرد المركزي الثلاثة آلاف الفاعلة في إيران تشبه علامة مستوى الماء في بحيرة طبرية. فهي تترك انطباعا بالشعور بالخطر، وتشير إلى ارتفاع خط الخوف المطلوب. وهي إشارة على الطريق تشير إلى خطر، ولكن ليس الخطر نفسه. وتقول الفرضية إنه في حال عملت كل أجهزة الطرد المركزي بسرعة تتجاوز سرعة الصوت، لمدة زمنية طويلة، من الممكن أن يتم بواسطتها تخصيب يورانيوم للاستخدام في القنبلة النووية خلال عام واحد.

وبرأيه لا يعني ذلك أنه سيكون لإيران، بالمقارنة مع باكستان والهند، قنبلة نووية. وفي المقابل فإن الفرضية الواقعية يجب أن تكون أنه في حال أرادت إيران أن تطور قنبلة نووية فهي تستطيع ذلك. ولا يوجد حاجة إلى انتظار تقرير اللجنة الدولية للطاقة الذرية، أو لموافقات أخرى حول الشفافية في الصناعة النووية الإيرانية. لا يوجد دولة شفافة أكثر من إيران في هذا المجال. لا يوجد لديها سياسة ضبابية، وهي لا تخجل بإظهار إنجازاتها.

ويتابع أنه إذا كانت قدرة إيران على إنتاج أسلحة نووية هي فرضية حكيمة، فعندها يجب أن يكون الخوف مضاعفا. حيث يتضح أكثر فأكثر أن "المجتمع الدولي" هو مصطلح خال من أي مضمون، عندما يكون الحديث عن بناء حزام واق ضد تهديدات دولية مثل التسلح النووي العسكري لدولة ما. والبهجة التي نقل فيها تقرير عن المودة العميقة التي تربط بين جورج بوش ونيكولا ساركوزي، وأن الزعيمين يريان أخيرا بوضوح الخطر الإيراني، لا تساوي في قيمتها الجدار الواقي الذي بنته كل من الصين وروسيا حول إيران.

ويضيف أنه في حال نجحت الأمم المتحدة في العثور على صياغة ملتوية بما فيه الكفاية لتفرض عقوبات أخرى على إيران، فإنه لا يوجد أي خطة عمل لليوم الذي يلي العقوبات، عندما يتضح أن إيران المحاصرة سوف تعرض سلاحا نوويا.

وفي هذا السياق يتساءل عما إذا كانت ستوافق فرنسا عندها على إرسال طائرات لتقصف المنشآت الإيرانية؟ أم هل سيوافق بوش على تجميد خطة نشر الصواريخ في أوروبا من أجل تجنيد فلاديمير بوتين للهجوم على إيران؟ أم هل سيوافق مواطنو أوروبا، الذين هم على استعداد اليوم للقول في الاستطلاعات أن إيران لا تشكل خطرا، على رفع أسعار النفط بشكل حاد في حال تعرض إيران للهجوم؟

وحتى بدون الصين وروسيا، هناك في شبكة العقوبات الكثير من الثقوب الكبيرة. فنزويلا على سبيل المثال هي الدولة الشقيقة لإيران. جنوب أفريقيا هي صديقة ليست صغيرة، وتطوير القدرات النووية، مثلما أثبتت إيران، من الممكن أن يعتمد أيضا على منظمات صغيرة ومافيا، وحتى علماء منفردون.

ويضيف أن المجتمع الدولي، الذي يتطلع إلى القادة من أجل منع حصول إيران على قنبلة نووية، سوف يجد صعوبة في "تزويد البضاعة". فهذا هو نفس المجتمع الدولي الذي فرض العقوبات على العراق ولم ينجح في منع الحرب ضد العراق، وهو نفس المجتمع الدولي الذي يعالج الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني بفشل كبير، ولا يستطيع أن يوقف فظائع دارفور، أو تطبيق قراراته في لبنان، وقام بإبعاد أفريقيا من مجال رؤيته منذ زمن..

ويصل برئيل إلى نتيجة أنه "على ضوء أداء "المجتمع الدولي" الواهن، فمن الممكن تبني فرضية أخرى. خلال سنتين أو ثلاث سنوات سوف يحتاج نفس المجتمع الدولي إلى نوع آخر من الدبلوماسية بشأن إيران، كتلك التي تمارسها الولايات المتحدة تجاه كورية الشمالية. دبلوماسية تهدف إلى تفكيك السلاح القائم وإلغاء الحوافز لاستخدامه. وهي سياسة بعكس العقوبات الاقتصادية. سياسة تمنح إيران مكانة دولية تسعى إليها، ولأجل ذلك، بالإضافة إلى أسباب أخرى، تقوم بتطوير قدرات نووية. سياسة تشرك الدول العربية وأيضا إسرائيل، بدلا من تلك التي تعني إملاءات غربية على العالم العربي والإسلامي. وفي الواقع هي نفس السياسة التي يجب تبنيها الآن، وخاصة عندما تسمع في إيران أصوات مستعدة لإجراء مفاوضات جدية".

ولكن، يقول، يبدو ن السياسة تجاه إيران قد دخلت في مسار تلقائي مريح، لدرجة أن هدف العقوبات ليس معاقبة إيران، وإنما لإظهار أن المجتمع الدولي لا يزال "حيا يرفس"، وأن الإنجاز الحقيقي هو عناق ساركوزي لبوش..

التعليقات