"ليس من شأن الشاباك"..

-

وإن لم تأت على ذكر صحيفة "فصل المقال"، والتي كانت أول صحيفة يصلها رسالة/ رد جهاز الأمن العام بشأن الحفاظ على الطابع اليهودي للدولة، حتى في ظل نشاطات ديمقراطية لا تتعارض مع القانون، فقد تنبهت صحيفة "هآرتس"، وإن كان متأخراً، إلى المخاطر التي تنطوي عليها الرسالة، والتي تجعل من الشاباك فوق القانون، والتي ستؤدي إلى نوع من تفعيل "شرطة على الأفكار" وتحديد حرية التعبير السياسي، خاصة وأن هذه الصلاحيات الممنوحة للشباك قد منحت الطابع الرسمي من قبل المستشار القضائي للحكومة، ويكفي أن يسمح بذلك رئيس الحكومة أو وزير الأمن، بدون الحاجة إلى مراقبة قضائية، أي أن المسألة ستكون خاضعة للاعتبارات السياسية لرئيس الحكومة ووزير الأمن.

وبحسب الصحيفة فإن جهاز الأمن العام هو المسؤول عن أمن الدولة، إلا أنه ليس المسؤول عن المحافظة على الغالبية اليهودية فيها، والتي من المفترض أن تبرر لجوء أجهزة الأمن إلى إستخدام سلطة القانون لمنع نشاطات، حتى لو كانت ديمقراطية ولا تتعارض مع القانون.

وكتبت صحيفة "هآرتس":

[[يرى جهاز الأمن العام (الشاباك) بنفسه مخولاً بتفعيل وسائل المراقبة التي تمس بالخصوصية، وبضمن ذلك التصنت السري، في الحالات التي يتم فيها "التآمر ضد الطابع اليهودي للدولة"، حتى لو كانت هذه الحالات لا تنطوي على مخالفة لأي قانون. جاء ذلك في رسالة رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، يوفال ديسكين، إلى جمعية حقوق المواطن ومركز "عدالة"، بناء على توجيه من المستشار القضائي للحكومة، ميني مزوز.

وجاء في رسالة رئيس الشاباك أن لجهاز الأمن العام دوراً حيوياً في واقع الحياة في إسرائيل، ولذلك منح سلطات وصلاحيات واسعة النطاق. كما أكد على أن جهاز الأمن العام مسؤول عن المحافظة على أمن الدولة، وعلى النظام الديمقراطي ومؤسساته من مخاطر "تآمرية"، من الممكن أن يكون بضمنها تآمر على تغيير أسس الدولة من خلال إلغاء طابعة الديمقراطي أو طابعها اليهودي.

موقف رئيس الشاباك هو إشكالي لكونه يتضمن، حسبما يبدو، خطراً على التدخل في حرية التعبير السياسي، الذي يعتبر حقاً أساسياً جوهرياً بموجب قرار المحكمة العليا. وهذا الموقف من الممكن أن يؤدي إلى مراقبة أكبر وتدخل في النشاط السياسي للمواطنين، الذي لا يتجاوز الخطوط الحمراء باتجاه نشاط يتعارض مع القانون.

يمكن أن يستند موقف رئيس الشاباك، الذي حظي بدعم المستشار القضائي للحكومة، إلى قانون الشاباك من الناحية الرسمية، الذي تمت المصادقة عليه في الكنيست في العام 2002، وبحسبه فإن الشاباك مسؤول عن المحافظة على أمن الدولة والنظام الديمقراطي في "وجه تهديدات الإرهاب والتخريب والتآمر.."، وقد اصطدم هذا التعريف الواسع في حينه بانتقادات شعبية واسعة، إلا أن الكنيست صادقت على هذا النص الجارف، والذي يتطلب دراسة مجددة بحد ذاتها. فالصلاحية الواسعة التي منحت للشاباك هي إشكالية أيضاً على ضوء حقيقة أن قانون التصنت يمنح رئيس الحكومة أو وزير الأمن صلاحية السماح بإجرائه بدوافع الدفاع عن "أمن الدولة"، بحسب طلب رئيس الشاباك. وهذا السماح بالتصنت، والذي من الممكن أن يمس بشدة بالخصوصية في ظل عدم وجود تعريف واضح لمصطلح "أمن الدولة"، لا يتطلب المراقبة القضائية، مثلما تفعل الشرطة في حال التصنت من أجل منع ارتكاب مخالفات جنائية.

وفي كل الحالات، وأيضاً قبل إعادة اختبار هذه القوانين من جديد، يجدر إجراء دراسة أخرى لرسالة رئيس الشاباك، التي أصبحت في الواقع كتوجيهات من المستشار القضائي، والتي توفر للشاباك مجالاً واسعاً من العمل الذي يهدف إلى الحفاظ على طابع الدولة كدولة يهودية وديمقراطية. ومن الممكن أن يؤدي تخويل الشاباك تحقيق هذا الهدف إلى تفعيل "شرطة أفكار" وإلى ممارسات غير معقولة وغير منصفة قد تزيد أضرارها على فوائدها. فجهاز الأمن العام بحد ذاته هو المسؤول عن المحافظة على أمن الدولة، وليس على الغالبية اليهودية فيها، وعليه أن يمنع نفسه من كل نشاط ينطوي على اختراق عمليات سياسية تجري في إطار القانون، وليست مخالفة له.

ومن المستحسن أن يقوم المستشار القضائي بإعادة النظر من جديد في الرسالة التي منحها الطابع الرسمي من أجل ضمان عدم المس بحرية التعبير السياسي التي لا تتعارض مع القانون]].

التعليقات