"يشترونهم بثمن بخس.."

عكيفا إلدار - هآرتس يشترونهم بثمن بخس..

عشية الخروج إلى أنابوليس احتدم الجدل في المقاطعة حول السؤال: هل ينبغي أن يشارك محمود عباس في استعراض جورج بوش وإيهود اولمرت. وفي اللحظة الأخيرة تبين للفلسطينيين أن رئيس الوزراء تراجع عن تعهده بأن يتطرق بيان أنابوليس بشكل واضح وملزم لقضية واحدة على الأقل من القضايا الجوهرية. المعارضون قال يكفي تعهدات عبثية من الإسرائيليين بتفيكك حواجز وإخلاء بؤر استيطانية والتظاهر بالكرم الزائد في إطلاق سراح أسرى. وحذروا من أن مؤتمر سلام عاقر سيكون خيبة أمل لن يتحمله الجمهور الفلسطيني. وتحدثوا عن سخرية حماس من مهزلة أنابوليس. الادعاء الذي رجح الكفة في النهاية هو أن من دون مؤتمر السلام في أنابولبيس لن ينعقد مؤتمر الدول المانحة في باريس، أي ان الأزمة الاقتصادية تغلبت على الأزمة السياسية

برر أولمرت رفضه لذكر حدود الرابع من حزيران عام 1967 في البيان الختامي لقاء أنابوليس ولتعهد بجدول زمني لانتهاء المفاوضات- بضغوطات سياسية. وشرح قائلا إن أفيغدور ليبرمان هدد بسحب يسرائيل بيتينو من الائتلاف الحكومي والدفع باتجاه انتخابات جديدة. كان بإمكان إيهود باراك أن يقول لألمرت "نحن شراكاؤك الرئيسيون في الائتلاف. وإذا كنت تنوي تفويت هذه الفرصة نحن في الخارج". باراك كما هو معروف لم يتفوه بكلمة، هو بكل الأحوال لا يثق بقدرة عباس ورفاقه في قيادة فتح للتوصل إلى اتفاق دائم.

حتى في الجناح الحمائمي لحزب العمل لم يعترضوا على مشاركة رئيسهم في استعراض أنابوليس. يولي تمير التي أتت إلى الحلبة السياسية من حركة السلام الآن، كانت منشغلة في إضراب المعلمين، وعامي أيالون الذي أتى من اتفاقية أيالون-نسيبة، كان منشغلا بالدعوة إلى حملة عسكرية في قطاع غزة. المعارضة: يوسي بيلين وحاييم أورون الذين تابعا عن كثب الاتصالات بين أولمرت وعباس بلعا لسانيهما. قيادة ميرتس(باستثناء زهافا غلؤون) منحت رئيس الوزراء دعم اليسار الصهيوني بسعر نصف مجاني. واكتفت بتعهد عام بأن القضايا الجوهرية والتي أسقطت من البيان الختامي للقاء أنابوليس سيتم التطرق إليها في المفاوضات، والتي ستبدأ بعده.

ويتبين أن اليسار الصهيوني كان بالنسبة له مهاجمة شمير على إقامة مستوطنة موريشيت أسهل من مطالبة أرئيل شارون بالتوقف عن تدمير السلطة الفلسطينية ومطالبة أولمرت بإخلاء بؤر استيطانية غير قانونية. لماذا الاهتمام بالصغائر طالما أن خريجي الليكود ينسحبون من غزة ويتوددون لأبي مازن؟

في الحقيقة لا يمكن تجاهل أن أولمرت سار طويلا في طريق التغيير من أجل أن يحذر من أن استمرار الاحتلال سيؤدي إلى نظام أبرتهايد ولنهاية الدولة اليهودية. الكلمات التي تصدر على لسان زعيم لها معنى. ولكن اليسار الإسرائيلي كان ينبغي أن يتعلم من تجاربه في حكومة باراك، فالحديث عن السلام دون أعمال سلام يمكن أن تنتهي بانتفاضة. رجال أوسلو في حزب العمل غضوا النظر عن سلسلة أخطاء باراك في إدارة العلاقات مع الفلسطينيين: بدءا من تفضيل المسار السوري ووصولا للإعداد المشوب بالخلل لكامب ديفيد. ووزراء ميرتس منحوه تسهيلات كبيرة في كل ما يتعلق بسياسة الاستيطان وحقوق الإنسان في المناطق الفلسطينية.

هل سمع أحد منكم حزب العمل وميرتس يطالبان رئيس الحكومة الإيفاء بتعهداته للأمريكيين وإخلاء البؤر الاستيطانية العشوائية؟ لماذا يؤمنون أن رئيس الوزراء الذي ينقض تعهدات رسمية من حكومته لرئيس الولايات المتحدة، سيحترم تعهداته في إدارة مفاوضات حول القدس؟ لماذا يمكن للمثل اليمين ليبرمان أن يهدد أولمرت بالانفصال عنه إذا ما وصلت مفاوضات الوضع الدائم إلى مراحل متقدمة، وممثلو اليسار لا يشترطون تقدم العملية السياسية بتهديد من هذا النوع.

التبرير والسلاح الأخير الذي يقول " من تريد بيبي(نتنياهو)؟"- لا يمكنه أن يكون ورقة التوت لليسار الصهيوني إلى الأبد. فيف كل الأحوال وحتى لو منحوا أولمرت الغطاء في حال فشل المفاوضات أو بسبب نتائج تقرير لجنة فينوغراد فإن ذلك سيعيد نتنياهو إلى السلطة، عاجلا أم آجلا.



التعليقات