"هآرتس": التهديد الاساسي لمخطط شارون يكمن في تصعيد الانتفاضة

"قمة الضعفاء". هكذا وصف المراسل السياسي لصحيفة "هآرتس"، ألوف بن، اليوم الثلاثاء، لقاء الرئيس الامريكي جورج بوش ورئيس حكومة اسرائيل، أريئيل شارون، في البيت الابيض، غدا الاربعاء. فمنذ لقائهما السابق انزلق شارون وبوش الى ادنى مستوى سياسي من ناحية شعبيتهما في استطلاعات الرأي، بوش في الولايات المتحدة وشارون في اسرائيل. كما جيش بوش متورط في عمق الوحل العراقي وعليه بذل جهد كبير من اجل الفوز على المرشح الدمقراطي جون كيري، فيما تلاحق شارون ظلال التحقيقات ضده للاشتباه بتورطه بقضايا فساد وتلقي الرشوة والقرار الذي سيصدره عما قريب المستشار القضائي للحكومة، ميني مزوز، فيما اذا ستتم مقاضاة شارون بخصوص قضية "الجزيرة اليونانية". واضافة الى تراجع شعبية شارون فان مسا كبيرا لحق بشعبيته لدى الجمهور في اسرائيل.

ولفت الكاتب الى ان لقاء بوش-شارون سيتم في ساعة بث نشرات الاخبار المركزية في اسرائيل. كما ان بوش سيستضيف شارون في جناح السكن في البيت الابيض. واضاف ان هذه المشاهد تهدف الى ايصال رسالة الى الاسرائيليين عامة، والى منتسبي "الليكود" الذين سيشاركون في الاستفتاء على اقرار "فك الارتباط" خاصة، مفادها ان "الرئيس معنا، وامريكا تؤيد شارون وخطته لفك الارتباط.
ومضى الكاتب انه يتوجب ان تتردد هذه "الرسالة"، ايضا، في رام الله، في غزة، في العواصم الاوروبية وفي الدول العربية. والرسالة الموجهة الى هذه الدول مفادها ان عليهم النظر الى شارون كمن يقود السياسة الامريكية في الشرق الاوسط وان القوة الاعظم في العالم تقف وراء "مبادرته". وان كل من حاول تجاوز شارون بإعادة ياسر عرفات الى مركز الحلبة وتقويض شرعية جدار الفصل العنصري والعمليات العسكرية التي ينفذها جيش الاحتلال الاسرائيلي، تكسرت محاولاته هذه على اسوار الفيتو الامريكي في مجلس الامن ومن خلال التأييد لشارون.

وأكد بِن ان بوش يتوق الى تحقيق نجاح ما في الشرق الاوسط، لتليين حدة التقارير التي تتحدث عن ادارة فاشلة للحرب في العراق وحول الاخفاقات في تأهب ادارته لهجمات 11 ايلول 2001. ورأى الكاتب ان التزاما اسرائيليا بإخلاء المستوطنات من قطاع غزة من شأنه ان يظهر لمنتقدي بوش، في الولايات المتحدة، اوروبا والعواصم العربية، ان الحرب على العراق نجحت في تقويض النظام القديم، المتحجر والمنهك في الشرق الاوسط. وزاد قائلا انه اذا كان شارون، ابو الاستيطان، يستعد لاخلاء مستوطنات، "فربما هناك بريق أمل لدمقراطية بوش في العالم العربي(!). وسيكون هذا الرد على الادعاء المنتشر ضد بوش بانه ترك الاسرائيليين والفلسطينيين يقتلان بعضهما البعض".
ورأى بِن ان تبادل الرسائل بين بوش وشارون، الذي سيكون في صلب القمة، يعبر عن تسوية بيت التوجهات المتناقضة لمن صاغها. وكتب ان "رئيس الحكومة (شارون) مستعد لتخليد اتفاق مرحلي احادي الجانب لسنوات طويلة قادمة في المناطق (الفلسطينية المحتلة) وسحب ما تبقى من مكانة الشريك السياسي من سلطة ياسر عرفات الفلسطينية ومن مجموعة أوسلو-تونس. ومن ناحية شارون، على الفلسطينيين ان ينسوا لفترة طويلة اقامة دولة مستقلة، من غالبية مناطق الضفة ومن القدس".

ولكن الامريكان لديهم أولويات مختلفة. فقد ارادوا الحفاظ، على الورق على الاقل، على رؤيا "خارطة الطريق" والدولة الفلسطينية غير المنفذة، وضمان ان الاخلاء المخطط له لن يسد الطريق امام تنفيذ هذه الرؤيا في المستقبل. ولذلك، كتب بِن، طلب الامريكيون من شارون تعهدا بان "فك الارتباط" هي جزء من تنفيذ "الرؤيا" و"خارطة الطريق". ولكن "هذه كلمات جميلة غير ان لا اهمية كبيرة لها. في الواقع، الامريكان يسيرون على خطا شارون. حتى عندما عملوا على لجمه، تركوا له حرية عمل فيها الكثير من الكرم. وبقي الطابو الاخير حظر اغتيال عرفات، وشارون يحاول اتحرر من هذا الطابو ايضا. فيما حظي مسار الجدار الفاصل، الذي اثار مشاكل سياسية كثيرة، بموافقة امريكية فعلية، بعد اجراء تعديلات جزئية عليه".

وخلص الكاتب الى ان "التهديد الاساسي لخطة شارون مصدره ليس الامريكيين، حتى اذا تغير الرئيس، وحتى ليس أعضاء الليكود. الخطر الكبير هو ان يحاول الفلسطينيون تكرار انجازهم في غزة واخراج اسرائيل بالقوة من الضفة الغربية. وربما من اجل احباط ذلك، جدد شارون تهديداته حيال عرفات. الا ان التحدي الحقيقي بالنسبة لشارون يكمن في الحفاظ الامن ومنع اندلاع موجة ارهاب جديدة، لن تتمكن الرسالة الى بوش من احباطه"..

التعليقات